قبل أن نصيب القارئ الكريم بمزيد من أمراض الضغط والسكري والفشل الكلوي وإلتهاب الكبد الوبائي ، ننصح من لا يملك القوة الكافية لقرائة هذا الموضوع لآخره أن يكتفي بهذا القدر ويعود للصفحة الأولى ليتابع الآخبار اليومية ، أو ليذهب إلى الصفحة الرياضية ليعرف أسباب عودة الوالي لإدارة فريق المريخ أو فليبحث عن سر الوباء الرياضي السوداني الذي أصاب أبطال أوربا بفايروس الأهداف الرباعية ، وعلى الرغم من إحتمالية تعرض القارئ لذات الأمراض هناك ولكن نسبة الإصابة في حالة المواصلة هنا مؤكدة 100% ، ولا عذر لمن أنذر .. بدون مقدمان سأحكي لكم قصة ثلاث شباب سودانيين قرروا السفر إلى اليونان بعد جهد وتعب وواسطات كمعبر لدول اوربا حيث الحياة بكرامة وحرية وإنسانية ، ونجحوا أخيراً للسفر إلى اليونان ، وكل يحمل بين جنباته الآمال الطوال العراض ، وبعد وصولهم هناك باءت كل محاولاتهم بالهروب لأوربا بالفشل ، ووقعوا بين فكي الشعب اليوناني المعروف بالعنصرية وإتقطعت بهم سبل العودة إلى السودان ولم يتبقى امامهم سوى جمع ثمن تذاكر العودة ، وبدأوا يشتغلون في أعمال لا داعي لذكرها ، حتى وصولوا لمرحلة الأكل من القمامة ليخففوا آلام الجوع وليحافظوا على الأموال التي جنوها ليشتروا بها ثمن العودة ، وأخيرا عادوا بعد أن تلقوا كل أصناف الشتائم من اليونانيين ( عبيد ، سود ، جوعى ، مشردين ، أوساخ ) وقالوا أن اليونانيين لا يرون في أصحاب البشرة السوداء كحالة السودانيين اساساً أي نوع من الآدمية فالحيوانان أعلى درجة منهم ، ننهي هذه القصة الحزينة هنا لنبدأ القصة الحزينة الاخرى .. أعلنت شركة مياه أثينا أن السلطات في العاصمة اليونانية تبحث حالياً نقل آلاف الأطنان من المخلفات الآدمية المعالجة جزئياً إلى السودان الذي يبعد عن البلاد 3000 كيلو متر ، وذلك كحل مؤقت للمشكلة التي تعاني منها المدينة جراء تراكم هذه المخلفات ، ووصلت ناقلة تتسع لنحو 26ألف طن من الرواسب والمخلفات بالفعل إلى جزيرة بسيتاليا اليونانية الصغيرة حيث تقع المحطة الوحيدة لمعالجة مياه الصرف الصحي الخاصة بالعاصمة أثينا . وقال مسؤولو شركة مياه أثينا إنهم يبحثون في الوقت الراهن كيفية نقل المخلفات الآدمية المتراكمة في المحطة التي تصل إلي 170 الف طن بشكل تدريجي من الجزيرة ، ومن المقرر أن يجري بعد ذلك نقل تلك المخلفات بحراً إلى السودان على بعد 2700 كيلو متر حيث سيتم تجفيفها ومعالجتها من خلال محطة تملكها الولاياتالمتحدة في هذه الدولة الأفريقية قبل أن تستخدم كسماد . وبينما قالت الشركة إنها إذا مضت قدماً في اتباع هذا الخيار فإن ذلك سيتم حتى بناء وحدة تجفيف في بسيتاليا ، ووصف خبراء بيئة يونانيون تلك الخطوة بأنها ( غير أخلاقية ) ونقلت صحيفة كاثيميريني اليومية عن نيكوس خارالامبيدس رئيس جماعة السلام الأخضر في اليونان قوله ( إن إستخدام مخلفات الصرف الصحي كسماد في السودان بينما يحظر في اليونان يشكل مثالاً صارخاً على العنصرية البيئية ) ..إنتهى الخبر عن صحيفة سودانايل الإلكترونية .. وإنتهى كذلك وطن إسمه السودان ، وللقارئ الكريم التعليق ، وماتعليقنا إن علقنا بتعليق فهذا الخبر يحمل في طياته كل مآسي الدنيا وحقيقة ( هانت الزلابيا ) من كان سيصدق لولا هذا الخبر أننا كنا نأكل سماد مجفف جزئياً عبر محطة امريكية موجودة الآن على أراضينا ، على الرغم من أن هذه العملية محظورة في بلاد البني آدمين لخطورتها الوبائية ( وعايزين تعرفوا أسباب أمراضنا وفشلنا الزراعي والكلوي لسع يا دكاتره )، دعونا نحن من التعليق ، ماقول أصحاب القرار في هذا البلد وماتعليقهم على هذا الخبر ( رئاسة الجمهورية ، وزارة الصحة ، البرلمان ، الحزب الحاكم ، الحركة الإسلامية ، السائحون ، الدبابون ، إتحاد الطلاب ) ولا أزيد على هذا ، والله المستعان والله المستعان والله المستعان .. ولكم ودي ..