شاهدت اليوم صُور فرحة أهل الضابط ود ابراهيم باطلاق سراحه مع مجموعة من الضباط المشاركين في المحاولة الانقلابية التي اعلن عنها قبل فترة، نحروا الذبائح، والنساء زغردن وحمل الرجال الضابط ود ابراهيم على رؤوسهم.. تأملت هذا المشهد بحزن شديد متساءلاً في نفسي متى يفرح أهلنا في دارفور وجبال النوبة..؟.. سؤال مٌر كالعقلم.. وغصة تطعن في الحلق... آلاف بل مئات الآلاف في دارفور فقدوا وحرقت مناطقهم وتشرد الملايين منهم والآن السجون والمعتقلات تكتظ بأبناء دارفور نساءً ورجالا..!!. النفوس الذكية التي راحت من يُفرّح أهلها وذويها...؟؟!!. والأبناء الذين قتل آباءهم في الهجمات التي شنتها الطائرات ولا وزالت تشنها بين ألفينة والأخرى..!!. من يُفرّح أسر المعتقلين منذ سنوات في معتقلات النظام بكل ولايات السودان وليس الخرطوم والفاشر والجنينة ونيالا..!!. ثم يجئ السؤال الأكثر مرارة وألماً.. لماذ تفرح أُسر ويظل الحزن كامن في صدور أسراً أخرى..؟!. الضابط ود ابراهيم وصحبه حاولوا الانقلاب العسكري على النظام سُجنوا ولم يعذبوا مثل الآخرين.. ثم أطلق سراحهم الذي كنا جميعاً نتوقعه .!!. وأبناء الهامش من دارفور وجبال النوبة نساءً ورجالاً في المعتقلات لا بواكي لهم.. من أراد أن يصفي بالعنصري نعم أنا عنصري.. ومن أراد أن يصفي بأي وصف لأني كتبت عن اهل دارفور وجبال النوبة فليصف ويطلق علي من شارات الشرف ما يُطلق. لماذا تشقي أُسر وتفرح أسر برغم أن الفعل واحد والذنب واحد وأن الجميع من مدرسة سياسية واحدة لكنها العنصرية والقبلية والجهوية. ثم يحدثونك عن الاسلام الذي تمثل فيه قيمة العدل القيمة الأساسية وجعلها من مُقَوِّمَاتِ الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية، حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط - أي العدل - بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها، فقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]، وليس ثمة تنويه بقيمة القسط أو العدل أعظم من أن يكون هو المقصود الأول من إرسال الله تعالى رُسُله، وإنزاله كتبه؛ فبالعدل أُنْزِلَتِ الكتب، وبُعِثَتِ الرسل، وبالعدل قامت السموات والأرض. ان الشعور بالمرارة والألم الدفين حق مشروع ولو أن قادة النظام يمنعوك ان تحزن وأن تغضب إلا أن تكون معهم مُهللاً مُسبحاً بحمدهم وإلا الويل والثبور، إن حزننا على مصائب أهلنا في دارفور وجبال النوبة الذين قتلوا وعُذبوا وحُرقت قراهم وسُجنوا في سجون الظلم حزن مقيم لا يضاهيه حزن وألم يقطع الؤاد فإن النفس البشرية قد جبلت على رفض الظلم والعسف والكيل بمكياليين كالذي يحدث الآن..!!. يطلق سراح بينما يظل آخرون في السجون ومنها بالسنوات الطوال حتى تناساهم الناس.. اللهم إني أبرا إليك مما فعلت هذه الشرذمة وهذه العصابة فوضت أمري إليك يا ذا الطول ويا ذا القوة المتين. ان الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..