الدكتور عصام أحمد البشير في إحدى الخطب السابقة قال إن الخطاب الديني بالبلاد ليس جاذباً. وقال كذلك إن حالة الفراغ التي يعيشها الشباب سببها افتقادهم للقدوة. كلام الدكتور عصام البشير يؤكده على الواقع بعض الممارسات التي ينتهجها الكثير من الدعاة الذين أصبحوا منفرين أكثر من كونهم جاذبين... خطابهم غير مواكب ولا متسق مع أفكار الشباب المعاصر الذي يتطلع إلى من يفهم تركيبته النفسية وحاجاته المختلفة. ولذا أصبح البون شاسعاً بين الدعاة والشباب. ولا ينفي ذلك وجود بعض الدعاة الشباب الذين يتميزون بأسلوب جذاب وأفكار متجددة في الدعوة علاوة على امتلاكهم ناصية البيان والتأثير. كما أنهم يمتازون بانشغالهم بالقضايا التي تقع في صلب اهتمامات الناس خاصة فئة الشباب. ولذلك فقد تمكنوا أن يجتذبوا العديد من الشباب وكانوا سبباً في هداية الكثير منهم ممن حاد عن الصواب وعادوا بسسبهم إلى الطريق الصحيح. لم يكن هؤلاء الدعاة بعيدين عن الناس، ولا منزوين في ابرجهم العاجية مثل حال الكثير من الشيوخ الآن.. وإنما تنزلوا لهم فكانوا يذهبون لأماكن تواجدهم يقتحمون مجالسهم ويشاركهونم في نقاشاتهم كأي فرد منهم، فزادوا منهم قرباً وتأثر بهم الشباب. هؤلاء الدعاة هم نموذج مثالي لما يجب أن يكون عليه الداعية، ان يقتربوا من الناس لا يبتعدون عنهم و يخلقوا بينهم المتاريس والحواجز... هذا ما يجب أن يكون عليه الخطاب الديني من غير تشدد أو تزمت. الخطاب الديني اليوم في غالبه بتسم بالتقليدية، وهو خطاب أحادي الاتجاه يقوم على منهج التلقين دون الأخذ في الاعتبار رجع الصدى والتفاعل. وهو خطاب إنشائي لا يدع المجال للتدبر وإعمال العقل. كما أنه لا يهتم بمستجدات العصر الراهن، ويغوص في رؤى الماضي دون أن يسقط منهج الماضي على روح الحاضر أو الواقع المتغير. بعض الدعاة غارقون في التقليدية ولا يعترفون بتغير العصر وأدواته، وحتى في ممارساتهم المظهرية هم أبعد ما يكونوا عن سمت الشباب وهم بذلك أكثر ممن ساهم في ابتعاد الشباب وعدم اجتذابهم لخطابهم ومن ثم نفورهم. بعض الدعاة لا يعرف حتى الابتسام، فهو عابس الوجه، مقطب الجبين. وبعضهم ينتهج للدعوة أسلوباً عنيفاً منفراً . فماذا نتوقع من حال كهذا سوى زيادة الفجوة بين الدعاة والشباب، وفقدان الشباب للقدوة التي تأسر قلبه وعقله وتستطيع اقناعه بالطريق الأفضل الذي يجب أن يسلكوه. لا غرابة إذن أن يتسلل لهم الفراغ ويفتقدوا القدوة التي أشار اليها الدكتور عصام أحمد البشير.