تقتيل الطلاب وتجويع الشعب .. إلى متى ؟! (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) صدق الله العظيم مثل أكياس من القمامة، رمى رجال الأمن جثامين الطلاب الجامعيين، الذين يمثلون قمة هذا الشعب الكريم، وخيرة ابنائه الشرفاء !! عذبوهم حتى الموت، واستكثروا عليهم تسليم اجسادهم، التي شوهها التعذيب، الى أهلهم وذويهم، حتى تجهز الأجساد الطاهرة، ويصلى عليها، قبل ان تحمل الى مثواها الأخير.. وهؤلاء الشبان الشهداء من طلاب جامعة الجزيرة، لم يرفعوا ضد الحكومة سلاحاً، ولم يضربوا احداً، أو يهاجموا مرفقاً عاماً، ولا هم من المتهمين بالمحاولة (التخريبية) المزعومة، وكان جل جرمهم، أنهم إعترضوا على عدم إعفائهم من المصروفات الدراسية- مثلما اعفي ابناء دارفور في بعض الجامعات السودانية ومنها جامعة الخرطوم- حسب ما جاء في بنود اتفاقية أبوجا 2006م. ولقد دعتهم ادارة الجامعة للحوار، فانتدبوا مجموعة منهم، فإذا هو كمين، هاجمهم فيه طلاب المؤتمر الوطني من الأخوان المسلمين، المسلحين بالسيخ والعصي، والسكاكين، فأوسعوهم ضرباً .. ثم لم تكتمل المؤامرة الدنيئة بذلك، بل هاجمهم رجال الأمن، وضربوهم، واعتقلوا مجموعة منها هؤلاء الشهداء !! لقد هزم طلاب المؤتمر الوطني في الحوار السياسي و الفكري، في جميع الجامعات، فتحولوا الى عصابة موالية للأمن، ضد زملائهم، وهم إنما ينطلقون من حقد، وحنق، لأنهم وجدوا أنفسهم في وضع مشين، يضطرهم للدفاع الضعيف المهزوز، عن حكومة تجوع أهلهم، ويتصارع افرادها على الغنائم، التي نهبوها من شعبهم دون حياء !! إن المسؤولية الدينية، والاخلاقية، والوطنية، والقانونية، تطال بروفسير محمد وراق محمد عمر، مدير جامعة الجزيرة .. فإن لم يكن ضالعاً في هذه المأسآة، كما اشارت بيانات الطلاب، فكان يجب عليه ان يشجب تدخل رجال الأمن في جامعته، ويدين قتل طلابه، ويصر مع أسر الشهداء على التحقيق، والفحص، قبل استلام ودفن الجثامين. ولا يعفيه من هذه المسؤولية، كونه من الاخوان المسلمين، ويدين بالولاء لجماعته، وللحكومة التي منحته هذا المنصب، ووضعته فوق من هم أكفأ منه، من اساتذته، وزملائه .. وبالإضافة للمدير، فإن بيانات الطلاب، تشير الى تورط عميد الطلاب د. رضوان أحمد قسم السيد، ومسؤول الأمن الطلابي، السيد عبد الله حاج حمد، ونقيب أمن أبوبكر البطحاني، الذي ذكر بأنه من رجال الأمن، الذين قاموا بتعذيب الصحفية المناضلة سمية ابراهيم هندوسة. إن كل هؤلاء، يجب ان يقدموا للمحاكمة، ليحاكموا ان كانوا مدانيين، أو يطلق سراحهم إن كانوا أبرياء. والطلاب الشهداء هم : 1 الصادق يعقوب عبد الله المستوى الثاني، كلية العلوم الزراعية الدفعة 34. 2 أحمد يونس نيل المستوى الأول، الدفعة 35. 3 مبارك سعيد تبن المستوى الثاني، الدفعة 34. 4 عادل أحمد حماد المستوى الثاني، الدفعة 34. لقد سبق لهذا النظام المجرم، ان قتل الطلاب، وافلت من العقاب، حتى استمرأ هذا الجرم البشع .. فقد قتل من قبل طلاب من جامعة الخرطوم، منهم الشهيدة التاية، والشهيد بشير، والشهيد محمد عبد السلام، والشهيد محمد موسي بحر الدين، كما قتل طلاب من جامعة الفاشر، ونيالا، وبورتسودان، والدلنج وغيرها.. ولكن هذه الجريمة بالذات، ترفع جرائم النظام الى مستوى جديد يجب ألا يقبل أو يحتمل، لأنها تنطوي على عنصرية منتنة، وعلى تسلط أعمى، لا يلقي بالاً، ولا