عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. منذ يوميْن وأنا أتحرّق شوقا للكتابة عن حبيبي الجنرال/ سيمون بوليفار، ولكن لا بأس يا صديقي سأكتب عنك اليوم وإن لم يأتِ ذكر اسمك في العنوان، لأشكو لك جنرالات هذا الزمان..! ولمن لا يعرف بوليفار، فهو جنرالٌ وعاشقٌ وحالمٌ بدرجة أركان حرب، قصيرالقامة، ضعيف البنية. عاش في هذه الدنيا 47 عاما ليس إلا. وُلد عام 1783 وتوفيَ في 1830 وخلال هذا العمر القصير كقامته حرّر أمريكا اللاتينيّة من الإستعمار الإسباني (قل جلّها) ولكن من نال الإستقلال من بعده من دول كان بفضله، فلقّب بالمحرّر. الرواية العظيمة (الجنرال في متاهته) للفذ/ غارسيا ماركيز كانت سيرةً لحياته كما وثّق لها وتخيّلها الروائي. فأيّ جنرالٍ في المجلس العسكري الحاكم الآن كان من الممكن أن يكون أبا له بحسب العمر.. فليسألوا أنفسهم، أو نسألهم نحن، عن ماذا فعلوا وحقّقوا طوال حياتهم العسكريّة المديدة، سوى أنّهم شاركوا البشير في كلّ جرائمه في كردفان ودارفور، الجنوب والأنقسنا. "الجنرال حميدتي" كان همباتي ملشياتي محترف، إرتكب أفظع المجازر في كردفان ودارفور بحيث يصير فضّ الإعتصام رغم بشاعته نزهةً عابرة بالنسبة له فالقتل والتعذيب والإغتصاب بأقسى الأساليب، يعقبها نهب وحرق القرى، إلى جانب معسكرات اللاجئين كلّما عنّ له ذلك. ولترويع الأهالي العزّل إستُخدم الإغتصاب على نطاق واسع، فبكل بساطة يتم إغتصاب البنت، ولو كانت قاصرا، أمام أهلها وبعد ذلك ذبحها، أمامهم أيضا. أو إغتصاب المرأة أمام زوجها. تقول الأممالمتحدة أن عدد من قُتلوا في دارفور فاق مئتيْ ألف.. لكنّ البشير قال أنّهم عشرة آلاف فقط، يعني حسب فقهه المالكي أنّه لم يصل لحد الثلثين المسموح به، ولا قريبا منه، ولذا فهو يعتبر نفسه لم يرتكب جرما. فكان هذا الهمباتي بتلك الصفات صيدا ثمينا للبشير، فأدخله لجهاز الأمن الذي يمكن أن يدخله أيّ مدني في خانة بصّاص برتبة عالية، فلم يعترض عليه أحد من ضباط الأمن كبيرا أو صغيرا. ولكنّ الغريب في الأمر أن يحوّله للجيش برتبة لواء، ثم فريق، ولا يعترض عليه واحد من التنابلة الذين يحكمون شعوب السودان الآن.. وليصبح هو نائبا للرئيس، الممسك بالسلطة الفعليّة بين يديه متجاوزا البرهان ذو الإبتسامة البلهاء. ولتصبح مليشياته بديلا للجيش وبرضى التنابلة في سابقة لم تحصل لا في السودان ولا في بلاد الواقواق حتى؛ فإختفت الشرطة العسكريّة والمدنيّة وأفراد الجيش من على وجه البسيطة المُسماة الخرطوم..! والأعجبُ من ذلك باقي أعضاء المجلس حين يتحدثون عن الشرف والإستقامة والنزاهة العسكرية، حججهم ومبرراتهم للحكم، وأنّهم هم المسؤولون عن أمن البلاد والعباد، يتحدّثون عن ذلك بدون خجل.. أليس لهؤلاء أُسرٌ، زوجاتٌ وأبناء وبنات، أهل، جيران، أصحاب غير عساكر فهل كذّبوا عليهم عن فضّ الإعتصام قبل أن يعترفوا بالفِعلة، وماذا يقولون لهم الآن، ماذا يقولون لهم عن الهمباتي بمليشياته التي إستباحت العاصمة المثلثة وبعد أن عرف الناس عما فعل في الغرب، وراحوا يطبّقونه في الخرطوم، كيف سيبررون لهم أداء التحيّة العسكريّة له، وإجبراهم للضباط الشرفاء على فعل ذلك بحكم الرُتب..؟ منذ اليوم سوف لن أرسم علامة الإستعجاب كلما سألتهم سؤالا.. ولسوف أنظر في أمر علامة الإستفهام ذاتها.