قرأت ترويجا لكتاب جديد في الصحف المحلية الصادرة في السودان بعنوان( في (محكمة التاريخ ..المشير البشير من حي كوبر الى سجن كوبر) لمؤلفه صديق البادي. والاستاذ صديق البادي صدرت له العديد من الكتب في عناوين مختلفة وكذلك في موضوعات مختلفة ، وهو كاتب صحفي كتب في العديد من الصحف السودانية هو ايضا باحث من الدرجة الاولى وله قدرة كبيرة على الصبر والتأني وتحمل الصعاب من أجل الحصول على المعلومة وكما هو معروف للبعض ان البادي مزارع في مشروع الجزيرة ومعظم انتاجه الزراعي يحوله الى انتاج فكري في البحث عن معلومات كتبه وتجهيزها وطباعتها وما يأتي من عائد التوزيع ، لايساوي اصلا عائده من الانتاج الزراعي في مشروع الجزيرة ، الذي ينفقه على تلك الكتب . والكتاب الذي تم الترويج له ( البشير من حي كوبرالى سجن كوبر ) تم في زمن وجيز ، حيث ان هذه المدة لم تتجاوز في مجملها ، ال (150) يوما وهي بحسابات انتاج الكتب وجمع مادتها وتنسيقها وكتابتها وتصحيحها ، وتجهيزها الطباعي ، فهذه المدة قصيرة جدا على مراحل انتاج الكتاب لو كان من الحجم المتوسط ومحدود الصفحات ، وحالة كتاب البادي هذه ذكرتني ما يحدث في الشقيقة مصر هي تخرج عشرات الكتب في وفترة وجيرة جدا لحدث مهم في مصر ،وهي بالتأكيد أقصر من المدة التي خرج فيها كتاب الاستاذ صديق البادي ، والاخوة في مصر يعتمدون دائما على الارشيف الصحفي في تناول ذلك الحدث موضوع الكتاب بالاضافة الى استدعاء المعلومات المتعلقة بالموضوع من خلال توظيف اكبر عدد من الاشخاص لانجاز هذه المهمة بالاضافة الى توفر المطابع في مصر وقلة تكلفة أنتاج الكتاب وطباعتها ، وهذه المعينات والامتيازات غير متوفرة في الخرطوم بالقدر الذي تسمح فيه بانتاج كتاب بهذه السرعة . وان كان هذه الامر قد تم بهذه السرعة في الخرطوم ومع هذا الكتاب فان هذا الامر يحمد للاستاذ صديق البادي ،برغم من اننا لانعرف بالضبط كيف تم بهذه السرعة ، لكن عنوان كتاب قد يكون جاذبا للباحثين ولأهل التوثيق السياسي وللمهتمين في الشأن السياسي في السودان . وحقيقة لم أطلع على الكتاب ولم أر سوى هذا التروج له في أحد الصحف المحلية في الخرطوم ، ولكن من خلال هذا العنوان فان الكتاب يحتوي على سيرة ذاتية للبشير اكثر من انه يوثق لتلك الثلاثين عاما التي قضاها في الحكم بشيء من التفاصيل التي تفيد أهل البحث والعلم وتروي ظمأهم من تلك المعلومات التي يبحثون عنها خاصة وان تلك الفترة تكتسب أهميتها من طول مدة الحكم فيها لرجل واحد وكما قيل عن البعض فان البشير يأتي في المرتبة الثانية في حكم السودان بعد ترهاقا او كما قيل . وعنوان الكتاب ( المشير البشير من حي كوبر الى سجن كوبر ) ليس فيه مايوحي غير انه لم يخرج من بيئته الجغرافية ولم يطلع من محيط السكني مع اختلاف الحياة في منزل اسرته بحي كوبر وطبيعة الحياة في سجن كوبر، وهي مساحة الحرية . والكتاب في حد ذاته مبادرة جيدة لكن السرعة في اصداره قد تصيب بعضا من المعلومات في صحتها او تفقتد معايير الدقة ، ومهما يكن من أمر فان فترة الانقاذ او حكم عمر البشير الذي استمر 30 سنة تحتاج لعشرات الكتب بعناوين كثير منها على سيبل المثال لا الحصر ، كتاب عن (طريقة استيلاء على الحكم ) كتاب عن (مسيرة الحكم المحلي) خلال تلك الفترة ، (التحالفات الدولية والاقليمية في عهد الانقاذ) وكتاب عن( مفاصلة الاسلاميين واثارها) وكتاب عن (انفصال الجنوب) وكتاب عن (المعارضة السياسة في عهد الانقاذ )، وكتاب عن الحركات المسلحة وتوالدها وانتشارها)، وكتاب عن (ترهل الحكم ) وكتاب عن (البترول كيف انتج واين ذهبت عائداته ) وغيرها من العناوين التي تتناول مسيرة حكم البشير خلال الثلاثين عاما التي انتهت في الحادي عشر من ابريل 2019م . على كل يبقى جهد الاستاذ صديق البادي مقدرا في انه فتح باب التوثيق لحكم البشير ، وانه كتابه هذا ربما يكون بداية حقيقية لتوثيق تلك الفترة من تاريخ السودان وماتركته في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.