(كلام عابر) الرئيس القائد الزعيم معمر القذافي دائما يؤكد على أنه "قائد" ثورة وليس رئيسا، ولو كان رئيسا أو يشغل منصبا رسميا لرمى باستقالته في وجوهم على حد قوله، هو مشرف على تطبيق تعاليم"الكتاب الأخضر". "القائد" ليس منصبا رسميا كما يقول القذافي ولكن "القائد" يتحكم في كل المناصب الرسمية وله الكلمة الأولى والأخيرة في كل ما يتعلق بحياة الناس، كما يفعل القذافي. من بلغ بالقذافي هذه الدرجة من الأنا وتعظيم الذات؟ التاريخ يقول أنه خلف كل طاغية يقف دائما المطبلون الذين يصنعون الصنم وكثير من هؤلاء يحملون، للأسف، الإجازات العلمية ولديهم الخلفيات المهنية الثرية التي كان يجب أن تعصمهم من صنع الطاغية. كان لدينا "رئيس" و"قائد" في وقت واحد (تو إن ون) عندما ابتدع الدكتور جعفر محمد علي بخيت لقب "الرئيس القائد" وابتدع فيما ابتدع لقبا آخر هو "جعفر المنصور" لنفس الشخص ، تيمنا وتشبها بالخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور الذي بنى مدينة بغداد . لم يجد لقب "جعفر المنصور" حظا يذكر من الرواج لكن ارتبط لقب "الرئيس القائد" بجعفر نميري وأصبح يسبق اسمه في نشرات الأخبار ، بل أصبح لقب "الرئيس القائد" وحده يغني عن الاسم الكامل. عندما يكون العنوان الرئيس للصحيفة اليومية (الصحافة أو الأيام على وجه التحديد فلم تكن هناك صحف أخري غيرهما) أن الرئيس القائد فعل كذا أو سافر إلي مكان ما أو قابل شخصا ما فإن ذلك يعني أن المقصود هو جعفر نميري ولا أحد سواه. ليس ذلك فحسب، ولكن جعفرا الآخر، وكان يشغل منصب وزير الحكومة المحلية ضمن مناصب أخرى كان يشغلها، لم يجد في نفس حرجا في مناسبة افتتاح كوبري بري كوبر من أن يطلق على الكوبري اسم "كوبري جعفر نميري" ولكن "الرئيس القائد"، الذي لم وقتها قد أسبغ عليه لقب "الرئيس المؤمن" أو "امير المؤمنين" ، رد الهدية شاكرا وأمر عوضا عن ذلك أن يطلق على الكوبري اسم كوبري القوات المسلحة، ولم يحس الدكتور جعفر ،أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة الخرطوم، ساعتها بشيء من الخجل بعدما ردت بضاعته إليه أمام الملأ في تلك المناسبة الجامعة، مثلما لم يحس بشيء من الخجل بسبب تناقضه المهني والعلمي عندما قام بكل همة ونشاط بالقضاء على الإدارة الأهلية حينما رأي أن موجة عداء الإدارة الأهلية هي السائدة رغم أن أطروحة شهادة الدكتوراة التي كان يحملها آنذاك كانت تحمل عنوان" تطوير الإدارة الأهلية في السودان". لم يتردد لحظة في خلع شرفه الأكاديمي قربانا للسلطة التي أقبلت عليه. آخر تصريح للرئيس القائد عشية انتفاضة ابريل 1985م "لا أحد يستطيع يشيلني" وها هي تصريحات "القائد" القذافي تؤكد أنه خالد في القيادة "لا أحد يستطيع يشيله" هو الآخر، وفات عليه وعلى من حوله مثلما فات على من قبله أن الخلود والبقاء من صفات المولى عزّ وجل وحده. ترى هل هناك امرأة قوية تقف وراء كل طاغية كما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عقب سقوط حسني مبارك، أم أنها مجرد مجموعة منتفعة من المثقفين والأكاديميين والتكنوقراط المتخصصين في صناعة الطغاة هي التي تقف وراء الطاغية؟ (عبدالله علقم) [email protected]