تفور وتغلي الساحة السياسية الفرنسية هذه الايام أثر الاعترافات الاخيرة لوزير الميزانية الفرنسي جيروم كوزاك، الذي قدم استقالته من الوزارة بعد اتهامه بامتلاك حساب بنكي بسويسرا قبل وصوله للوزارة،، وقد أنكر الوزير بدايةً ثم اضطر لتقديم استقالته في تاريخ 18 مارس2013م، ثم عاد واعترف في 2013/04/02 بامتلاكه لحساب بنكي خارج فرنسا منذ عشرات السنين، وبعد اعترافه تم اتهامه بتبيض الاموال والتهرب الضريي.، يجدر بالملاحظة أنها أمواله الشخصية!!! التي اكتسبها بوصفه طبيب جراح بدايتاً وشريك في مستوصف لعمليات زراعة الشعر، ثم صاحب مكتب استشارات بعد ذلك. و تم تقديم اقتراح بشطب اسمه من الحزب الاشتراكي الحاكم وقال رئيس الوزراء الفرنسي الحالي جان مارك إيرو بأن جيروم كوزاك غير جدير بان يواصل تولى المسئولية، وقال الوزير المستقيل بانه طلب السماح والعفو من الشعب الفرنسي ومن رئيس الوزراء. هذا ما كان من امر الحزب الاشتراكي الحاكم هذه الايام . اما الحزب اليميني المعارض والذي حكم خلال السنوات السابقة، فيقوى هذه الايام احتمال تقديم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي للمحاكمة باعتباره استغل كبر سن أغني أمرأه في فرنسا وفي العالم لتمويل حملته الانتخابية في عام2007م بمبالغ تتجاوز عشرات المرات الحد المسموح للتبرع!!! ومن شبه المؤكد أنه في أحسن الفروض سيحرم من حقوقه الدستورية وأهمها ترشحه مرة ثانية للرئاسة الفرنسية في 2017م. كذلك في هذه الايام تم إصدار الحكم بحق الزوجين إكزافييه وجون تيبيري المحافظ الاسبق لمدينة باريس بتهمة التلاعب في نتائج الانتخابات للدائرة الخامسة بباريس في عام 1997م ، وهم كذلك من الحزب اليميني. ومن باب الشعور بالمسؤولية والجرح في الكرامة، نجد أنه قد انتحر في الايام الماضية طبيب مسؤول عن برنامج تلفزيوني شهير هو برنامج تلفزيون الواقع بسبب ان احد المشتركين في البرنامج توفي بالصدمة القلبية، واتهم الطبيب بالتقصير في عمله. ومن الاحداث السياسية التي قد يكون لها علاقة بالمسؤولية ايضاً نجد أنه في يوم 03/04/2013م انتحر بطلقات الرصاص الرجل الثالث في الشرطة القضائية بباريس وكان مرشحاً لأن يصبح الرجل الاول. ولم يعرف السبب حتى الان. هذا بخصوص المسؤولين في فرنسا. أما في بلادنا حيث يدخل اخترام المسؤولية تحت باب "خلوها مستورة" وفقه السترة ، فأن المسؤول اللامسؤول عندما يرتكب خطأً ما، يكافئ بدايةً ب "استراحة محارب" ثم يُرّفع من وزير داخلية لوزير دفاع!!! فيبدع نظرية "الدفاع بالنظر" ثم يستورد مدرعات "دبابات" فاسدة من دولة بيلاروسيا تتسبب في مقتل عشرات الضباط، فيكافئ بأن يصبح فريق أول ويكون من ضمن المرشحين لخلافة البشير في رئاسة الجمهورية في 2015م !!! وإن كان المسؤول والياً لمنطقة مثل القضارف وأفسد ما شاء أن يفسد فمنح عطاءً بمبلغ 4 مليار بالقديم لاستيراد مواد بناء وصيانة مستشفى القضارف لجهة يعرفها هو دون مناقصة، يُرّفع لوالي للعاصمة أي الخرطوم، وقد تناقلت الاخبار بأنه عندما كثرت الشكاوى ضد ذلك الوالي، أقيم له حفل وداع و"أهدي إليه من متاع الدنيا سيارة "برادو" وقطعة أرض سكنية في المشروع الإسكاني في المنطقة الحكومية ومشروع زراعي في منطقة سمسم وقندولا من الذهب الخاص للسيدة حرمه، ويقال أن وزارة المالية في ولاية القضارف قد دفعت مبلغا كبيرا من خزينة الدولة لهذه المناسبة" !! وهو نفس الوالي الذي يفتخر بأنه "اصبح في الخرطوم اكثر من الف مسجد" !!!، أنشد استاذي حسن علي الطاهر في الثمانينات "حطموا نصف المساجد في بلادي فهي أكثر عدداً من قاصديها، وأقيموا ملجأ للذل فيها" ، وخاصة أنه على بعد خطوات من تلك المساجد يكثر كل يوم عدد الاطفال حديثي الولادة عديمي الوالدين ويزداد عدد الدور المشابهة لدار المايقوما.!!! صدح العطبراوي "تمشي الملايين الحفاة العراة الجائعون مشردون، في السفح في دنيا المزابل والخرائب ينبشون"، والمترفون الهائمون يقهقهون ويضجكون". واذا كان المسؤول مثل أبوهريرة حسين رئيس هيئة البراعم والناشئين السابق وسكرتير اتحاد الناشئين السابق بولاية الخرطوم والقائل في شهر ديسمبر 2012م ""كلفني جمال الوالي قبل 4 سنوات بمفاوضه هيثم- مصطفى - بأي مبلغ مع منحه شيك علي بياض وعرضت عليه 5 مليار كعرض مبدئي ولم يتردد في الرفض"، والذي يدلي باعترافات للبرنامج التلفزيوني نادي