www.dabaiwa.com ابلغني الموظف المصرفي الشاب والذي ينتمي الى احدى الدول الأفريقية أنه لا ينام في اليوم سوى أربع ساعات بين الثالثة والنصف والسابعة والنصف صباحاً! ما إن ينتهي دوامه في المصرف حتى يهرع الى قيادة سيارة التاكسي التي يعمل عليها حتى الساعات الأولى من الصباح. زوجته لم تحتمل ذلك الروتين فهجرته. هو لا يتصل كثيراً بأهله في الخارج بسبب حرصه على توفير نفقات الإتصال الدولي المرهقة. كان سعيداً جداً وهو يقص علي أنه يتصل اسبوعياً مرة واحدة بقريبه الذي يعمل في مكتب رئيس الوزراء في وطنه الأم. الحكاية وما فيها أن الشاب يعمل على توفير مبلغ مائة ألف دولار يقدمها لقريبه في مكتب رئيس مجلس الوزراء مقابل تعيينه قنصلاً في إحدى المدن الأسترالية الكبرى! هذا منصب رائع ، في نظره، إذ يتم تعيينه في بلده ثم اعتماده في البلد المضيف ويحصل على وضع دبلوماسي يؤهله لتفادي الضرائب الكثيرة التي تفرض على المواطنين ويحصل على تخفيضات في أسعار السيارات، والوقود، والعطور، والملبوسات، والتبغ، والنبيذ! صحيح سيتوجب عليه استئجار مقر للقنصلية وتأثيثه ووضع صورة حاكم بلاده في مكتب الإستقبال لكنه، والحق حق، فإنه يحق له فرض الرسوم التي يراها مناسبة لتوثيق معاملات المواطنين، وزيجاتهم وطلاقاتهم، وتجديد جوازاتهم وهوياتهم، واستخراج شهادات الميلاد لأطفالهم! أسيت لحال بلد الصديق (المسكين) برهة لكنني غبطتهم في نهاية الأمر وقلت ليت هذا يحدث في بلادي! بعد حين قرأت إفادة الأستاذ ضياء الدين بلال، رئيس تحرير الزميلة السوداني (12 فبراير 2013) عن رحلة الوفد المشارك في مؤتمر برلين لدعم حكومة السودان والتي كتب ضمنها " أن السيد وزير الخارجية علي كرتي قام شخصياً بدفع أغلب تكاليف الرحلة من حسابه الخاص"! ثم قرأت رد وزارة الخارجية التي أكدت " تدخل وزير الخارجية في الوقت الحرج وتحمل مسئولية تسفيره (أي الوفد) دون وجود تغطية مالية" ! إذن وزارة الخارجية وافقت الصحفي الرفيع على أن السيد الوزير دفع النفقات نيابة عن حكومة السودان وهذا يعني أن (جيبهما واحد) مما يعني بناء على ذلك أيضاً أن تسفير الوفود ونفقات إقاماتهم ليست من القضايا التي يؤبه لها في الحسابات بين الأخوان. ربما يقول الوزير لأخته الحكومة (ما بيناتنا)! أسعدني الخبر إذ توقعت ان تكون حكومة السودان قد باعت وزارة الخارجية للسيد علي كرتي ويمكنه بعد هذا ان يديرها كشركة قابضة تتولى الأعباء الإدارية في المركز الرئيسي بشارع الجامعة بالخرطوم، على ان يقوم ببيع السفارات والممثليات الكثيرة في الخارج على نظام (الفرانشايز) الذي تباع به سلاسل مطاعم الوجبات السريعة. هذا النظام الجديد سيدر على المركز الرئيسي للوزارة/ الشركة اموالاً هائلة هي رسوم الفرانشايز وسنستفيد نحن الشعب من الرسوم والضرائب والجبايات التي يمكن أن نفرضها. الفائدة الثانية أن الحكومة لن تكون مسئولة عن مرتبات الآلاف من الموظفين، ومصاريف سكنهم، وعلاجهم، وتذاكر سفرهم وإجازاتهم وبدلات لبسهم ونفقات تعليم أبنائهم، وشراء مقرات عملهم، وتمويل مؤتمراتهم التي لا بد تكلف مئات الملايين من الدولارات سنوياً. على هذا النحو ستقوم السفارات بخدمة المواطنين الذين سيتحولون من (رعايا) الى (عملاء للشركة) بكل تفان (بى حقهم). من جانب آخر سيخسر معارضو لندن وواشنطن والقاهرة الأماكن المفضلة لتظاهراتهم المعارضة للنظام لأن التظاهرات لا تتم أمام مباني الشركات. إن نجحت التجربة يمكن بيع بعض الوزارات الأخرى بالتدرج واقترح بيع وزارة الصحة الإتحادية للدكتور مأمون حميدة ووزارة الثقافة لشركة زين والتلفزيون لإتحاد العطارين والأوقاف لمدير الأوقاف السابق ومشروع الجزيرة للمتعافي وهلم جراً. ملحوظة: ليست هناك ضرورة للبيع بنظام العطاءات ويمكن للحكومة أن تبيع بالأمر المباشر، لذا لزم التنويه!