لولا أنها كذلك، لكان من الممكن اصلاح حال صحف الخرطوم بدءاً بتنقية السجل ممن (دخلوها وصقيرا حام)، مَن حازوا نواصي الصفحات مِن زاويا الانتماء والالتواء ومِن نفاجات المحسوبية والمرابحات والمظاريف الغدِقة. لكنها لم تسقط بعد.. هذا ما يحسُن التنبيه اليه، لربما يستدير القول حلقة في أُذن الزمان.. إن كانت قد سقطت بالفعل، ما تورّط هؤلاء في مواقف تعاكس ما يسطرون، فإن ابجديات عالم الصحافة – الواو الضكر في عالم الصحافة - يتأسس على أن مؤازرة من يهمك أمره فعلٌ يتطلب بعض ذكاء، بعض ذكاء.. ليس ذكاءاً خارقاً، لكن أقل القليل، ألا تخفض جناح من تؤاذره، فتشمله داخل قائمة مّن سارت بجرائمهم الركبان. يُحكى أن ابو الطيب المتنبئ عندما وصل الى هذا البيت من قصيدته التي عاتب فيها سيف الدولة :(الخيل والليل والبيداء تعرفني) قيل له: ماذا أبقيت للأمير إذ وصفت نفسك بالفراسة والكياسة والحكمة؟ وأنتَ: فماذا تركت لمن توازر إن كنت قد جعلت اطار صورته معتقلونَ اثبتت وقائع الثورة أنهم ضاربون، بينهم من استدعى كتيبة خرساء لفض اعتصام القيادة؟ كيف تترفق وأنت تجعل مُؤازِرك في صحبة مأفون جفف المستشفيات الحكومية السودانية، ومع موتور آخر، تنتظره قضايا كالحات، مع هيئات أممية تنافح عن حق البشر في الحياة؟ حقاً، إنها لم تسقط بعد،إذ كنت تنتظر من شعب عظيم كشعبنا أن يشتري صحيفتك وأنت تشتُل فيها ضده! ثم تعال يا.. متى نُسخت روح أباهريرة الصحابي راوي الأحاديث، لتستقر في جسد شِبل سخرته ثورة الانقاذ، للسيطرة على عالم الرياضة داخل مملكة تجري من تحتها الأنهار؟ (شِن طَعَمو)؟ (شِن طَعَمو) حتى يكون موضوعاً لمانشيت منبر كل السودانيين، وهو من دمّر قطاع البراعم نكاية في كمال شداد الذي صيغت لأقدامه رؤوس المنابر؟ وعندما شاءت عدالة السماء ايداع ذاك الصحابي - ابو هريرة- في السجن تأتون أنتم وتصرفون لثورة السودان التحذيرات، من مغبّة ابقاءه في كوبر، خشية من تدهور صحته.. تصرفونها على لسان طبيب مجهول، يتناسى جبناً أن زميله الدكتور علي فضل صعدت روحه – فقط فقط - بثقب مسمار في رأسه! دعك من كل هذا، فالوجع كثيف.. واجب الصحفيين اليوم هو اصلاح بيتهم الداخلي.. الواجب المباشر لعضوية شبكة الصحفيين على وجه الدقّة، هو التآذر لاستعادة نقابة الصحفيين، ووضع حد للاسترزاق ببطاقة المهنة وما أكثر المسترزقين بها في عهد الانقاذ. من يستهين بمواقف الصحفيين والصحافة السودانية في مقاومة الدكتاتوريات عليه أن يعود لقراءة التاريخ، فقد كان روادها الحاذقون يراوغون (قانون النشاط الهدام) في سلطة نوفمبر، باشارات تلهب حماس الجماهير بمانشيتات حية مثل ( طار الفريق ، طاااار الفريق عبود)! كانوا يقبضون على الجمر حتى طار عبود ومجلسه العسكري، وتبعه الأخرين – النميري والبشير- وما ذلك على الله بعزيز. ولكنها الآن، لم تسقط بعد.. و نواصل غداً.