الهجمة الشرسة على حرية الصحافة و التعبير التى تشهدها الساحة هذه الأيّام ،تمّ و ( يتوصل) الإعداد لها و تنفيذها ، بتنسيق محكم بين عدّة ( أجهزة) فى الدولة . و تهدف لإرهاب الصحافة و الصحفيين و الكتّاب و النشطاء بتخويفهم بسيف القوانين القمعية التى تكرّس لوأد الحريّات . و عموماً هى أسلحة قديمة و مجرّبة تمّ إستخدامها من قبل ، و لم - و لن - توقف نضال المجتمع الصحفى لإنتزاع حرية الصحافة و التعبير. أذكر أنّنا حينما وقفنا بقوة و صلابة و جرأة فى وجه الرقابة الأمنية " القبلية و البعدية " ، و أضطروا ( مكرهين ) إلى رفع الرقابة عن الصحف و إعادة الرقيب الأمنى إلى سكناته ، قالوا لنا - بكل صراحة و عنجهية - إنّهم "سيأدّبون " الصحافة و الصحفيين " المنفلتين " عبر ( آلية ) اللجوء إلى فتح البلاغات الكيدية و الإنتقامية و " الجرجرة " فى النيابات و المحاكم و الزج بالصحفيين (المنفلتين ) فى غياهب السجون. و محاصرة الصحافة " إقتصادياً " بالغرامات المالية العالية . و لكن خاب مسعاهم . و صمدت الإرادة الصحفية التوّاقة للحرية فى وجه موجات عديدة من مسلسل أسلحة التخويف و الترغيب و الترهيب . ليست مجرّد صدفة أو مصادفة أن يتم " تحريك " البلاغات " الكيديّة " ضد الصحافة و الصحفيين و الصحفيات و النشطاء فى قضايا ذات طابع ( حقوق إنسانى ) الشاكى فيها جهاز ( الأمن ) بدعوى " إشانة سمعته " و " الكذب " و " النشر الضار " ، فى ذات الوقت الذى بدأت تطل فيه ( جهات أخرى ) تتحدّث عن صياغة مشروع ( قانون جديد للصحافة ) فتعقد ورش العمل و المنتديات و الحوارات فى أروقة مختلفة مثل مجلس الصحافة و المطبوعات و البرلمان و إتحاد الصحفيين . و ترشح للشارع الصحفى ( ملامح ) و ( تدابير ) عن قانون (جديد) للصحافة ( يصلح ) لفترة ما بعد التاسع من يوليو2011 . و للأسف فقد جرّبنا أساليب و مناهج ( حوار الطرشان ) الذى يتقدم فيه المجتمع الصحفى بالمذكرات و المقترحات الكفيلة بإشاعة و تحقيق مبادىء و غايات حرية الصحافة و التعبير ، و لكن تاتى ( تلك الجهات ) بقانونها ( المسمكر ) الذى يكرّس لحرمان الصحافة من حقوقها الأساسية و واجباتها المجتمعية . و يحرم الصحفيين - و المجتمع باكمله - من حقوقهم الدستورية فى التعبير و التنظيم و التفكيرو الصحافة الحرّة ، لصالح (مشروع ) المحافظة على طبيعة الدولة البوليسة . و لن يغلب القوم حيلة فى إدخال " تعديلات طفيفة " مصحوبة بتطمينات "ورديّة " بإحترام و تعزيز الحريّات .و ليس صدفة - أيضاً - أن يتم كل ذلك عشية التجهيز و(التبشير) بصياغة (الدستور) " الجديد لنج " الذى سيحكم به الوطن (السودان الفضل ) بعد ( مغادرة ) جنوب السودان ! .و حتماً ليس صدفة أن يتم كل ذلك فى الوقت الذى تتصاعد فيه وتائر موجات العنف و إنتهاكات حقوق الإنسان فى جنوب كردفان و دارفور و أبيى و الجزيرة و شرق السودان و الخرطوم . و يتم فيه تجهيز المسرح السياسى و البرلمانى لتحريم النشاط ( القانونى ) للحركة الشعبية ( قطاع الشمال ) و تجريم قيادتها و محاكمتهم (إعلامياً ) ، و إغتيالهم ( معنوياً ) كخطوة أولى ( ياسر عرمان و عبدالعزيز الحلو " نموذجاً " ) و ( البقية تاتى ) . فالبعض يظن " إثماً " أن تغييب الصحافة والأقلام الجريئة و نشطاء و ناشطات حقوق الإنسان عن كل هذه الأحداث ( المفصليّة ) ضرورة " قصوى " و( فرض عين )، سيسهّل عليهم تمرير الإنتهاكات و تكريس الحلول الأمنية و العسكرية،فى جو تسوده أبواق صحافة الدعاية الرخيصة ( البروبقاندا) والعتمة و الظلام الكثيف !. حتماً ، ستمضى مسيرة إنتزاع حرية التعبير و الصحافة ، إلى غاياتها . وسيتحقق النصر المبين و " حتماً " بكلفة عالية . فمهر الحريات ، يبقى دوماً و أبداً غالى الثمن .فليتواصل المشوار. و النصر فى نهاية المطاف للشعب و لصحافة المقاومة و الحقيقة و التنوير . و علينا فى المجتمع الصحفى و المدنى تعزيز الوحدة و التضامن و النضال الجماعى المشترك فى معارك إنتزاع الحريات و فى مقدمتها حرية الصحافة و التعبير .