جوبا (السودان) (رويترز) - ينظف ابناء جنوب السودان شوارع جوبا عاصمة دولتهم المستقلة المستقبلية ويصادرون الاسلحة التي تباع في السوق السوداء ويحاولون تنظيم المرور حتى يضمنوا أن يسير يوم الاستقلال بعد غد السبت بسلاسة. وبالنسبة لكثير من الجنوبيين يمثل الانفصال عن شمال البلاد لحظة انتصار طال انتظارها ومبعث تفاؤل جديد بعد عقود من الحرب الاهلية الوحشية والشعور بالتهميش. كما أنه يأتي مصحوبا بمجموعة من التحديات في الوقت الذي تستقبل فيه العاصمة الجنوبيةجوبا عشرات الشخصيات المرموقة وتحاول الحكومة بسط سيطرتها على هذه الارض الشاسعة الزاخرة بالاسلحة والتي تعاني من حركات تمرد داخلية. ويكنس رجال ونساء اوراق الاشجار المتساقطة والاتربة بمكانس من القش في شوارع العاصمة ويطلي رجال الجدران. وعلقت لافتات للاحتفال في أنحاء المدينة. وقال كيسيريكو تشارلز (51 عاما) وهو مهندس بوسط جوبا "انهم يبلون بلاء حسنا جدا. الزوار من كل أنحاء العالم سيأتون ليروا أن البلدة نظيفة جدا." وتعرض لوحة الكترونية رقمية في ميدان قريب عدا تنازليا للثواني المتبقية على الاستقلال. ومن بين الرسائل التي تعرضها واحدة تقول "أخيرا احرار." وخاض شمال السودان وجنوبه حربا بسبب الايديولوجية والدين والعرق والنفط لمعظم السنوات التي أعقبت استقلال البلاد. ويقدر أن مليوني شخص معظمهم من الجنوب لاقوا حتفهم في الصراع. ووعد اتفاق للسلام أنهى الحرب عام 2005 ابناء الجنوب بالفرصة للتصويت على استقلالهم عن الشمال. واختار ما يقرب من 98 في المئة منهم الانفصال حين أجري الاستفتاء في يناير كانون الثاني. وتشير الاممالمتحدة الى أن جنوب السودان به سبع ميليشيات داخلية متمردة وسيبدأ حياته كدولة مستقلة في منطقة بها اضطرابات سياسية يمكن أن تتحول الى عمليات سفك للدماء. وخاضت اثيوبيا واريتريا المجاورتان حربا مدمرة في اواخر التسعينات بعد انفصال اريتريا. وتفجرت أعمال العنف في كينيا بعد انتخابات ثارت حولها نزاعات في اواخر عام 2007 . وهزت تفجيرات انتحارية العاصمة الاوغندية خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2010 . وتتمركز الجماعة المتمردة التي أعلنت مسؤوليتها عن تلك التفجيرات في الصومال وهي الدولة التي لا توجد بها حكومة مركزية فعالة منذ نحو عقدين. ويقول محللون وعمال اغاثة ان الاستقلال قد يشجع الميليشيات المتمردة في جمهورية جنوب السودان الجديدة على تصعيد تحديهم لحكومة يقول المتمردون انها فاسدة وشمولية. واعترف وزير داخلية جنوب السودان قير شوانج الونج بالمخاوف الامنية وقال للصحفيين "أعداء الجنوب لن يسمح لهم بافساد الاحتفالات." وأضاف أن قوات الامن مازالت تقوم بعمليات تمشيط بحثا عن اسلحة غير مشروعة وتسجل اسماء من يحاولون شراء أسلحة نارية جديدة. وتصدر السلطات بيانات متكررة لاثناء قوات الامن عن أعمال التحرش او اساءة استخدام السلطة. وقال الوزير انه لن يتم التسامح مع اطلاق النيران حتى لو كان بقصد الاحتفال. وأضاف "لن يكون هناك اطلاق رصاص. اطلاق النيران الوحيد سيكون التحية بواحد وعشرين طلقة... أي اطلاق نيران اخر غير مشروع وسيتم التعامل معه." وبدأت السلطات حملة على المرور ايضا. وحقق الانفصال رخاء مؤقتا لاسواق الخضروات والفاكهة على أطراف العاصمة المترامية الاطراف لان الجنوبيين يخزنون الاطعمة قبل الاحتفال. وقال جيفت كاديجا (38 عاما) وهو بائع من اوغندا مثل كثير من الباعة هناك "انهم يشترون فعلا هذه الايام. "يشترون الطماطم (البندورة) والبطاطا (البطاطس) والفول والارز وزيت الطهي للاحتفالات. يستعدون." وعاد مئات الالاف من الجنوبيين الى ديارهم قبل الاستقلال ولايزال المزيد يتدفقون. وكانت رحلة جوية من الخرطوم في الاسبوع الماضي مليئة بالجنوبيين. واستقبلتهم جوبا في صالة استقبال من قاعة واحدة مكتظة بالركاب الذين يسارعون لتسلم حقائبهم. وكتبت مواعيد وصول الرحلات على لوح ابيض على الحائط. على الطريق الرئيسي للبلدة رفعت شاحنات صغيرة محملة برجال علم جنوب السودان الجديد وأخذ قادة السيارات يطلقون النفير بنغمات النشيد الوطني الجديد. وكتب على احدى اللافتات "اخترنا أن نكون مواطنين من الدرجة الاولى." وقال ادوارد روجي (48 عاما) وهو موظف حكومي يقف قرب اللافتة "أنا سعيد جدا ومتحمس للغاية... انا ولدت أثناء هذه الحرب وكبرت والحرب دائرة. اكثر من 40 عاما من الحرب."