*( الشوق حامل الذوات المدركة إلى نور الأنوار، فالأتمّ شوقاً أتم انجذباً وارتفاعاً إلى النور الأعلى..). - السهروردي - .. سأقول لها هذا الصباح: لك ما تشائين من الياسمين والقصائد والأغنيات... لك ما تشائين من الوضوح والشفافية والنقاء... لك ما تشائين من الغيوم والخصب والمطر... لك ما تشائين من الحب والشوق والانتظار. سنار التي في خاطري.. سأحزم أحلامها حلماً حلماً... وحدائقها حديقة حديقة.. وشرفات عينيها المكتظة بالضوء والعصافير والتوق في حقائب سفري، وقبل أن أغادر سأقول لها: ليتك تعلمين كم أُحبك أيتها الصبية الفاتنة! سنار التي أُحبها.. سأنهض معها هذا الصباح لنقوم معاً بزيارة البساتين والحقول والسهول والتلال والجبال والينابيع والنيل والخزان، وقبل أن نفترق... سأدس في يدها ورقة صغيرة كتبت فيها قصيدة عشق غير قابلة للتأويلات الجارحة. سنار التي في خاطري.. سأنتظرها عند حافة الهذيان لأحدثها عن انكساراتنا وهزائمنا وخسائرنا المتلاحقة، وأنا أعلم أنها ستستشيط غضباً آن تعلم أن (حماة الديار) قد أتقنوا القفز فوق حبال الخديعة والتزوير والإثم والفجور، وتركوا البلاد والعباد يتضورون جوعاً وقهراً وخوفاً، وهم يعتقدون أن ما يقومون به من قتل وتدمير وخراب سيجعل التاريخ يهيئ لهم أحضانه ليستقبلهم عند ذرا المجد وقمم البطولات الخارقة. سنار التي أحبها.. سألملم شوارعها شارعاً شارعاً، وأزقتها زقاقاً زقاقاً، وبيوتها القديمة بيتاً بيتاً، وأسواقها ومآذنها وأضرحة أوليائها ونساءها الجميلات وزنابقها وأقحوانها، وأقول للتاريخ: هيت لك حبيبتي سنار احفظها من الجور والظلم والفساد. وأنا أعلم أن التاريخ سيأخذها بين ذراعيه، ويجعل منها سيدة على مدائن الأرض. سنار التي في خاطري.. سأقول لها ذات صباح مليء بالأمل: عيناكِ يا حبيبتي لم تخلقا لذرف الدموع والبكاء، بل خلقتا من أجل أن يكتب الشعراء فوقهما قصائدهم والعشاق أحلامهم. وشفتاك لم تخلقا من أجل العويل والصراخ، بل من أجل زغاريد الفرح والضحك والصهيل في البراري الفسيحة. سنار التي أُحبها.. سأطرز لها فوق قلبي بخيوط من نور حباً لم يعهده مجانين العشق ومجاذيب الوله الصوفي، وفوق روحي سأرسم لها مسارات تعينها على العروج إلى مدارج التوحد مع عشاقها الذين أنهكهم البعد، وأقضت مضاجعهم آلام الحنين. سنار التي في خاطري.. سأقول لها: سلاماً لك يوم ولدت... سلاماً لك يوم تبعثين شاهدة على قسوة الزمن وظلم من مارسوا معك الخطيئة في وضح النهار.