بسم الله الرحمن الرحيم..... عندما وصف البشير الجنوبيين بالحشرات بعد احتلال جيشهم لمنطقة هجليج المتنازع عليها في ابريل من العام 2012 ، لم يكن حديثه في الغرف المغلقة ، أو في المجالس الخاصة ، إنما كان في العراء أمام عشرات الآلاف من مؤيديه ، وسُجل حديثه ذاك بكاميرات الفيديو وتم توزيعه عبر صفحات " فيديو يوتيوب " ، وهو موجود حتى الآن على هذا الرابط لمن يريد الاطلاع عليه بنفسه http://www.youtube.com/watch?v=LZXT2yFB1Bg&feature=player_embedded#! أما نكران البشير لوصفه السابق للجنوبيين بالحشرات ، فلم يكن أيضا في الظلام وفي الغرف المغلقة ، إنما كان أمام العشرات من أنصاره عشية زيارته لدولة جنوب السودان . وقد تم تسجيل هذا الكلام أيضا بكاميرات الفيديو وهو موجود على صفحات " يوتيوب " على هذا الرابط : http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Wc0sVrfExsc الشيء المحير في الموضوع كله ، هو : هل كان هناك حاجة للبشير ان يبهدل نفسه بهذه الطريقة امام الناس عشية زيارته لجوبا عاصمة جنوب السودان - ليقول ( يا جماعة الناس ديل قالوا ، أنا قلت الجنوبيين حشرات .. لكن يا جماعة والله أنا ما قلت الكلام دا .. أنا ما قلت حشرات ، انا بس غيرت اسم الحركة الشعبية ! ؟ ) . الزول دا وصف الجنوبيين بالحشرات قبل عام وانتهى الموضوع .. قبل الجنوبيين بهذا الوصف أم لا ، فالموضوع منتهي . وحدث ان التقى البشير وسلفاكير مارديت أكثر من مرة في العاصمة الأثيوبية " أديس أبابا " ، وتصافحا وناقشا القضايا العالقة بين بلديهما دون اثارة موضوع الحشرات ! . كما ان الدعوة التي قدمها الرئيس سلفاكير للبشير جاءت بالرغم من وصف الأخير للأول بالحشرة -( يعني الجنوبيين ما اشتغلوا بالموضوع خالص ! ) . فهل كان فداعي لهذه التبريرات المضحكة ؟ . بهدلة البشير لنفسه -أيها القُراء الأكارم لهو دليل آخر على ان المصادر التي كانت يمول بها النظام حروبه على مواطنيه قد جفت تماما ، ولم يبقى له شيء سوى استجداء الآخرين بالتوسل والبكاء لتوفير ولو بضعة دولارات لخزانته ليستمر في هوايته المفضلة ، وهي قتل الأرواح البريئة التي حرم الله قتلها . والبشير القادر على التسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا السودانيين ، ويشتد الخناق على نظامه اقتصاديا ، ويكتشف أن استمراره في السلطة غير ممكن دون مال ، يكون مستعدا لعمل أي شيء للتمسك بالحكم . الحيرة المنطقية التي تعتري المتابع لعمر البشير في كل التناقضات الظاهرة منها والمخفية ، تحول دون وضوح التفاصيل الكثيرة ، فالرجل مثلا عندما سألته ( أندريا ميتشل ) مراسلة قناة السي ان بي سي الأمريكية للشئون الخارجية عام 2008 في العاصمة السودانية الخرطوم عن لماذا قتل أكثر من 300 ألف دارفوي حسب تقديرات الأممالمتحدة ، أجاب قائلا : هذه الأرقام غير صحيحة ، أنا قتلت عشرات ألف بس ، مش 300 ألف . وها هو البشير ذاته ، ودون ان يطالبه الجنوبيين بالإعتذار - جاء ليقول ودون سابق انذار ومقدمات ( انا ما وصفت الجنوبيين بالحشرات .. انا بس غيرت اسم الحركة الشعبية للحشرة الشعبية ) . شنو يعني انا بس غيرت اسم الحركة الشعبية للحشرة الشعبية ؟ لماذا تغيير اسم الحركة الشعبية للحشرة الشعبية ؟ أليس هذا احتقار واهانة لتنظيم قاتل لعقود من الزمان ، وجلب الحرية والإستقلال لعشرة مليون مواطن جنوبي - سواء اطلق البشير وصف الحشرات على الجزء او الكل ؟ ... أليس هذا التنظيم الذي يقول البشير- انا بس غيرت اسمه للحشرة الشعبية ! هو الحزب الحاكم في الجنوب ويعبر عن ارادة الجنوبيين ؟ . سواء وصف البشير الشعب الجنوبي كله بالحشرة ، أو وصف فقط سلفاكير أو باقان أموم ، فالنتيجة واحدة لا فرق .. لكن سيبقى الإلتباس في فهم تصرفات وسلوك هذا الجنرال الراقص عالقاً في عقول السودانيين لأجيال وأجيال قادمة . والسلام عليكم...