ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء لم يكن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم احتفال بشخصية كسائر الشخصيات التي ظهرت في التاريخ والتي كان لها أثرها المحدود وغالبا ما ينتهي ذلك الأثر برحيل تلك الشخصية وموتها .لم يكن الاحتفال ببشرية الرسول صلي الله عليه ووسلم وآدميته التي حكم الله تعالى عليها من أول وهلة بالفناء وذلك في قوله تعالى (( وانك ميت وانهم ميتون )) وقوله (( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت أهم الخالدون)) . لم يكن الاحتفال بذلك مع اعتقادنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره وفي روضة من رياض الجنة . لكن الاحتفال بقيم تنزلت وظلت دائمة ومستمرة يحويها ذلك الكتاب الذي لم يعتريه تحريف ولم يناله تزييف منذ نزوله والى يومنا هذا محفوظ ما بين السطور وداخل الصدور . الكتاب الذي ظل معجزة باقية لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي غرائبه ولا يشبع منه العلماء كما في قوله تعالى (( لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم)). بهذا الكتاب نحتفل وبما ورد فيه من قيم نبتهج . جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ووجد المجتمع الانساني في هرج ومرج وفوضى عارمة وبخاصة الجزيرة العربية وجد العرب يتفاخرون بالأنساب وينابذون بالألقاب ويئدون البنات متفرقين متشتتين لا رابط بينهم لا وجود لضعيف ولا مكان لوضيع بينهم . جاء الاسلام ووجدهم على هذا الحال فأصلح حالهم ووحد صفهم وأخرج منهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله فكانت الأمة الواحدة ذات الرب الواحد والقبلة الواحدة والكتاب الواحد والرسول الواحد فكانت كالبنيان يشد بعضه بعضا كالجسد الواحد المختلفة أعضاؤه المتباينة وظائفه المتعاونة في عملها المتحدة للهدف ا لواحد وهو الأمة المسلمة التي لا شئ يفرقها ولا يميز بينها وهم ينادون البشرية جمعاء للالتحاق بهذه الأمة والتي تهيأت لها كل الظروف لتصبح حقيقة وذلك بسبب تقارب الزمان والمكان وبسبب ثورة المعلومات والاتصال التي جعلت العالم مهيأ لمولد الأمة الواحدة والاسلام مؤهل لأن يكون راعي تلك الامة وكافلها وهو على ذلك قدير وبه جدير .فلذا جاء النداء للبشرية كافة وأول من نودي ودعي بذلك أهل الكتاب كما في قوله ((قل يا أهل الكتاب تعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا)) جاء الاسلام فعرف الانسان بقيمته وقدره وذلك في قوله ((ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا)) فبعد أن عرف الانسان بقيمته وقدره نبهه ولفت نظره الي وظيفته في الدنيا ذات الشقين التطبيق والتبليغ فوظيفة التطبيق في قوله تعالى((وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين)) أما وظيفه التبليغ قول النبي صلي الله عليه وسلم ((بلغوا عني ولو آية)) وأيضا كما في قوله تعالي ((لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)) فخرج المسلمون بالاسلام الي بقيه الشعوب مستصحبين معهم تعاليمه وسلوكه وذلك في قوله تعالي ((ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)) كما أمروا أن يحسنوا لكل شئ(( ان الله يحب المحسنين)) و أن يحافظوا علي البيئة بكل مكواناتها انسانها وحيوانها وشجرها وذلك بأن لا يقتلوا نفسا بغير نفس ولا يعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ولا يصطادوا صيدا ولا يقطعوا شجرا الا بقدر الحاجة. فخرجوا بهذه التعاليم والمثل وحملوها للعالم فكانت المنطلق والبداية للنهضة الانسانية التي لم تتوقف حتي اليوم فهذه التعاليم في مجملها هي القيم التي بها نحتفل وهي تمثل نعما تستوجب الشكر و الابتهال وتقتضي الفرح والاحتفال فأي نعمة أكبر من نعمة الاسلام وأي منة أعظم من نبي الاسلام كما في قوله ((لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) . وما كان الاحتفال بالمولد الا استعراضا لسيرته واستقراء لما جاء به من قيم وشكر علي منن وتذكير بنعم والذكري تنفع المؤمنين وتحضهم علي العمل والاتباع . والاحتفال رد علي هؤلاء الذين ما برحوا يسيؤن الي رسول الله صلي الله عليه وسلم ويشوهون صورته ويقللون من قدره ويطعنون في دينه وفي قرآنه . فالواحب علينا أن ندافع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وبأي وسيلة وذلك بتطبيق شريعته ونشر دعوته والتبشير بدينه واظهار محاسنه وعمل كل ما يدل علي محبته ومنها الاحتفال بمولده لقد أضعنا كثيرا من الزمن في الجدال في مسائل فرعية خلافية منها التصوف وضلالته والاحتفال بالمولد وبدعيته والعدو علي الابواب متربص بنا ليميل علينا ميلة واحدة فالواجب أن نترك الذي بداخل الحظيرة بزينه وشينه وندخل من هو خارجها وذلك بالتبليغ وترك التصنيف هذا مشرك وهذا مسلم وهذا مبتدع والذي أضعف الامة وفرقها. احتفلوا بميلاد نبيكم ولا أظن أن الذي يحتفل بالنبي يكون أسوأ حالا يوم القيامة من الذي يحاول ان يقنع الناس أن الرسول صلي الله عليه وسلم أدي رسالته وانتهي . احتفلوا به وحببوه لأطفالكم بتوزيع الحلوي والملابس واللعب وذكروهم بهذه المناسبة وقولوا لهم أنه ميلاد محمد .وهو الذي ارحم من كل أم بابنها ووالد بولده حتي ينشأوا علي حبه والمثل يقول ((من حب شخصا حب كلبه)). أظهروا حبه للأعداء لأن حبكم له هو الذي يحرك مكامن الحقد والكراهية فيهم ولأن رؤية الاحتفال متاحة لهم اكثر من رؤية الاتباع ويمكن للاحتفال أن يكون مادة اعلامية للفت النظر لهذا النبي وسيرته . احتفلوا به وابذلوا كل غالي ورخيص واطعموا الطعام وزوروا المرضى وتعافوا وتصافحوا هكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في كل مناسبة وفي غير مناسبة تذكزوه واذكروه وأكثروا من الصلاة عليه وترنموا بالاشعار وانشدوا المدائح التي تفصح عن سيرته وخلقه ودعوا ما ادعته النصاري في نبيهم وانسبوا اليه ما شئتم من عظم . احتفلوا به لان الاحتفال به يغيظ الكفار ولأنه ما تطأون موطئا يغيظ الكفار الا كتب لكم به عمل صالح ان شاء الله افرحوا به لأنه لا يكمل ايمان أحدكم حتي يكون الرسول صلي الله عليه وسلم احب اليه من نفسه وولده ووالده والناس اجمعين. ahmed altijany [[email protected]]