عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. هذا المقال جزء من اطروحتى لنيل درجة الماجستير فى العلوم السياسية من جامعة الخرطوم عام 1997 الاطروحة بعنوان: " الطريقة السمانية فى السودان: نظرية و تطبيق" نص المقال: عند الحديث عن تطور الثقافة السودانية, لا بد من التطرق لتطور الطرق الصوفية فى السودان فى الحقبة السنارية. أى تطور الطرق الصوفية فى إذدهار و إندثار الدولة السنارية. فى تلك الحقبة من التأريخ إكتسبت الطرق الصوفية دورا مهما فى المجال السياسى و الإقتصادى و الإجتماعى. كما أن دور الطرق الصوفية فى تلك الفترة أسس لعلاقة الدين بالسياسة فى السودان. تكمن أهمية تلك الفترة أنه فى السنوات الأخيرة قبل إنهيار الدولة السنارية . دخلت الطريقة السمانية غلى السودان التى إنبثق منه الإمام المهدى. درج الباحثون فى تأريخ السودان على رؤية أن عملية التغيير فى حضارات السودان القديمة حكمت بالإتجاه من شمال السودان الى جنوبه. أى أن عملية التغيير جاء نتيجة عوامل خارجة عن السودان . هذه النظرية تركز على العوامل الخارجية كمحرك أساسى للمجتمع السودانى كما أن هذه النظرية تتمحور حول قبول التغيير الخارجى و التأقلم معه. حيث نجد العبارات مثل التعريب Arabicization , التمصير Egyptianizationالتأثر بالمسيحية Christianization الأسلمة Islamization التغريب Westernization. فى هذه المنظومة النظرية التغيير المجتمعى يتم بواسطة مجموعات مهاجرة تقوم بتغيير الثقافات السائدة قبل قدومها و ليس ذلك فحسب و لكن تغيير المجموعات العرقية السائدة قبل قدومها و ليس ذلك فحسب و لكن تغيير المجموعات العرقية السائدة التى تذوب فى المجموعات المهاجرة القادمة. هذا النموذج النظرى نراه فى كتابات Mc Michael , مكى شبيكة و يوسف فضل الذى يقول "نتيجة لدخول القبائل العربية فى مملكة النوبة ذاد التأثير العربى الإسلامى على العائلة المالكة". هنالك نموذج نظرى آخر يتبناه عدد من المؤرخين و علماء الآثار يقول و يركز على الحيوية بدلا عن ركود المجتمع السودانى. كما يركز هذا النموذج على التطور الداخلى بدلا عن التأثير الخارجى. نزكر عدد من هولاء الباحثين (ليس جميعهم) و هم بريان كوك Brayn Hay Cock, عيد السلام سيد أحمد, كروباسيك Kropacek. فى تركيزه على أصالة الثقافة السودانية يقول كروباسيك أن الحضارة النوبية كانت على قدر عالى من الإبداع الثقافى المستقل مقارنة بالمجموعات القبطية. ليس ذلك فحسب و إنما ركز أيضا على وجود دليل قوى على التبادل الثقافى بين التأثير النوبى و مصر العليا. حيث أن المسيحية فى المملكة النوبية كانت مقصورة على الطبقة المالكة و ام تكن ديانة لعامة الناس. إذن نهاية السلالة الحاكمة المسيحية و تبعا لذلك نهاية الديانة المسيحية كدين للدولة ساهم كثيرا فى قبول الإسلام بواسطة السكان المحليين فى وادى النيل. هذا النموذج النظرى الخاص بالإستمرار أو التواصل الثقافى تم تطويره فى دراسة عن السلطنة السنارية بواسطة إسبولدنج Jay Spaulding الذى يقول فى دراسته أنه يرفض المصطلحات التحليلية الإستشراقية مثل الأسلمة Islamization , الهجرة Migration و التعريب Arabicization التى سادت فى الدراسات السودانية لفترة طويلة. تطرق الباحثون لدور التجارة حيث أن التجارة لها قوتها و القدرة على تخطى الخلافات السياسية و العرقية. كان هذا خلال المملكة النوبية. التجارة بين مملكة النوبة و مصر كانت تنظم عبر إتفاقية البقط التى سرت لمدة ستمائة عام. فى خلال القرن السايع لإستقلال مملكة النوبة المسيحية كانوا يعتبرون أن إتفاقية البقط سارية التطبيق, و لكن نجد أن هنالك أكثر من خلاف بين الطرفين. أذن ملوك الفونج كانوا يهتمون بخلق علاقات تجارية بينهم و بين مصر, الحجاز و دول الجوار فى البحر الأحمر. نجد أن تأثير التجارة يمكن أن يعزى