الاعتراف ويبرر انه كان يحمل الاموال في َ"ضهرية" صندوق سيارته، بأنه كان يدفع هنا وهناك لحلحلة مشاكل صغار المقاولين وانه مكلف من قبل رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية الذي صادق له بمبلغ 4 مليار لبناء استاد مدينة الجنينة!!!" وينطبق عليه المثل السوداني "الجقموه قرطع" ، خاصة وانه يقول بأنه يفتخر وليس نادم على ما فعله رغم انه قضى في الحبس 18 يوماً ولسبب ما لم يقدم للمحاكمة!!! "أنظر يا رعاك الله" ، فرد واحد من المقربين للرئيس ونائبه تطلق له حرية التصرف في مليارات الجنيهات من ميزانية الدولة التي تجمع من عرق المزارع وتمتص كضرائب من دم المواطن. وحتى عندما يتجاوز الفساد ملايين من الدولارات او المليارات بالجنيه القديم فهي لا تذكر وتدخل تحت بند التجنيب او المال السائب الموفر لزيادة التمكين عبر شراء "المؤلفة جيوبهم" من أثرياء المؤتمر اللاوطني حيث نجد أمثال أبو هريرة حسين)الناشئين( ، وعبدالعزيز عثمان وعبدالباسط حمزة اصحاب )لاري كوم( التي سرقت سوداتل، عابدين محمد علي )شركة الاقطان(، وتصرف عبدالعاطي هاشم) وحدة تنفيذ السدود مع أسامة عبدالله ( في 2 مليار يورو ، الشريف أحمد عمر بدر)بيع سودانير( لشركة عارف والفيحاء وبيع خط هيثرو . وغيرهم من أصحاب الأيدي المتوضئة الذي يسرقون "مال النبي" أي أموال الوقف واموال الحج والعمرة ويتاجرون باستيراد مبيدات فاسدة انتهت صلاحيتها قبل اكثر من ثلاث سنوات لرش محصول القطن ، واستيراد المعدات والآلات الزراعية، مما أدى لانهيار مشروع الجزيرة، وقاموا ببيع مؤسسات الدولة من السكك الحديدية والخطوط الجوية وخط هيثرو والخطوط البحرية ومشروع الجزيرة وبيع البنوك الحكومية والمستشفيات الحكومية ومصانع السكر.!!! وما سبق هو الجزء الطافي من جليد فساد الانقاذ، وما خفي تحت السطح أعظم!!! السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن لأفراد وإن كان رئيس الجمهورية نفسه أن يتصرف في ملايين الدولارات او مليارات الجنيهات خيراً أو شراً، وتخرج هذه الاموال من وزارة المالية والبنوك الحكومية الكبرى وتحمل في "ضهرية" السيارة او الحقائب الشخصية بعقلية "زيتنا في بيتنا" دون ان يكون للسودان كدولة ممثلة في وزارة المالية وغيرها من جيش الوزارات والادارات راي يذكر. في بلاد الغرب أو ما يسميه فقهاء السلطان دار الكفر يشعر كل فرد بالمسؤولية البتة وعظم الامانة ويقوم بالاعتذار للشعب ويقبل أن يحاكم ولو كان رئيس سابق للجمهورية وقد ينتحر خوفاً من الخزي والفضيحة . لديهم الوزراء يملكون حسابات بالخارج قبل وصولهم الوزارة وقد يخرجون من الوزارة صفر اليدين خسروا الجاه والسمعة، ولدينا يدخلون الوزارة بعد خسارتهم السمعة وهم لا يملكون الا أبطأتهم والنجم ويخرجون من الوزارة ان خرجوا وقد امتلأت حساباتهم بالبنوك بالخارج وامتلكوا الفيلل المزودة بأحواض السباحة وتطاولوا في بناء الأبراج بالأحياء الراقية مثل كافوري والمنشية والصافية. ثم يتفاخرون بآنهم اصحاب مشروع حضاري و جاءوا لتطبيق شرع الله علي الارض حتى تمتلئ عدلاٍ وسلاما.! ومازالت إستفهامات العطبراوي"هل يسمعون صخب الملايين الجياع يشق أسماع الوجود، لا يسمعون الا شهوات حياتهم وكانهم صم الصخور"!!!. نسب للدكتور نافع علي نافع قوله ) إن المفسدين يجب أن يحاسبوا في ميدان أبوجنزير( ، ونقول ان استادات الخرطوم والهلال والمريخ لن تكفي لحصر المفسدين الإنقاذين دعك عن محاسبتهم، ونحن لانطلب منكم مواصلة تبادل الادوار بينكم ، يوم مسؤول عن كل الشؤون الامنية للبلاد واليوم الثاني متهماٍ بتدبير انقلاب ثم استراحة محارب او عفو رئاسي٫ بل نطالبكم فقط بآن يكون لكم الكرامة بآن تختموا مشروعكم بتقديم الاستقالات الجماعية كنوع من تطبيق الفصل للصالح العام على أنفسكم و كاستغفار فقط عن لوائح الفصل التعسفي والفصل للصالح العام الذي مارستموه على الاخرين. وسيغفر لكم الشعب حينها تفتيت البلاد وتمزيق النسيج الاجتماعي والانهيار الاقتصادي، والشعب السوداني الفضل كفيل بإعادة الامور الى نصابها والنهوض بالبلاد مرة أخرى. ونختم مع العطبراوي" وغداً نعود حتماً نعود، للقرية الغناء للكوخ الموشح بالورود، تزغرد الجارات والاطفال ترقص والصغار، والنخل والصفصاف والسيال زاهر الثمار، وسنابل القمح المنور بالحقول وبالديار، ستعود يا سوداننا وتعود أنغام الصباح".