(كلام عابر) فضّ جهاز الأمن الوطني ندوة لمنتدى شروف الثقافي كانت منعقدة في منتزه الشهيد في مدينة القضارف نهار الرابع السبت من يونيو 2011م . كانت الندوة بعنوان "الثقافة في القضارف..أين الخلل؟" وقد أبلغ مدير المنتزه رئيس المنتدى بتعليمات منسوبي جهاز الأمن الوطني بإيقاف هذه الفعالية غير المصدق لها فاعتذر الرئيس للأعضاء وضيوفهم وانفض السامر. هذه هي المرة الثالثة التي يمنع فيها جهاز الأمن المنتدى من مزاولة نشاطه . المرة الأولى كانت في يوم 6 نوفمبر 2010 حينما منع جهاز الأمن ندوة للمنتدى بعنوان "الآثار الاقتصادية لانفصال الجنوب" سرعان ما أعقبها إيقاف المنتدى نفسه من العمل من قبل وزارة الثقافة الولائية بتاريخ 8 نوفمبر 2010 م . سمح للمنتدى بمزاولة نشاطه الثقافي مرة أخرى في 10 فبراير 2011م بعد فترة إيقاف بلغت ثلاثة أشهر واشترط عليه هذه المرة أن يبلغ وزارة الثقافة وجهاز الأمن مسبقا بأي ندوة يعتزم اقامتها، وهو شرط لا تجده في غير القضارف ، ولكن جهاز الأمن عاد من جديد ليمنع ندوة أخرى قبل انعقادها وكانت الندوة بعنوان "الثورة التونسية والمصرية.. تأملات وشعر" بتاريخ 19 فبراير 2011م ، وتواصلت الملاحقة الأمنية يوم السبت الماضي لتحول دون قيام هذا النشاط الثقافي الرائد في مدينة تعاني أصلا من التصحر الثقافي وتمنع ندوة تناقش الشأن الثقافي البحت. عفوا .. فات عليّ أن أذكر أن منتدى شروق الثقافي بكل هذا الزخم والعنفوان منتدى طوعي صغير ، عدد أعضائه المسجلين لا يتجاوز العشرات ، لا يملك مقرا خاصا به ، يعتمد في نشاطه على فكر وعرق أعضائه ، وبالمقابل يضم كوكبة من المبدعين والواعدين الذين يتجاوزون كل احباطات الحاضر ليحلق بهم طموحهم في سماوات أزمنة جميلة قادمة تستعصي رؤيتها على الآخرين، ومن بين هذه النخبة الأمين العام السابق وأمين العلاقات الخارجية الحالي للمنتدى، ذلك العملاق الذي يسير على كرسي متحرك. وبما أن السيل قد بلغ الزبا، فلا بد أن نطرح هذه الأسئلة.. هل يملك جهاز الأمن من حيث المبدأ مثل هذه الصلاحيات والسلطات التي تمكنه من هذه "الرعاية" اللصيقة للنشاط الثقافي وتفرض على المواطنين الحصول على موافقته المسبقة على أي نشاط ثقافي طوعي؟ وهل يمارس جهاز الأمن مع المنظمات الثقافية في الخرطوم وبورتسودان والأبيض ومدني وكسلا وعطبرة ونيالا وغيرها من المدن نفس العنت الذي يمارسه مع منتدى شروق في القضارف أم أن القضارف حالة استثنائية أو أن الأمر يعتمد على تقدير أو رؤية مسئولي جهاز الأمن في القضارف (ولا أود أن أستخدم كلمة مزاج)، ولا صلة له بصلاحيات وسلطات تكفلها القوانين التي يحتكم إليها كل الناس؟ وما هو المهدد الأمني الذي تشكله ندوات ثقافية علنية تبحث في الأثر الاقتصادي لانفصال الجنوب والثورة المصرية والتونسية والثقافة في القضارف؟ ما هو السر في ملاحقة فرع جهاز الأمن في القضارف منتدى شروق بمثل هذا النشاط والهمة؟ و.. أليس الوطن للجميع؟ هذا الشد والجذب بين منتدى شروق الثقافي وسلطات ولاية القضارف الثقافية الأمنية أمر لا يشرف الولاية ولا بد من حل يمنع هذه المعارك الصغيرة التي لا تخدم وطنا ولا تنفع أحدا، فهناك خلل ما لا يصعب الوقوف عليه ومعالجته. لا يعجبني صمت السيد كرم الله عباس والي القضارف الذي لم يعرف عنه الصمت عن قول الحق، مثلما لا يعجبني صمت وزير الشباب والرياضة في الولاية شيخ العرب عبدالإله ابوسن الشاعر والصحافي الذي يفترض فيه أن يكون حارسا لبوابة التنوير في القضارف وراعيا لمنتدى شروق الثقافي، ليس ذلك فحسب ولكن من المفترض أيضا أن يعمل شيخ العرب على توفير مقر دائم لهذا المنتدى ، وبالتالي نرسل الكرة لملعب السيد مدير عام جهاز الأمن الوطني والمخابرات عسى أن نجد عنده خبرا يقينا أوحقيقة غائبة. قبل الختام: يمكنك أن تدوس على الأزهار ولكن لا يمكنك أن تمنع قدوم الربيع. (عبدالله علقم) [email protected]