لإحدى صفات مملكة النوبة و هى ضعف التركيبة الإقطاعية و التى قادت الى سيادة الإقتصاد المعيشى البدائى الذى يتوافق مع مؤسسة القبيلة. إذن نجد أن التزامن فى ظهور التجارة و الإسلام فى السودان يمثل صفة أساسية فى تأريخ السودان القديم. فى بداية عهد السلطنة السنارية لم يعرف الفونج الإسلام و هذامثبت بدلائل عديدة منها تبنى نظام الوراثة الأموى Matrilineal descent لذلك نجد أن التزامن فى ظهور التجارة و الإسلام فى السودان يمثل صفة أساسية فى تأريخ السودان القديم. فى بداية عهد السلطنة . لذلك نجد أن إعتناق الإسلام بواسطة الفونج كان ضرورة عملية لتنظيم و إذدهار العلاقات التجارية و التبادل التجارى . فى هذا السياق يمكن أن نفهم إنتشار المذهب المالكى فى السودان الذى يتسم بالبساطة و التزمت . التزامن بين التجارة و الإسلام يظهر جليا فى كتاب بوخاردت Burchardt ووصفه للدامر و التى كانت ملتقى القوافل التجارية حيث كان يوجد مدارس لتعليم القرآن و التفسير و التوحيد كما كان يوجد بها جامع كبير. يرى الباحث السودانى عبد السلام سيد أحمد أن نموذج إسبولدنج Jay Spaulding فى دراسته لسنار يتماشى تماما مع تحليل السلطنة السنارية بواسطة نظام الإنتاج الضرائبى. سنار كانت تحكم بواسطة السلطان الذى يفوض سلطته للمانجل و الذى بدوره فوض سلطاته للمكوك الإقليميين. لكن رغم ذلك إستبقى السطان حق التدخل فى الإقتصاد و هبة الأراضى و مصادرة الأملاك. نجد أن الفونج إستحدثوا تبضيع الأرض (او الإتجار فى الأراضى). يذكر أبو سليم أن الفونج عرفوا ملكية الأراضى فى فترة مملكة سنار و التى دل عليها بحالة الدواليب الزين إستعادوا أراضيهم من العائلة المالكة بواسطة السلطان. أدت خصخصة الأراضى و الإتجار بها الى ظهور طبقة التجار فى أواخر سلطنة سنار التى تبنت فى مرحلة متقدمة نظام التوريث الأبوى الذى أدى الى توارى الحق المقدس للسلطان. عملية التعريب التدريجية خلال سلطنة الفونج بدأت بالتزامن مع دخول الإسلام بواسطة التجار العرب و القبائل العربية. وجد العرب مدخل لتمليك الأراضى عن طريق نظام التوريث الأبوى. و لكن تدريجيا و بذيادة النشاط التجارى مع مصر المسلمة و الحجاز, بدأ العرب فى إكتساب نظام التوريث الأبوى و الإنتساب الى الأشراف . دخلت الطريقة القادرية السودان فى عام 1577 م بواسطة الشيخ تاج الدين البخارى الذى لبى دعوة تاجر سودانى. لم تكن الطرق الصوفية منظمة بالشكل الذى نعرفه فى الفترة الأولى من من حكم الفونج. كان الشيوخ كافراد يأتون للسلطنة يكونون خلايا مسلمة تتحول إلى خلاوى و مرجعية دينية. حيث كانت الزاوية فى عهد سلطنة الفونج تمثل خلية صوفية فى مجتمع و ثنى. كانت العلوم الصوفية تدرس بواسطة الفقهاء أو رجال التصوف الزين كانوا يركزون مجهودهم فى الزاوية التى يوجد بها الأسرة, العبيد, الخدم و الحيران و التى كانت تمثل محطة للمرتحلين الى الحج. مرونة الطرق الصوفية و إستعدادها للتعامل و قبول المعتقدات و العادات الدينية القديمة. مكنت الطرق الصوفية من إدخال أعداد كبيرة من الوثنيين الى الإسلام. هذه المرونة فى الطرق الصوفية نتجت عن شخصنة التدين (أى العلاقة بين الإنسان و ربه) و بالتالى العملية و المرونة التى تمثلت فى عدم وجود إلتزامات شرعية متزمتة (مثل استخاذ لبس معين). من جانب آخر أدى التداخل بين الطرق الصوفية و السكان المحليين فى أفرقة Africanization الطرق. هذه العملية حكمت بواسطة التتابع الثقافى أو Cultural Institutional Continuity أدت هذه العملية فى خلق تقاطع ثقافى. فى جانب أدت الى أسلمة الوثنيين و فى الجانب اللآخر أدت إلى أفرقة الطرق الصوفية. أو Africanization of Sufi Institution أذن طبيعة الإسلام فى السودان منذ بواكيره الأولى يختلف عن بقية الدول الدول العربية الأسلامبة إذ توجد فيه و بقوة البصمة الأفربقية.