أستاذنا صاحب القلم الذهبي محجوب محمد صالح قدم نصحاً أبهى من سبائك الذهب المجمّر.. ولكنه قال إنه يعلم أن مقترحه هذا لن يجد أذناً صاغية.. وقد صدق! فقد طال بالقوم السُرى في الطريق الخطأ والنعيم المكذوب وحشد المناصرين الذين ترتّب عليه (امتيازات فادحة) بما يجعل الفطام عسيراً بعد تراكم حقوق التمكين الذي تم على حساب الوطن والمواطنين، وتلازم التمكين مع (المحاصصة) وشراء الولاء (فزاد الطين بلة) وساخت القوائم..! وأصبح الحال على غرار المَثل السوداني الذي درج على تكراره أستاذ لنا في المدرسة الثانوية.. كان يقول بين حين وآخر (رازة ونطّاحة) وهو يعني المكابرة و(قوة الرأس) ورفض العون من الآخرين الذين يريدون إخراجك من الورطة التي أوقعت نفسك فيها.. وإذا شئنا التجسيد والتصوير فإن المثل يشير إلى بقرة غاصت أرجلها في الوحل وأعياها الخروج إلى أرض يابسة، وعندما يحاول الناس إخراجها من الوحل تقوم بنطحهم.. فتغوص أرجلها أكثر في الطين وتزداد تمكّناً في الوحل! الرجل يرى أن تقشف الحكومة وخفض مصروفاتها هو المقابل الموضوعي لزيادة الموارد وتخفيف حدة الأزمة، وقد كان مقترحه متكاملاً و(رحيماً) ولم يحمّل القوم فوق طاقتهم.. كما أنه إكتسى بالواقعية والإمكانية والموضوعية والتجرد والوطنية والإخلاص في إمحاض النصح استناداً الى فهم عميق وتجربة طويلة وحدب كبير على كل ما يخفف عن الوطن والمواطنين (ثقل المؤونة) والحقيقة كما قال إن سياسة التمكين تمّت على حساب العدالة و حقوق المواطنة، كما أن شراء الولاءات تمّ من حقوق الناس والمال العام الذي لم يمنح المواطنين توكيلاً لأحد لتبديده في (المزادات الموسمية)! ومختصر المقترح يتمثّل في التقليص الجذري للوظائف الدستورية، والبداية من القمة بالغاء وظائف مساعدي الرئاسة (ولن يفقد السودان شيئاً من غيابهم، بل يربح) وإلغاء الوزارات (الهلامية) وتوابعها، ووزارات الدولة وتوابعها (مديري مكاتب وسكرتارية وكوادر أمنية وبروتكولية وحراسة، وسيارات عديدة، وسائقون يعملون طوال اليوم) فهي وزارات أُنشئت لتسكين الوزراء الجُدد ولم تنشأ لضرورة.. والإقتصار على 15 وزيراً (الحكومة الامريكية 14 وزيراً فقط) وإلغاء مظهريات الفيدرالية ووزراء الولايات إلى حين معلوم، ويمكن أن يقوم بمهامهم الوكلاء، وإلغاء المعتمدين ويقوم بمهمتهم الضباط الإداريون بأفضل مما يفعل أولئك المعتمدون الحزبيون، وتجميد البرلمانات الولائية التي يعرف الناس أنها لا تفعل أكثر من إجازة كل قرارات الجهاز التنفيذي (الحقيقة لله مع تصفيق حاد وتكبيرات!) وهنا وردت بعض الأرقام ( أكثر من ألف عضو برلماني، وقرابة المائة وخمسين وزيراً، وقرابة المائة معتمد، إضافة للوزراء والمشرّعين في المركز)! إن قيمة هذا الاقتراح وإعجابنا بصاحب القلم الذهبي ورؤيته الفاحصة هي التي دفعتنا للحديث مقترحه بكل تقديراته الصائبة وكلماته الموجزة التي توزن بموازين الذهب، ونحن نعتقد معه بأن تحقيق ما دعا إليه لا يقوى عليه أهل السلطة الذين فعلوا كل ما هو نقيض لهذا المقترح، ولكم كان الرجل مخلصاً في كل ما يقول، ولا يضيره أن يختار الآخرون الطريق الآخر؛ فبدلاً من أن تتقشّف الحكومة من أجل الشعب، الأفضل أن يتقشّف الشعب من أجل الحكومة! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.