د. محمد عبد الحميد استاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية موقف السودان من سد النهضة الإثيوبي يحتاج إلى إعادة نظر، فمنذ اعلان إثيوبيا عن إطلاق هذا المشروع الضخم علي النيل الأزرق ، إنبني الموقف السوداني حول مطالبة المحكمة الجنائية بمثول الرئيس المخلوع أمامها في لاهاي بدعوي ارتكابه جرائم حرب في دارفور ، وقد وجد في إثيوبيا ملس زناوي آنذاك خير نصير له ليحمل القادة الأفارقة علي اتخاذ موفق مناوئ للمحكمة بدعوي انها محكمة الرجل الأبيض. وبهذا فقد أبرم نوعا من التعاقد الخفي بين النظام السابق وقادة إثيوبيا في مساومة رخيصة (يسكت فيها السودان عن مخاطر السد ، بينما تدافع إثيوبيا عن الرئيس المخلوع في وجه محكمة الجنايات الدولية) قد استغل النظام بعض الفنيين لتسويق فكرة ان للسد فوائد متعددة علي السودان من ضمنها تقليل مخاطر فيضان النيل الأزرق السنوي ، و استفادة السودان من الطاقة الكهربائية المولدة عن السد وبسعر زهيد. في الوقت الذي كان النظام يبيع فيه الأمل للشعب السوداني بأنه سوف يصدر الكهرباء لأريتريا وإثيوبيا من سد مروي. كل هذا يندرج في نهج المخادعة والتضليل المدروس الذي كان يتبناه النظام السابق والذي آن أوان مراجعته من وجهة نظر وطنية تأخذ حساب المخاطر الكلية التي ينطوي عليها السد ليس فقط علي المدن والقري المشاطئة للنيل الأزرق بما فيها مدينة الخرطوم ، وإنما بحسابات مساهمة النيل الأزرق في إمداد السودان بالمياه الجوفية وتغذية التربة بالطمي سنويا بحسبانه دولة معبر. لقد كان موقف السودان أشبه بموقف الوسيط بين مصر وإثيوبيا في حين أنه ومن منظور إدارة مخاطر الكوارث هو المتضرر الأول من قيام السد بسعته التخزينية العالية لنهر يشتهر بأنه نهر فتي وسريع الجريان ، لذلك لابد من إجراء دراسة علمية تأخذ بُعد المخاطر في الحسبان تشرف عليها الحكومة الإنتقالية بشرط أن تعرض نتائجها علي الرأي العام السوداني بكل شفافية طالما لم يعد للسودان رئيس يساوم علي القضايا الوطنية ليتهرب من العدالة الدولية.