بسم الله الرحمن الرحيم نشرت صحيفة " الإنتباهة " المملوكة للخال الرئاسي ، بعددها رقم 2529 ، الصادر بتاريخ 21 مارس 2013م ، إعلاناً منسوباً لإدارة استخدام السودانيين بالخارج ، بالإدارة العامة للاستخدام في وزارة تنمية الموارد البشرية، بالتعاون مع وكالة أعمال أبو جمال . فمضمون الإعلان هو أن جهة ما بدولة الكويت لها وظيفة لفتيات بمواصفات معينة - منها : 1/ جمال الشكل على أن تكون البشرة غير " داكنة " 2/ ثلاث صور ملونة تبين الشكل من الرأس إلى القدم 3/ معلومات عن الطول والوزن والأمراض والعمليات الجراحية إن وجدت وقد أثار هذا الإعلان بمجرد ظهوره على صفحات الإنتباهة ، جدلاً واسعاً في المنابر الإلكترونية السودانية وفي الصحف المطبوعة وفي المجالس الخاصة والعامة للسوادنة ، حتى أن بعضهم وصف الإعلان ببالغ البذاءة والوضاعة ، وقال عنه البعض أنه في غاية الإستفزاز لنساء السودان ويحط من من كرامتهن الإنسانية . إلآ أنني أرى خلاف ما ذهب إليه منتقدي الإعلان ، وذلك للأتي : . أولاً - لا أعتقد أن هذا الإعلان يروج للدعارة أو المتاجرة بنساء السودان كما يزعم البعض ، ذلك أن الترويج للأعمال غير الأخلاقية عادةً لا تتم نشرها بهذا الشكل والطريقة . ثانياً - الشركة الكويتية صاحبة الإعلان - شركة تجارية خاصة ، ولها مطلق الحرية في نشر الإعلانات التي تتناسب معها طالما لا تخالف القانون . ثالثاً - السؤال المهم هنا هو كيف تكون الشروط الواردة في الإعلان انحطاطاً لكرامة نساء السودان ؟ وهل سواد البشرة مثلاً انحطاط لكرامة الإنسان ؟ . رابعاً - الجهات التي ملأت المنابر والصحف ضجيجاً وزعيقاً ، إحتجاجاً على أن الإعلان ينطوي على شبهات ترتقي إلى مرتبة اليقين حول نوعية الوظائف وطبيعة الأعمال التي يراد لفتيات السودان أن يقمن بها ، عليها أن تتقدم بشكوى للمحاكم إذا أصابها أي ضرر أو أذى . نعم - الضجة التي أثيرت حول الإعلان ، ضجة مصطنعة يقف من وراءها سبب آخر ، وهذا السبب الآخر هو أن هذا الإعلان صادر عن جهة عربية تابعة لدولة الكويت ، وموجه لنساء دولة السودان (؟) ، وتشترط الجمال ، وأن تكون البشرة غير " داكنة " . وطبعاً أكثر ما يزعج السودانيين ويحرق دماءهم هو أن يصفهم العرب بسُود البشرة وحاجات زي دي ، ويقولوا عنهم كلاماً غير الذي يقولونه عن السوريين والعراقيين والخليجيين وغيرهم ، والإعلان الصادر عن الشركة الكويتية إذا يقول صراحةً يا صحيفة الإنتباهة ( أجلبي لنا نساء من السودان ، لكن ببشرة غير داكنة !! ) ، وهذا الشرط يعتبره ناس السودان إستفزازاً ، بل عدواناً وانحطاطاً لهم . هذا هو الموضوع كله . فمثلاً لو كانت الجهة صاحبة الإعلان شركة سودانية وقالت أنا عندي وظائف لسودانيات ، لكن بشروط معينة - منها أن تكون المتقدمة جميلة وببشرة غير داكنة ، لكان مرّ هذا الإعلان دون ضجة وضوضاء ، ولنا مليون حالة كهذه في سودان الإنقاذ وغير الإنقاذ .. فعلاما الإنزعاج والجعجعة ؟ . السودانيون شعروا بالضيق والإنزعاج من هذا الإعلان ، بل بالخجل من أنفسهم ، لأن الإعلان يصفهم بسُود البشرة . هذه المشاعر تحولت سريعا لموجة غضب وهيجان وعدوان ضد الخال الرئاسي ، وذلك للتعويض عما يعتبرونه انحطاطاً لكرامتهم الإنسانية . هذه هي الحقيقة من دون رتوش ولف ودوران . إعتقادهم بأنهم عرب ، ومحاولتهم اليائسة باقناع الآخرين بهذا الإعتقاد ، تطور الى مرض نفسي سمي بعقدة النقص ، مما أثر سلباً عليهم ، في أفعالهم وتصرفاتهم .. حيث وجدناهم يتحدثون كثيراً عن أجدادهم المزعومين من " عباس وعلي وسفيان وووو " دون أن يُسألوا عنهم ، يهوون مقارنة أنفسهم بالجزائريين والسوريين واللبنانيين ، وووووو . ختاماً - نقول إن زعل السودانيين في موضوع الإعلان ، زعل في غير محله ، كما أن هجومهم على الخال الرئاسي وصحيفته كمن عينه في الفيل ويطعن في ظله . فالإعلان صادر عن شركة تجارية عربية كويتية ، فإذا كان أصحاب الإحتجاجات تضرروا منه ، فعليهم إذن رفع أمرهم لأمير الكويت أو للجامعة العربية لتعويضهم عن أي ضرر أصابهم . إلآ أن رفع الشكوى للجامعة العربية أو لأي جهة أخرى لا يغير من واقع أن أهل السودان " قوم سُود " لكنهم بثقافة غير ثقافتهم . والسلام عليكم...