الواقع أن المرأة هي أصل الوجود البشري ، إذ لو لاها لما كان للبشر وجود . رغم تلك العقلية الذكورية المتسلطة في مجتمعاتنا التي ما انفكت تكرس لامتهانها وجعلها أداة لتفريغ شحن وأقذار المستذكرين من الرجال .. إذ لا بدّ من تغيير تلك النظرة النمطية التي بموجبها تستقبل الأنثي في لحظة ولادتها بالصمت والبرود وشيئ من السخط ، فما ان يبشر أحدهم بولادة مولودة أنثي حتي يسودّ وجهه وهو كظيم .. بينما يستقبل المولود الذكر بالفرح والزغاريد . مع أن الأنثي في مجتمعاتنا الشرق أوسطية هي وحدها من تتفاني في خدمة إخوتها ووالديها منذ نعومة أظافرها ، فتنشط كالآلة في إدارة شؤون البيت من طهي وكنس وغسيل ورعاية صحية وترتيب ما يبعثره الذكور ، فتحترق كالشمعة لتضيئ لأفراد أسرتها ومجتمعها سبل السعادة والراحة النفسية والبطنية . ثم تبدأ مرحلة أخري من رحلة كفاحها ، فتضفي بإطلالتها علي حياة عشيقها إشراقاً وبريقا تخضر وتزدهر بهما أغصانه العاطفية بعد جفاف حارق.. فتنتشله من وحل المجاعة العاطفية إلي عالم بنفسجي يشعره بأنه قد ولد لتوه . وغالباً ما تفاجأ في هذه المرحلة بمطرقة الأسرة القاتلة تهجم علي حين غرة لتحطم ما شيدته من أحلام ، فتتكسر معها قلبها الذي يغدوا أشلاء مبعثرة بين مطرقة رغبات أسرتها و سندان عشيقها (المشوكش) . لتجد نفسها كالسلعة في يد من يروق لأسرتها من الذكور .. فتنهض مجددا و تحول أنهر كفاحها بكل صبر لتصب في محيط رجل غريب عنها ، لا يجمعهما سوي رباط الزواج الذي أرادها غيرها أن يتم ، وهو من أكثر المراحل إثارة ومخاطرة ، لاسيما إذا ما افتقد هذا الرابط لأحد أعمدته الثلاث _ الاحترام ، الثقة ، الحب _ فتهوي خيوط الاستقرار في قاع بركان التعاسة والنكد وتشتعل تلك الخيوط الموصلة المشتعلة لتقضي علي الأخضر واليابس .. فتتجلد وتكافح لإصلاح ما يمكن إصلاحه ، بينما يتهرب الرجل في أحايين كثيرة من مسؤولياته .. فتتجلد و تواجه ما يلقي المحيطين بها من لوم بكل صمود ، وتكافح لتربي أطفالها بلا تبرم أو كلل إلي أن تقوي أعوادهم بجانب رعاية والديها اللذين أكل الدهر عليهما وشرب .. حتي تصبح هي الأخري الحضن الدافئ لأحفادها فتفرغ مزن عطفها وحبها لتغمر الجميع سعادة و عزة وإباء . و نحن نعيش اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به العالم في 8 مارس من كل عام يجدر بنا في كل لحظة وومضة استذكار أنها العظمة تمشي علي قدمين أنها الدفئ في عز الشتاء والبرد في هجير الصيف الملتهب أنها الحب ، و العطف ، والحنان ، و السكينة ، والطمأنينة ، والهدوء ، و السلام ، والتنمية ، والأمن ، والإستقرار . وقد أخطأ من وصفها بنصف المجتمع .. فهي كل المجتمع وأصله . أحمد محمود كانم المملكة المتحدة_ مانشستر 8مارس 2020 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.