عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. تأمُلات
لابد أن تظل الأعين مفتوحة لحماية هذه الثورة، لا لشيء غير أن بعض منجزاتها - على قلتها - تحققت بعد مخاض عسير، وعبر أرواح شباب غض نراهم أجدر بالحياة منا جميعاً، لكنهم رحلوا لعليين بإذن الكريم. لهذا لم ولن نألوا جهداً أو نتردد في الإشارة لمواطن أي خلل في الحكومة الانتقالية، لفهمنا بأن هذه هي الطريقة المثلى لحماية الثورة وسد المنافذ على بعض الخبثاء والمتلونين الذين ركبوا قطارها من محطات متقدمة كثيراً، حينما أدركوا أن نجاحها أصبح واقعاَ ملموساً. وقد كنا نعلم أن هؤلاء سيرتدون علي أعقابهم بشكل أو بآخر في مرحلة ما، لأن المتلون يظل متلوناً والحرباء لا يمكن أن تصير أسداً و (زول مواجهة). ولعلكم تلاحظون أن بعضاً من هؤلاء لا يفوتون فرصة للنيل حالياً من الثورة وحكومتها، بالرغم من أنهم لبسوا في مرحلة ما ثوب الثوار الذي لم يناسبهم مهما قالوا أو كتبوا. ولمن يحاولون أن يوهموا البسطاء وأصحاب العاطفة المفرطة بأن الحكومة المدنية ما تشكلت إلا لطمس الهوية وإبعاد السودانيين عن دينهم.. ولمن يفتنون ويطلقون الأحكام الباطلة أوجه السؤال: هل سمعتم بالدكتور أكرم التوم!! دكتور أكرم هو وزير الصحة الانتقالي وهو أحد ألمع الأمثلة في حكومتنا الإنتقالية. ومثلما قام وزير المعادن ووزيرة التعليم العالي بمجهود ملموس لتنقية الأجواء في وزارتيهما من التلوث، اجتهد دكتور أكرم في ذات المجال. لكن أكرم لم يكتف بذلك، بل ضاعف انجازه بعمل ميداني غير مسبوق. منذ إعلان الحقيبة الوزارية لم يتوقف الدكتور عن جولاته بالأقاليم. فهل سمعتم طوال الثلاثين عاماً العجاف بوزير في حكومة (المشروع الحضاري وصون الشريعة) شارك بنفسه في علاج المرضى أو حملات التطعيم! بل هل كانت حكومتهم تعالج المرضى أو تُطعم الناس أصلاً!! ألم يكن هم أطول وزراء الصحة عمراً في حكومة المخلوع الوحيد هو أن ينمي مؤسساته الخاصة على حساب المستشفيات والجامعات الحكومية!! لماذا لا ينظر دعاة المحافظة على الدين والهوية للوزير أكرم كرجل مسلم بحق وحقيقة، بما أن الدين المعاملة والرجل يسعى بكل اجتهاد لتطوير الخدمات الصحية المُقدمة للغلابة والمساكين الذين لم يكن وزراء حكومات المخلوع المتعاقبة يمانعون في موتهم مرضاً وجوعاً! أفتونا بربكم: هل الأقرب إلى الله وزير يداوي المرضى أم آخر يستكثر عليهم الدواء! ليت كل بقية وزراء الحكومة الانتقالية يحذوا حذو الدكتور أكرم حتى تُسد المنافذ تماماً أمام من يسعون ليل نهار لإجهاض هذه الثورة.
مليونيات 21 أكتوبر هل جهزتم أنفسكم لمليونيات 21 أكتوبر؟! أعلم أن السؤال مربك لأنك لن تعرف عزيزي القاريء ما إذا كان موجهاً لك، لهذه الجماعة، أم تلك!! لكن ما يدفعني لطرح هذا السؤال المربك هو (قلة الوعي) التي ما تزال مُسيطرة على المشهد، بالرغم من كثرة ترديدنا لعبارة " ثورتنا ثورة وعي". واللوم هنا موجه بالدرجة الأساس للقوى التي قادت الثورة، لأنهم يختفون كلما انتشرت الشائعات واحتار الناس بين موقف وآخر ولا نرى لهم حملات جادة لحسم الجدل. سبق أن تداول الناس شائعات كثيفة حول من فُقدوا بعد فض الاعتصام، حيث ظللنا نسمع ونروج لروايات حول مصير هؤلاء المفقودين بغرض خلق البلبلة. وللأسف انساق الكثيرون وراء تلك الشائعات وصدقوها، بالرغم من أن شكل جريمة فض الاعتصام كان يشير بوضوح إلى أن من فقدناهم بعدها لابد أن يكونوا قد قُتلوا أو أُعتقلوا ليصبحوا عرضة لتعذيب يفضي في النهاية للموت. لكن المؤسف أنه لا المجلس العسكري – الذي أصر أعضاؤه دائماً على الزعم بأنهم شركاء في الثورة – أبلغ الناس عن مصير أولئك الثوار المفقودين، ولا قوى الحرية والتغيير ضغطت كما يجب أن يكون الضغط للكشف عن حقيقة الأمر. والآن تنتشر الشائعات ويسود الجدل حول مسيرات 21 أكتوبر. تسمع صباحاً من يؤكد للثوار أنها مسيرات كيزان يريدون من ورائها تخريب ما تم حتى الآن، ليتداول الناس مساءً حديث من يقول أن حميدتي هو الداعم الرئيس لهذه المسيرات لرغبته في الانقضاض على الثورة والسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد. ثم نصبح في اليوم التالي على رواية تقول أن مجموعة من قوى الحرية والتغيير تريد لهذه التظاهرات المحتملة أن تكون خروجاً على مجموعة أخرى ضمن نفس القوى. فهل لكل ما تقدم أي علاقة بثورة الوعي بالله عليكم؟! قد نجد للشعب بعض العذر، فالصورة أمامه ضبابية جداً جراء التهاون الذي وقعت فيه قيادة الثورة في وقت مضى. لكن ماذا عن هذه القيادة! أين تجمع المهنيين الذي تعهد بحماية الثورة بعد تشكيل الحكومة!! هل يعتقدون أنهم سيحرسونها بجولاتهم الخارجية مثلاً!! لماذا فتُر حماسكم!! أيام الثورة كنتم تصدرون البيان تلو البيان، وتبعثون بالرسائل عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وتحذرون الثوار من تصديق أي خبر لا يصدر من موقعكم. فأين نحن من ذلك الحرص الآن!! لماذا يختلط الحابل بالنابل أمام أعينكم فيما تكتفون بدور المتفرج ، وكأن الأمر لا يعنيكم في شيء؟! كيف سيرسى عامة الشعب على موقف محدد من مسيرات الحادي والعشرين من أكتوبر المُعلن عنها وهو لا يجد من يقدم له المعلومة الموثوقة؟! هل القصد هو ترك الخيار لأفراد الشعب لاختيار كل واحد منهم الموقف الذي يروق له من هذه التظاهرات! هذا بالطبع خيار غير منطقي لأنه يفترض أن كل أهل السودان يتمتعون بدرجة وعي متساوية، وهذا غير صحيح. لا يكفي أن يصرح بعض الأفراد هنا أو هناك لتوضيح الموقف. فالرسائل المتبادلة لبعض الشخصيات قد لا تكون موثوقة، ولذلك لابد من عمل جاد ومنظم لمحاربة الشائعات وسد الطريق أمام المرجفين إن كانت هناك جدية في حماية هذه الثورة العظيمة.