لعناية المجلس العسكري الانتقالي والحكومة المدنية القادمة ظلت الإنسانية ومنذ فجر التاريخ تضع خطاً أحمراً إزاء التعدي المتعمد للحدود سواء على النطاق الفردي أو القومي أو العالمي.فعلى النطاق الفردي نجد أن لكل مزارع قطعة أرض لا يسمح لأي أحد التعدي عليها وقد أريقت دماء ومات العديد من الأشخاص بسبب تعدي الرعاة على أراضي المزارعين ولا زالت القضية مثار نزاع في العديد من الدول الأفريقية أو الآسيوية على وجه التحديد.أما على المستوى القومي فهناك أجزاء من مناطق اقتطعتها الحكومات وأضافتها إلى إقاليم داخل الدولة الواحدة . وعلى الصعيد الدولي لا زالت النزاعات الحدودية تشكل هاجساً لمعظم الدول وخاصة الأفريقية منها . فعلى سبيل المثال يوجد نزاع حدودي بين زامبيا وزيمبابوي ، السودان وجنوب السودان، السودان ومصر، السودان واثيوبيا وهلمجرا. وفي هذاالصدد نجد أن السودان الدولة الأفريقية الوحيدة التي تعاني أكثر من غيرها من النزاعات الحدودية وقد سعت مختلف الحكومات لحلها. ما يهم من هذه المقدمة والأكثر إيلاماً تعدي الحكومات السودانية على أراضي بعض الولايات وإهمال البعض بالرغم من أنها كانت أقاليم رسمت حدودها بعناية فائقة من قبل المستعمر وأصبحت تلك المناطق كينونات قائمة بذاتها وفق مكونات اجتماعية تمثلت في المصاهرة والعادات والنواحي القبلية حتى لا تحدث احتكاكات بين القبائل. كانت دارفور مقسمة لمناطق إدارية هى شرق دارفور، جنوب دارفور، غرب دارفور ووسط دارفور وظل هذ التقسيم الإداري سائداً إلى أن ألغى الرئيس الراحل جعفر محمد نميري المحافظات واستبدلها بولايات ثم جاءت حكومة الانقاذ وزادت عدد الولايات ولكنها على حساب مناطق أصيلة منها شرق دارفور التي عاصمتها الإدارية أم كدادة. فقد بترت حكومة الإنقاذ أجزاءاً من شرق دارفور وضمتها إلى ولاية جديدة إسمها ولاية شرق دارفور وعاصمتها الضعين . حدث كل هذا النهب الإداري علناً بينما التزم مواطنوا مناطق أُم كدادة الصمت واعتصروا الألم رغم النزيف وتجريد المنطقة من أهم مناطق الانتاج الزراعي والثروة البشرية والحيوانية. ومما يؤسف له سرقة اسم شرق دارفور وهو اسم تاريخي كان من المفترض أن يسجل في سجل البراعات لأنه يضم تاريخاً حيوياً بالغ الأهمية للسودان خاصة وأن منطقة شرق دارفور وبقية مناطق دارفور ظلت عصية على المستعمر لحوالي ثمانية عشرة عاماً من احتلال السودان. وحيث أن المجلس العسكري الانتقالي اتخذ منذ توليه الحكم في 11 أبريل 2019م خطوات عملية لاسترداد الأموال العامة المسروقة والمأخوذة عنوة وإيداعها في خزانة البنك المركزي ووضع المتورطين أو المشتبه فيهم في السجون إلى حين تقديمهم للمحاكمة لم يخطر ببال المجلس العسكري سرقة أراضي منطقة أم كدادة وكذلك سرقة اسم شرق دارفور علناً وهذه السرقة بمثابة من يسرق لوحة سيارة ويستخدمها للقيام بأعم النهب المسلح وهذا ما حدث لمنطقة أُم كدادة أو شرق دارفور. رسالتي للمجلس العسكري وأنا من يؤيد قراراته الشجاعة في استرداد الأموال العامة المسروقة من القطط السمان أن ينصف مواطني مناطق أُم كدادة بإعادة جميع الأراضي المنهوبة إلى المنطقة وسحب اسم شرق دارفور من الولاية التي ولدت بطريقة غير شرعية ولا يحق لها أن ترث أي اسم