ستون عاماً والشعب السوداني المسكين يتلاعب به الإنتهازيون والحرامية واللصوص، تجار الشعارات والأوهام . . ! وكلاء أقطاب الصراع الدولي، وظلال الحرب الباردة . الذين ضيعوا السودان كوطن وشعب بشعاراتهم العابرة للقارات وممارساتهم الدنيئة السارقة لابسط الخيرات . . ! شعارات قادت السودان إلى الضياع، ستون عاماً، وأكثر . . ! إستنزفوا خيراته وطاقاته بإسم الدين والطائفة والقبيلة والجهوية والعنصرية . . ! فضاع السودان، وعانى شعبه، بسبب عجز الثقافة والأفكار، ونجم عنهما خراب آخر ، مثله تدخل العسكر في السياسة، بلا زاد أو معرفة، فزادوا الطين بلة . . ! وإختلت معايير الحياة، وإنفرط عقد الأمن والأمان، وغابت الحقائق الموضوعية، وحلت الشعارات الهلامية والفوضى، وإزدادات مساحات التشظي والخراب والتراجع في الخطاب السياسي والثقافي والإعلامي . . ! وإنسدت شرايين الفكر الحر، وتقلصت مساحة الحوار ، وتحول إلى حوار بنادق وإستوطنت الحرب وتناسلت، وتكاثرت رايات النضال وتباينت شعاراته، وتأهت خطاه . . ! لأن البدايات كانت خاطئة، والثقافة ظلت ضامرة، أو بالأحرى هي مطمورة في جوف التراث . . ! والعقل ملاحقاً بإتهامات الكفر والخيانة والزندقة والإلحاد . . ! والأخلاق منبوذة في قارعة الطريق، لا أحد يتقرب منها، أو يلتفت إليها في عهد تسيده العسكر، الذين سندوا ظهورهم بجوقة الإنتهازيين وشيوخ فتاوى التضليل، وشعارات التهليل والتكبير في كل كبيرة وصغيرة . . ! والشعب المحاصر بالسلاح والقهر والفقر والتفقير والسجون والتخويف والجهل والتجهيل الذي برع فيه أشباه المثقفين الذين كان منتهى حلمهم بناء العمارة وإمتطاء السيارة . . ! عاونهم وسار في دربهم بعض الإعلاميين المنافقين الذين أطلقوا رصاصات الرحمة على ضمائرهم في ظلام الطغيان والإستبداد، وخرجوا لساحة السياسة والإعلام مزودين إنفسهم بعدة الشغل، فأبدعوا في تزييف الحقائق وتسويق الأكاذيب والدجل والشعوذة، ومارسوا الميوعة الأخلاقية وجعلوا من اللغة ومفرداتها بائعة هوى رخيصة، تتبرج إطراءاً ومديحاً للطاغية وسياساته في التلفاز والفضائيات والصحف وكل وسائل التواصل مع الجماهير ونقل المعرّفة، حتى أوصلوا بلادنا إلى قاع الإنحطاط . . والطاغية المفتون بعرشه، يرقص فرحاً وطرباً فوق جماجم ضحاياه في السجون والمعتقلات وزنازين التعذيب، وميادين الحرب التي كانت تحصد أرواح البسطاء في الفيافي البعيدة كالجراد، لأن المنافقين في الإعلام ومنابر التضليل الديني، والتجهيل السياسي، كانوا يزينوا له تصرفاته المستبدة، وجرائمه المروعة بخطاب إعلامي وسياسي وجهوي وعنصري وديني منافق . خطاب إنتهازي فاق الحدود، خطاب غيب الوطن والشعب، من أجل حكم طغمة فاسدة . . ! لكن إرادة الشعب في لحظة تاريخية فارقة إنفجرت ثورة شعبية، هدمت عرش الطاغية وهياكل التضليل، وحتماً ستواصل مدها وتمددها، وتقتلع ما تبقى من جذور الفساد والخراب الثقافي والسياسي والإعلامي والإقتصادي والإجتماعي والفني والرياضي، وتقضي على كل رموز التضليل والنفاق، وتكتب نهاية عهد التلاعب وتعليب الجماهير . إنه عصر الجماهير والمعرفة والحرية والجيل الراكب رأسو، الذي صنع التغيير بالأرواح والدماء والدموع. التحية للشعب المعلم والثائرات والثائرين. والتحية للشهداء الذين هم أكرم منا جميعاً. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.