قبل أن أتورط في إثارة سخط أحد من القوى التي ساهمت في صنع ثورة ديسمبر العظيمة. أحب أن أقول هنا: إنني لا أهدف إلى التقليل من نضالاتكم، أو الإستخفاف بقدراتكم، أو السخرية من أحد، أيا كان سواء قوى إعلان الحرية والتغيير، أو العمود الفقري للثورة، تجمع المهنيين، أو غيره من القوى شاركت في الثورة ودعمتها. تقديري لكل هؤلاء الذين بذلوا وما زالوا يبذلون الجهود المخلصة، من أجل تحقيق أهداف الثورة، على رأسها الفراغ من تشكيل الحكومة المدنية، ومساعدتها لبسط هيبتها في أجهزة الدولة والتخلص من بقايا النّظام لاسيما الفاسدين والمجرمين. ما أريد مناقشته معكم في هذا المقال، هو بعض النقاط، أو بعض الأسئلة. هل تسيير المسيرات والمظاهرات، سيساهم في خدمة الثورة، أم سيكون خصما عليها . . ؟ صحيح الثورة قامت من أجل بسط دولة الحريات والعدالة والسّلام، لا شك في ذلك. لكن تحديد الأولويات، في تقديري، أمر مهم، هذا إذا أخدنا في الإعتبار، طبيعة العدو، وحجم الخراب العام، والتركة التي تواجهها حكومة الدكتور عبدالله حمدوك. الأعباء ثقيلة تنوء عن حملها الجبال، لكن حب الدكتور وزملائه في مجلس الورزاء لوطنهم، جعلهم يشمرون سواعدهم ، ويستنفرون طاقاتهم، ويدقون صدورهم للعطاء المخلص خدمة لوطنهم وشعبهم، الذي جاء بهم إلى سدة السلطة بعد ثورة شعبية شهد العالم بعظمتها. والنقطة الثّانية: وهي أن المشاكل داخل هذه التركة متفاوتة: هناك بعض القضايا، مثل مرض السرطان. . وقانا الله وأياكم منه . تحتاج لعلاج عاجل . وهناك مشاكل مثل الصداع، والزكام. بطبيعة الحال، التشخيص يسبق العلاج. وحكومة د. عبدالله حمدوك، مشكورة ومقدرة، قد شخصت الأمراض ، التي تحتاج لعلاج سريع، وأخرى تحتاج لعلاج، لكنها ليست خطيرة. ومشاكل السياسة والإقتصاد وحجم الخراب وشبكات الفساد، التي خلفها النظام السابق، لا أحد يكابر في التقليل منها. بلا شك هي أمراض خطيرة وتحتاج لعلاج سريع وعاجل. المسيرات والمظاهرات التي إنطلقت قبل يومين ليست أحد علاجاتها، أو حلولها. هذه المرحلة، تفرض على الثوار تقديم الدعم والإسناد والتحلي بالصبر، أقول ذلك وفي بالي طبيعة قوى الردة التي تتربص بالحكومة المدنية، ومكتسبات الثورة وبصورة خاصة السيد رئيس الورزاء لأنه حاز تأييد الشعب. لذلك على قوى الثورة، أن لا تقدم خدمة مجانية لأعداء الثورة ، بهكذا مظاهرات ومسيرات. هناك قنوات أخرى يمكن التواصل عبرها مع مؤسسات الفترة الإنتقالية لتحقيق إختراقات حقيقية، تخدم خط الثورة . صحيح البلد مواجه بحالة تدهور في مستوى المعيشة، وهكذا الإعلام والثقافة والتعليم وغيرها من القضايا المهمة، وعلى رأس هذه القضايا، قضايا اللاجئين والنازحين والمشردين، ووقف الحرب وتحقيق السّلام، كل هذه القضايا تحتاج لوقت وتخطيط، فالعقبات والتحديات والمؤامرات لا تواجه بالنوايا الطيبة أو الخطب الرنانة، وإنما تواجه بالتحلي بالحكمة وبعد النظر ومد حبل الصبر . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.