إعتباراً للشعب.. وهي في نفس الوقت، أختبار جديد، من نظام منقسم، متهالك، لشعب مجرب، صارع الدكتاتوريات من قبل، وصرعها. وبدلاً من ان تعلن الحكومة أنها ستحقق في هذه الجريمة المنكرة، ذهب إعلامها المأجور، يشيع الكذب، بأن الشهداء قد غرقوا في بركة النشيشيبة !! فهم من كثرة ما مردوا على الكذب، أصبحوا لا يميزون ما يمكن ان يجوز على الناس !! فمن الذي يصدق أن أربعة طلاب جامعيين، يمكن ان يغرقوا في بركة كهذه ؟! وهل إعتاد الطلاب من قبل على السباحة في هذه البركة ؟! ولماذا لم تسجل حوادث غرق أخرى قبل هذه ؟! ولماذا ذهبوا للسباحة في البركة مباشرة بعد مصادمة طلاب المؤتمر الوطني ورجال الأمن ؟! إن حادث حرمان طلاب دارفور بالجامعات، تعسفياً، مما هيأته اتفاقية أبوجا، تكرر في أكثر من جامعة، وأدى الى أحتجاجات أبناء دارفور، التي ساقتهم لمواجهة السلطة، والطلاب التابعين للمؤتمر الوطني. حدث هذا في جامعة النيلين، حيث حجبت الجامعة (400) من طلاب دارفور، المقبولين هذا العام، من التسجيل، بحجة عدم دفع الرسوم.. وفي جامعة بخت الرضا، وجامعة القرآن الكريم، وجامعة الزعيم الأزهري، وجامعة بحري، وجامعة السلام ببابنوسة، وجامعة الإمام المهدي بكوستي، وكل هذه الجامعات شهدت اعتصامات طلابية احتجاجاً على عدم إعفاء الرسوم لطلاب دارفور، كما هو مقرر ومعمول به في السنوات الماضية. لماذا هذه الهجمة المنظمة من الاخوان المسلمين، وحكومتهم، واجهزة أمنهم، على طلاب دارفور؟! ألأن كثير منهم قد خرج من تنظيم الاخوان المسلمين، ولحق بالمعارضة، بسبب المآسي التي تعرض لها أهلهم وذويهم ؟! وهم الآن إنما يريدون أن يبعدوهم من الجامعات، لأنهم اصبحوا يشكلون جبهة معارضة شرسة، تملك الحقائق لوقائع فظائعهم، التي ارتكبوها في دارفور، ويريدون ان يخفوها عن السودانيين وعن العالم ؟! ألهذا اتخذوا موضوع الرسوم الدراسية، ذريعة لارتكاب جريمة جديدة، في حق أهالي دارفور، هي حرمان ابنائهم من التعليم ؟! ألا يكفي أهالي دارفور ما حرقتم من قراهم، واغتصبتم من نسائهم، وشردتم من مواطنيهم، بين معسكرات النزوح واللجوء ؟! لقد احترفت هذه الحكومة تقتيل طلاب الجامعات، وهم أمل الأمة، ومستقبلها، فهي إذاً، لم تكتفي بتدمير واقع حياتنا، بل تعتدي الآن على مستقبلنا .. فإن لم ناخذ بيدها، ونمنعها، لن تترك لنا شيئاً الآن أو غداً.. كما أنها أيضاً تقوم عن قصد، بتجويع الشعب، حتى يعجز عن المعارضة السياسية، ويطمئن الاخوان المسلمون أنهم خالدون في الحكم !! ومن ضمن مخطط تجويع الشعب، استدامة الغلاء، وتصعيده .. فقد جاء عن الميزانية الجديدة لعام 2013م :(قدمت وزارة المالية ميزانيتها للعام الجديد اول امس للمجلس الوطنى، وخصصت للأمن والدفاع والداخلية (8,593) مليار جنيه، والقطاع السيادي 1.552 مليار جنيه، في مقابل (555) مليون جنيه للصحة، و (554) مليون جنيه للتعليم. وبحسب الارقام المعلنة فان ميزانية الدفاع والأمن تساوى (15) مرة ميزانية الصحة، و(15) مرة ميزانية التعليم ، واذا اضفنا ميزانية الدفاع والامن للقطاع السيادى فجملة ميزانيتهما (11,145) مليارجنيه، بينما جملة الصحة والتعليم (1) مليار جنيه، بما يعنى ان الأمن والسيادى يساويان ميزانية التعليم والصحة11 مرة ، ويفوقان الصحة والتعليم بنسبة (1100) %، هذا مع ملاحظة ان اموال الطوارئ، وهى مبالغ ضخمة، تخصص ايضاً