مشكلة الرئيس الأمريكي الذي أوشك عقلاء أمريكا على عزله (دونالد جوزيف ترامب) ، إنه لا يفرّق بين قيادته لمجموعة شركاته (مجموعة ترامب القابضة)، وبين قيادة دولة عظمى في مقام الولاياتالمتحدةالأمريكية. فترامب لا يعرف أن الرئيس الأمريكي أو أي رئيس آخر، محكوم في تصرفاته وفقاََ للدستور الذي أتى به رئيساََ، فخطابه هو الخطاب العام للدولة، وجده وهزره سيان، فكلُّ شئ يُكتب وتسجله ذاكرة الشعوب على أنه التوّجه العام للدولة طالما هو على رأسها. يلاحظ في سلوك الرئيس ترامب أنه يطلق الحديث على عواهنه بدءً من ارتجاله للخطب والتصريحات في اللقاءات الرسمية داخل وخارج أمريكا، كما تعوّد أن يطل على الصحافيين صباحاََ في حديقة البيت الأبيض ليملي عليهم - كطلاب مدارس - ما اختمر في رأسه ليلة الأمس دون النظر إلى أبعد مما يقول به من حديث. هذه مشكلة كبيرة في سلوك الرئيس الأمريكي الذي جعل العالم يقف حائراً ما بين مشفق وحانق!! أكد الرئيس ترامب بسلوكياته وسياساته غير المتوازنة والمتسرعة، إنه لم يطّلع يوماََ على الدستور الأمريكي الذي يُعد الشئ الوحيد المميز في بلاد (العم سام) والذي يعد كذلك قيمة ومفخرة لكل أمريكي، بل إن الإدارة الأمريكية التي تتكون من كبار المسئولين الرئيس، نائبه، وزير الدفاع، وزير الخارجية، مستشار الأمن القومي ووزير الخزانة، هم آخر من يستشيرهم ترامب في إتخاذ أي خطوة يريد القيام بها، وإلا كيف نفسّر هذا الإرتباك العظيم في السياسية الخارجية الأمريكية منذ انتخاب ترامب رئيساً!! مثالب ترامب كثيرة جداً إذ لا يتسع المجال لتناولها بعجالةٍ كقراراته العجولة، حيث بلغ به الجهل أو عدم الدراية - أيهما أصح - درجةً جعلته يصدر قرارات كبيرة على شاكلة إعفاء مسئولين كبار في الإدارة الأمريكية عبر حسابه في موقع تويتر!! إذ ليس من اللياقة أو الحصافة أن يتفاجأ مسئول أمريكي في منصب وزير الخارجية مثل السيد(ريكس تيلرسون) بقرار إقالته من مواقع تواصل اجتماعي، وهو قد لا يملك فيها حساباََ نشطاََ لإنشغاله بملفات مصيرية وفي درجة عالية من الحساسية. لكن السيد ترامب تخطى كل حدود المنطق والمعقول في كثير من قراراته. أنا لا أريد سرد الأحداث والمواقف والغريبة الكثيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي الحالي ومرّغ بها أنف أمريكا، الأمر الذي جعل لجنة الشئون القانونية بمجلس النواب الأمريكي تقوم بعقد جلسة إجرائية للبت في عزله، وإنما الدهشة فقط هي ما ألجمتني وجعلتني أتساءل: ترى كيف سيكون العالم في حال إستمرار ترامب لنهاية فترته الرئاسية؟ وأي نوع من الأمن والإستقرار سيحل على أمم الأرض في حال تم انتخابه لفترة رئاسية ثانية؟! كما أنني لا أريد إجراء مقارنة بين ترامب ومن سبقوه في الجلوس خلف المكتب البيضاوي خلال السنوات القليلة الماضية، فتلك لعمري مقارنة ساذجة ومهزلة كبرى، ولكن ما نراه من أمر الرجل بحاجة إلى الدراسة والبحث تحليلاََ وتفسيراََ كظاهرة سياسية جديدة وقضية عصر وأزمة لن تقف تداعياتها داخل حدود الولاياتالمتحدة فقط، وإنما قد تمتد هذه النتائج الكارثية للسياسة (الترامبية) لتلقي بظلالها على كل بقعة وركن قصي في الكوكب الأرضي. وما حدث اليوم من إحالة ملف عزل الرئيس الأمريكي إلى مجلس الشيوخ للبت فيه، وإن تشكك الكثيرون من جدوى ذلك لسيطرة الجمهوريين الكبيرة على المجلس، إلا أنه يعد نقطة إرتكاز مهمة في مشوار ترامب السياسي وعلاقته بالناخب الأمريكي وبالتالي العالم أجمع. ومن منا يدري لعلنا نشهد في مقبل الأيام (حروباََ اسفيرية) بين ترامب وأعضاء مجلس الشيوخ، وربما ستأتينا الأيام برفض ترامب لقرار عزله في حال صدوره، لنضيف إلى سجله سابقة أخرى تُروى للأجيال القادمة وللتاريخ الذي أصبح لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة !! إنه ظاهرة (ترامب) أو فلنقل: عندما يضل معتوه طريقه من المصحة إلى رئاسة الدولة.!! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.