تمضي ستة أشهر من عمر ديوان الضرائب، أكبر المؤسسات الإيرادية للدولة، بلا أمين عام، بعد تلك القرارات الدرامية بتعيين أمين عام ثم إعفاؤه بعد (24) ساعة فقط، في قصة طويلة لم يتم كشف ما وراءها، وخلي المنصب وظل الديوان يُدار بأمين عام مكلف، وأهل الإدارة يعرفون حدود مسئوليات التكليف، والتفويض وغيرها من المصطلحات الإدارية. وكان رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أصدر في منتصف يناير الماضي قراراً أعفى بموجبه د. محمد عثمان إبراهيم من وظيفة الأمين العام لديوان الضرائب وتعيين د. محمد الفتح محمد بيك أميناً عاماً لديوان الضرائب، ثم ألحقه بقرار آخر في اليوم التالي أعفى بموجبه د. محمد الفتح من منصبه، ولم يعين مكانه أميناً عاماً آخر إلى يومنا هذا ومن غير إبداء أي تفسيرات للخطوة والتي سكتت عنها الصحافة وأجهزة الإعلام المختلفة. يبدو واضحاً أن الحكومة وجدت في الأمين العام المكلف الأستاذ عبد الله المساعد إدريس، ضالتها، والذي تحققت في فترته زيادة في حجم الايرادات بحسب تقرير الأداء لوزارة المالية للربع الأول للموازنة الذي قدمه للبرلمان، لكنها لم تُصدر قراراً رسمياً بتسميته أميناً عاماً، فيم أن الأخبار التي تنشر عنه في الصحف، وفي المناسبات الاحتفائية تعرفه بأنه الأمين العام، وهو أمر قد يثير التساؤل، لماذا لم يصدر قراراً بذلك؟، ولماذا لم يثر البرلمان الموضوع إلى ان انتهت دورته؟!. سبق أن فسر لي الخبير الاقتصادي د. التجاني الطيب في حوار نشرته (الأخبار) هذه القضية بأنها تعكس حالة الهرجلة وعدم التنسيق في اتخاذ القرارات السياسية ودليل عدم توافق وتفاهم بين متخذي القرار، فيما يختص بالتطبيقات التنفيذية الكبيرة، لاعتبار أن جهاز الضرائب لا يترك من غير أمين عام فترة طويلة، ولم تكن نساء السودان عاقرات لهذا المستوى ولا ينجبن غير أمين عام واحد. بكل تأكيد إن تجاهل هذه القضية في حكومة تستحدث المناصب للترضيات لأمر مثير للجدل، كما أنه في حاجة للتفسير والتحليل من الجهات المعنية، لأنها تصبح سابقة في إدارة الحكم، وبالضرورة معرفة منطقها، والاسترشاد بها.