بموجب الشريعة وأن يتم فوراً إعلان ولاية شرق دارفور وعاصمتها أُم كدادة. سنظل نطالب بهذه الحقوق وسيظل صوتنا عالياً عبر الأثير إلى أن يستجيب المجلس العسكري أو الحكومة المدنية القادمة لنداء أهل أُم كدادة لأنه وللأسف الشديد وبعد سرقة الإسم وانتزاع أراضي وضمها إلى تلك الولاية المزعومة لم تقدم الحكومة خدمات إنمائية بل ونتيجة للمحسوبية تحققت التنمية في الضعين وأصبح بها مطار دولي وجامعة ومستشفى مرجعي وخدمات الكهرباء والمياه على حساب الأُم أُم كدادة بينما كانت الحكومات المتعاقبة لا تلتفت إلى أُم كدادة إلا مع قرب موعد إجراء الانتخابات مع وعود كاذبة وحرمان من التنمية. تنبع أهمية أُم كدادة ومناطقها بأنها أنجبت أفذاذاً في شتى ضروب المعرفة ساهموا في نهضة السودان وإعلاء اسمه منهم أشهر طبيب للعظام الدكتور عبد الرحمن الزاكي ، المذيع أبوبكر صالح الذائع الصيت الذي عمل في إذاعة أم درمان وهيئة الإذاعة البريطانية الذي قدم مع بلقيس عوض أهم البرامج العلمية في الستينات من القرن العشرين وهو برنامج دنيا العلوم، آدم عبد المؤمن مدير النقل النهري السابق، المرحوم مالك الزاكي مديرمعهد القرش الصناعي السابق والذي اسهم إسهاماً كبيراً في إسعاد آلاف اليتامى والفقراء، البروف أحمد الطيب زين العابدين أحد رموز الثقافة والأدب في السودان، التجاني سراج عضو المجلس الأربعيني لطلاب جامعة الخرطوم والذي ساهم في التطور السياسي للسودان، محمد صالح يس ذلك العلم الإعلامي الكبير الذي وللأسف تم إعفاؤه من العمل في الإذاعة السودانية بتهمة ملفقة، أما في الخارج فلدينا كفاءات مشهود لها بسعة الأُفق الثقافي والحكمة حتى تبوأ البعض منهم مكانة مرموقة في بعض الدول الأوروبية ونالوا ثقتها وعلىرأسهم البروف عبد الله عثمان التوم الذي أصبح مستشاراً للحكومة الإيرلندية في الوقت الذي تدوس الحكومات السابقة بالأقدام منطقته. وإلى جانب هذا هناك عدد من الضباط الذين ساهموا في تطوير القوات المسلحة وعلى رأسهم المرحوم أبو كدوك قائد الكلية الحربية الذي كان غاية في النزاهة والوطنية والبعد عن المحسوبية حتى أنه رفض قبول ابنه في الكلية الحربية. ومنهم اللواء أمين أبوشوك الذي اختاره الراحل المشير سوار الذهب والياً لولاية لعلمه بتجرده ووطنيته . إن ما ذكرتهم هم بعض الرموز الهامة في مناطق شرق دارفور وهم امتداد طبيعي للذين ناضلوا مع الإمام المهدي من أجل تحرير السودان وعلى راسهم عائلة أبوكدوك. فكيف لهذا العطاء والإرث التاريخي أن يصبح كأثر أقدام في الرمال المتحركة بالربع الخالي. أُكرر النداء مرة أُخرى للمجلس العسكري الانتقالي أن ردوا الاعتبار لمنطقة أُم كدادة بإعادة الإسم المسروق فوراً وإجراء عملية جراحية لاستئصال الأراضي التي ضمت الى الضعين وإعادة زرعها في جسم شرق دارفور وعاصمتها أُم كدادة . ولا أود الحديث عن مناطق أُخرى مظلومة تم تهميشها وهى النهود التي من المفترض أن تكون عاصمة لغرب كردفان وكذلك ربك كما قال أحد مثقفي منطقة أُم كدادة الأُستاذ/ محمد على عبد الوهاب.التاريخ لن يرحم الجيل الحالي من مواطني مناطق أُم كدادة إذا التزموا الصمت وانتهجوا "I do not care attitude". عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.