قال رئيس حزب الأمة القومي "الصادق المهدي" في خطاب للقوى المصرية الحاكمة والمعارضة - إن غالبية الشعب السوداني يتطلع لحل يعتمد على القوة الناعمة، وحذر من تحركات الجبهة الثورية التي في جبهات القتال التي تزيد من حمامات الدم في البلاد، وأضاف الصادق في خطابه: " الفصائل السودانية ذات التوجه العلماني كونت الجبهة الثورية وهي التي تنشط الآن في جبهات الاقتتال في السودان وتحتل بعض المدن " ، وأضاف الصادق المهدي بقوله : " ان تحرك الجبهة الثورية الراهن إذا فشل فإنه سوف يزيد من حمامات الدم في السودان، كذلك إذا نجح فإنه سوف يفتح باب استقطاب دموي إثني، وإسلامي/علماني يدمر السودان ، إن استمرار النظام بسياساته الحالية لم يعد ممكناً، بل سوف يزيد من تفكيك البلاد وحجم التدخل الخارجي في شؤونها" ، و انتهى بيان الإمام . لعل القارئ يدرك جيداً مقاصد السيد الإمام و مراميه . فالرجل عارف بعلوم السياسة ومدرك لدروبه الواسعة . فهو يرسل رسائل واضحة إلى الإخوان في مصر ومن ورائهم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين لإنقاذ إخوتهم تجار الدين وسماسرة العروبة من ضربات الجبهة الثورية القاتلة، ووقف زحفهم نحو الخرطوم والتي تهدف لإسقاط دولة الخلافة الإسلامية الراشدة على حسب مفهومهم وزعمهم ، وإقامة نظام علماني غربي و على غرار أمريكا وأوروبا . فالإمام يدرك جيداً ان عهود الطائفية والظلم والسخرة و الطغيان والتجارة باسم الدين واستغلال البسطاء والمهمشين ، قد ولى بغير رجعه من بلاد السودان ، وان الوطن بدا يستشرف عهد حقوق الإنسان والحرية والعدل والمساواة وحكم القانون، وكلها قيم إنسانية انتشرت في العالم بفضل العلم و التقنية والتعايش السلمي بين الشعوب واختلاطها, مع الارتفاع المطرد في الوعي العام وسط جماهير الشعب السوداني . الإمام يتبجح دوماً على العالمين بأنه رجل ديمقراطي وصاحب كاريزما على الرغم من أن كل رصيده السياسي هو أنه حفيد الإمام المهدي ، وكل هذه السلطات السياسية والحزبية والقيادية التي تبوءها في طيلة فترة حياته هي مستمدة أساساً من قداسة دينية وهمية لا علاقة لها بهموم الشعب أو الوطن ، وقد استطاع لفترة طويلة من الزمن في خداع الناس و أتباعه باستغلال الدين ودغدغة المشاعر في مناطق الهامش على الرغم من أن جل تاريخه مليء بالخيبات والنكبات . يتحدث الإمام عن مشروع الجبهة الثورية و يقول كلاماً فطيراً لا يمكن هضمه ، كما في حكاية أم ضبيبينة ،" ان مشروع الجبهة الثورية إذا فشل سوف يزيد من حمامات الدم وإذا نجح سوف يجلب باب استقطاب دموي اثني و إسلامي/علماني" . بالله وربكم هل يعقل هذا الكلام من رجل قضى خمسين عاماً في دروب السياسة ودهاليز الحكم ، هناك مثل سوداني ينطبق على الإمام وتعليقاته هو : " كان شالوه ما بنشال .. وكان خلوه سكن الدار " . في هذه الأيام يستميت الإمام لخلافة ابنته المفتونة بأبيها الهمام على سدة رئاسة الحزب ليكون بذلك أول سابقة في تاريخ السياسة السودانية في أن تصبح امرأة على رئاسة حزب يقوم على أساس ديني وطائفي بعد ان فشل الأولاد في تعلم كيفية إدارة دولاب العمل السياسي و فنونه وتحولوا إلى مجرد عسكر وسند أمني للنظام ، بينما يفوز الجناح الثوري للحزب بمنصب الأمين العام على حساب الجناح التابع للإمام والمهادن للنظام مسنوداً بأصوات الشباب والطلاب والقيادات الوطنية المخلصة . ويستمر الصراع بين الرجل القوي إبراهيم الأمين مسنوداً بالطلاب والشباب والقيادات الوطنية من جهة و الإمام مدفوعاً من أبناءه ومن خلفهم المؤتمر الوطني من جهة أخرى . فهل يا ترى سيخرج قيادة الحزب من بيت الحبيب والى الأبد ، إلى القيادات الوطنية التي تنادي بإسقاط النظام وإقامة نظام ديمقراطي مدني في نقلة نوعية ليتحول بذلك من حزب طائفي ديني يستخدم الدين لتحقيق أغراض سياسية ومصالح أسرية ضيقة إلى حزب جماهيري قومي يحمل هموم الوطن وشعبه .