للامن والصرف السياسى، فضلاً عن ان تقديرات ميزانيتى الصحة والتعليم غالباً ما لا يتم تنفيذهما فى الواقع على عكس ميزانيتى الامن والصرف السياسى . واعلنت الوزارة عن مراجعة فئات رسوم الخدمات في كل الوحدات الخدمية لتتناسب مع تكلفة الخدمة المقدمة "بما يعنى زيادة الرسوم الحكومية على الخدمات" )(حريات 9/12/2012م). هذه ميزانية حكومة لا تعبأ بشعبها، ولا تهتم بصحة وتعليم مواطنيها، وهمها الأكبر هو استغلال مواردهم، لحماية أعضائها، وحراستهم بالأمن والدفاع !! وإغتصاب أموال الشعب، بهذه الصورة البشعة، وتوظيفها بتلك الطريقة الجائرة، يتم في حكومة الأخوان المسلمين باسم الإسلام، واسم الشريعة، فهل هنالك إساءة للإسلام وللشريعة، أبلغ من هذه التي يلحقه بها أدعياؤه ؟! ومع كل ذلك، يحاول الاخوان المسلمون، تمرير خيانتهم للشعب بالكذب والتضليل، فالوضع حسب الميزانية الجديدة، سيكون أسوأ من العام الماضي، ولكنهم يدلسون، ويضللون، ويطرحون الميزانية وكأنهم سيحسنون الوضع، حتى تفضح الأرقام العبارات المنمقة الكاذبة.. فقد جاء ( مشروع موازنة 2013 يعلن عن خفض التضخم إلى 20% بينما قدرت موازنة هذا العام 2012 نسبة التضخم ب(17%) موازنة 2013 تستهدف الحد من عجز الموازنة ليبلغ 10 مليار جنيها وعجز موازنة2012 كان 9.6 مليار جنيها !! موازنة 2013 تريد تخفيض الواردات إلى 7.2 مليار دولار، بينما حجم الواردات لهذا العام 7 مليار دولار. الموازنة تستهدف ترشيد الإنفاق العام ليبلغ 35 مليار جنيها بدلاً عن 28.7 مليار جنيها، إنها الأهداف المعكوسة في مباراة موازنة2013 والتي لم يشاهدها مجلس وزراء النظام، ولن يشاهدها مجلسه الوطني عندما تعبر فوقه بعد أيام قلائل.)(صحيفة الميدان 9/12/2012م). إن العام المقبل سيكون أكثر غلاء، ويستمر تجوييع الشعب، وضغطة تحت مطحنة الغلاء، وسوف تستغل الاموال التي نهبت منه، لدعم أجهزة الأمن في المزيد من قمعه، وقتله، إذا استنكر ما هو مقبل عليه من تجوييع منظم، وافقار متعمد، تظن حكومة الاخوان المسلمين الخرقاء، انها ستحافظ بها على الكراسي، التي بدأت تهتز، تحت وطأة لعبة التسابق حولها، بمجرد انتهاء خديعة مؤتمر الحركة الإسلامية الفاشل. إن هذه الحكومة تقتل الطلاب، وتجوع الشعب، وهذان سببان كافيان للثورة عليها.. فيجب ألا تكتفي القوى السياسية، والاحزاب، والحركات، والتجمعات، والروابط، بمجرد بيانات الشجب والإدانة .. وإنما ينبغي ان تحدد مطالب معينة، تعتصم من أجلها، في ميدان عام، حتى تتحقق .. ويمكن ان يكون من ضمن المطالب: عزل مدير جامعة الجزيرة، وعزل رئيس جهاز الأمن، وعزل والي الجزيرة .. ولمحاربة التجويع، تكون المطالب: تخفيض سعر السكر، والبنزين، واللحم، والدواء، ورفع المرتبات. فإذا لم تحقق الحكومة هذه المطالب، وواجهت الحكومة المعتصمين بالعنف، يرتفع سقف المطالب إلى اسقاط النظام. ويجب ألا نترك الطلاب وحدهم في الشارع، بل ينزل معهم كل الشعب، خاصة القيادات الكبيرة، في الاحزاب، والتجمع، ومنظمات المجتمع المدني، وكبار المسؤولين في الخدمة المدنية، ولنستفيد من تجربة الثورة المصرية في التدرج، والإلتفاف حول المطالب، ومخاطبة القضاة والمحامين والاطباء وكافة المهنيين تمهيداً للإضراب السياسي العام حتى نزيل هذا الكابوس. د. عمر القراي
-- عبدالله عثمان وذو الشوق القديم وان تعزى مشوق حين يلقى العاشقينا