الخرطوم-ا ف ب: يشكو السودانيون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية منذ بداية رمضان الذي يحد من قدرتهم الشرائية، بينما تؤكد السلطات أنه "غير حقيقي" وسببه "حالة انتابت الناس" بسبب انفصال الجنوب. ويؤكد علي عمر صاحب محل لبيع اللحوم أن مبيعاته تراجعت بمقدار النصف في رمضان هذا العام. ويقول "خلال عملي في هذا المحل منذ عشر سنوات كانت تتضاعف الكميات التي أبيعها خلال رمضان بسبب زيادة الاستهلاك. لكن ما حدث هذا العام هو أن الكمية التي أبيعها نقصت بمقدار النصف عما أبيعه في الأوقات العادية". ويضيف أن "هذا يعود إلى أن الأسعار صارت مرتفعة مما جعل الناس تقلل من استهلاكها للحوم والبعض توقف عن تناولها". وأشار إلى أن "سعر كيلوغرام اللحم الضأن وصل إلى 35 جنيها (حوالي عشرة دولارات) وكيلوغرام اللحم البقري سعره 24 جنيها (حوالي ثمانية دولارات)". وتقول رشيدة علي أحمد (50 عاما) التي تعمل موظفة حكومية وهي ربة منزل "ما عدنا قادرين على شراء احتياجتنا الاساسية بسبب الارتفاع المتواصل لأسعار الخضراوات والفواكهة واللحوم". وذكرت مثالا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية الطماطم الذي بلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه 20 جنيها (ستة دولارات). وتابعت "حذفنا بعض الفاكهة من قائمة مشترواتنا مثل المانجو". وأضافت "الغريب في الأمر أن هذا موسم إثمارها ولكن سعر الدستة منها وصل الى أربعين جنيها (تعادل 12 دولارا)". أما أحمد عامر بائع الخضراوات في سوق في وسط العاصمة السودانية فيقول "لا أحد يريد شراء أي شيء". ويضيف "في كثير من الأحيان أجلس لأكثر من ساعة زمن ولا يقف أمام محلي أحد. في السابق كنت لا أجد الوقت الكافي لخدمة كل الزبائن". ويتابع الرجل باسف "وهذه الحالة جعلتني أقلل من كمية الخضراوات التي أتي بها كل صباح وأثر الأمر على دخلي والتزامتي تجاه أسرتي". وتفيد إحصاءات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أن معدل التضخم في تموز / يوليو بلغ 17 بالمائة مقابل 15 بالمائة في حزيران / يونيو. وعلل التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء السودانية الرسمية الارتفاع في معدل التضخم بارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفقدت الميزانية السودانية 36 بالمائة من إيرادتها بعد انفصال جنوب السودان لأن ثمانين بالمائة من إنتاج البترول التي كانت تعتمد عليها الميزانية السودانية في السابق تأتي من آبار موجودة داخل حدود دولة الجنوب. لكن وزير المالية السوداني مصطفى حولي قال للصحافيين الأسبوع الماضي إن "ارتفاع الأسعار غير حقيقي وناتج عن حالة انتابت الناس بعد انفصال الجنوب وتوقع أن "تبدأ الاسعار بالانخفاض خلال الأسبوعين القادمين". ويقول أحمد حسين الموظف في شركة خاصة ورب أسرة تتكون من ستة أفراد أن "الغلاء لم يبدأ مع رمضان". وأضاف أن "أسعار المواد الغذائية آخذة في الارتفاع والجميع ينظر إليها ولا يفعل شيئا". وتابع أن "السكر الذي يزيد استهلاكنا منه هذا الشهر وصل سعر الكيلو غرام الواحد منه إلى أربعة جنيهات (1,5 دولار)". وتابع أن "المائدة عندنا فقدت الكثير من الأشياء التي اعتدنا عليها. في أسرتي توقفنا عن تناول صحن العصيدة لأن أسعار الذرة زادت بصورة كبيرة ولم تعد ميزانيتنا تطيقها". والعصيدة أكلة شعبية سودانية تصنع من طحين الذرة ويتناولها السودانيون في وجبة الإفطار. وعبر حسن خلف الله (56 عاما) الذي يعمل بالأعمال الحرة عن استيائه من غلاء الأسعار الذي قال إن "ميزانية الأسرة لم تعد تحتمله". وأضاف أن "أسعار زيوت الطعام ارتفعت بنسبة كادت تصل إلى مائة في المائة وكذلك اللحوم والخضراوات. بقيت أيام على عيد الفطر. إذا كنا في رمضان نشكو هذه الشكوى كيف نشتري لأطفالنا احتياجات العيد؟". وتشكو مناطق الزراعة التي تعتمد على الري بالأمطار من قلة الامطار وتأخر هطولها في مناطق أخرى مما يهدد بنقص حصاد الحبوب الغذائية مثل الذرة التي تمثل غذاء أغلب سكان السودان. ويقول الأمين العام لاتحاد المزارعين السودانيين غريق كمبال لفرانس برس "لا يمكن أن نقول أن موسم الأمطار فشل إلا بعد انتهاء شهر آب / أغسطس. لكن على الدولة أن تتخذ احتيطات للأمر بزيادة المساحات المزروعة في المشاريع التي تروى ريا صناعيا". وينتهي موسم الأمطار الصيفي في السودان نهاية أيلول / سبتمبر. وأعلنت الحكومة السودانية أنها ستزرع أربعين مليون فدان في القطاع الذي يروى بالأمطار ويتركز فيه إنتاج الحبوب الغذائية. وتضع منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو )السودان ضمن دول القرن الإفريقي التي تحتاج لمساعدات غذائية من جراء الجفاف الذي ضرب القرن الإفريقي ولكنه تحدد التأثر السوداني بنسبة خمسين بالمائة.