كان السلطان وزوجته العاقران، يتمنيان إنجاب طفل، ولداً كان أم بنتاً، وبأي ثمن، أو طريقة، وكانا يدعوان الله، ليل نهار، علّه يستجيب لهما وتحقق أمنيتهما. وذات يوم، تضرّع السلطان لله قائلاً: - يا رب! إرزقني ولدًا، حتى ولو كان تِمِيْسِيِحْ! واستجاب الله لدعائه، فحبلت زوجته، واكتملت التسعة أشهر، فأنجبت (تِمِيْسِيِحْ!)، وشب (تِمِيْسِيِحْ) عن الطوق وأصبح تمساحاً كبيراً. وفي أحد الأيام، بثَّ تِمِيْسِيِحْ، لوالده، رغبته في الزواج. وبدأ الكثيرون البحثَ عن عروسٍ لتِمِيْسِيِحْ، وشرعوا في أن يخطبوا له البنات، فيتزوج تِمِيْسِيِحْ الخطيبة، فعلاً، ولكن، ما أن تحل ليلة الدخلة، حتى يلتهم تِمِيْسِيِحْ العروس، فقضى على بنات الحي جميعهن، وذهب ليبحث عن خطيبة من خارج القرية. وفي مسيره، إلتقى في طرفٍ بعيدٍ من القرية، رجلاً فقير الحال، وفقيراً (إلى الله)، وكان لذلك الرجل الفقير بنتان، الأولى من زوجته المتوفاة، أما الثانية فقد كانت تعيش مع أمها في كنفه. وأمر السلطانُ الرجلَ الفقير بأن يزوِّج إحدى بنتيه لتِمِيْسِيِحْ، فانصاع الفقير، وأذعن لأمر السلطان خوفاً، وطمعاً، ولكن زوجته، التي علمت بما كان من أمر السلطان، عملت على حماية بنتها من تِمِيْسِيِحْ، وقررت تزويجه البنت الأخرى، اليتيمة. وفي الطريق، بعد تجهيزها لتذهب مع عريسها، كانت الفتاة اليتيمة تبكي بكاءً مراً، ولكنها، في مسيرها نحو حتفها، صادفت رجلاً مسنًا، فسألها: - مّا بكِ يا بنتي، ولماذا أنت حزينةً، باكية؟ فقالت له: - إنا خائفة من تِمِيْسِيِحْ الذي زوجوني له قهراً، وقسراً. فهون عليها المسن، ووعدها، قائلاً لها: - لا عليك يا بنيتي، أنا سأساعدك. وأعطاها عصا وحُق ... وأوصاها، فقال لها: - عليك أن تهاجمي تميسيح فور دخوله عليك، وأن تضربيه بهذه العصا ضرباً مبرحاً، وألا تأخذك به شفقةٌ، أو رحمة، وبعد أن تري النتيجة، إمسحي جسمه بما في داخل (الحُق). وعندما دخل تميسيح على عروسه، بدأت، من فورها، بضربه ضرباً مبرِّحاً، في رأسه، وأذنيه، وأنفه، وفمه، وأنيابه، وأضراسه. وبدأ جلد التماسيح، وحذافيره تنزل، ليظهر تحتها شابٌ في غايةِ الوسامة. ثم أخرجت العروس الحُقْ، واخذت منه المحلب، والضريرة، ومسحت لتميسيح جسمه، حتى تعافى تميسيح بالكامل. وهكذا بات من الممكن لتميسيح وعروسه أن يبدآ حياتهما الزوجية في هناء، ومرَّت ليالٍ، وأيام وهما هانئين، ولم يسمع أحدٌ من أهل الحي (بتِمِيْسِيِحْ) وعروسه، ولم يره أي أحد منهم، فاستغربوا، وكانت زوجة الأب هي الأكثر استغراباً وفضول. وبعد حينٍ علم الناس بما حدث مع (تِمِيْسِيِحْ)، فأخبروا السلطان، وفرح السلطانُ فرحاً لا شبيه له، وأمر بالإعداد لإحتفالاتٍ فريدة،تولم فيها الولائم، ويدق فيها النحاس. وجاءت زوجةُ الأب، متجسسة على البنت، وتأمل أن تعرف ما حدث، فوجدت العروس تمرح، وتضحك هانئةً مع عريسها، فاغتاظت، وملأها الحسد والغيرة، فأمرت الأب أن يحمل طِرْقةً لإبنته اليتيمة، وأن يُرجعها للبيت، لتحل محلها أختها الصغرى، زوجةّ للأمير! واستجاب الأب المسكين، الإضينة، مسلوب الإرادة، لأمر زوجته، فذهب بالبنت الصغيرة متخفيّةً، وبادلها بأختها اليتيمة. وغضبت عروس تميسيح الأصلية، وصارت حانقة على أبيها وزوجته، فرفضت العودة إلى البيت، أحست بالغبينة، لأنها ظُلمت مرتين. وسارت في الطريق وهي تبكي مغلوبةً على أمرها، وفي أثناء المسير، صادفت راكُوبةً منصوبةً في الخلاء، فتوجهت إليها، وهناك التقت ببنتين كانتا تسكنان في تلك الراكوبة، وكانت الراكوبة تطلُّ على مقبرة أخيهما الوحيد. وطلبت منهما العروس أن تستضيفاها، وقالت لهما: - أنا وحيدة، الآن، وبلا أهل. فرحبتا بها، وسمحتا لها بالمبيت عندهما. وكان أخوهن يصحو من قبره، عندما تذهب أختاه للاحتطاب، فيؤانس الضيفة ويسليها، ولكنما أن تقترب أختاه من الراكوبة، في عودتهما من الإحتطاب، حتى يرجع الشاب راقداً داخل قبره. فقالت إحدى الأختين لشقيقتها: - البنت الضيفة دي مجنونة لا محالة، لأنها تضحك، وتحدث نفسها، عندما نذهب للاحتطاب، وتصمت عندما نعود! فقررت الأختان مراقبتها، وبذلك عرفتا الضيفة قد أحيت أخاهما، ففرحتا فرحاً شديداً، وقررتا إبقاءها معهما أختاً ثالثة. أما أختها من زوجة أبيها، عروس تِمِيْسِيِحْ المزيفة، والتي لم تكن تعلم بأمر (الحُق)، وتجهل ضرورة أن تمسح جسد الأمير يومياً بالمحلب، والضريرة، والدلكة، فقد تسببت بجهلها هذا في مرض الأمير من جديد، فتقشَّر جلده مرة أخرى، وعادَ رويداً، رويداً، ليكون هو ذاته تِمِيْسِيِحْ، بحذافيره. ورجعت الزوجة المزيفة للسلطان والد تميسيح، تشكو له مرض ابنه، فغضب السلطانُ غضباً شديداً، وسال: - ما هو السر في مرض إبني؟ فقال لهم تِمِيْسِيِحْ: - السر في الحُقْ، وفي المحلب والدلكة والضريرة. وبحثوا عن شخصٍ يُمكنه فتح (الحُقْ) ولكنهم لم يجدوا ذلك الشخص. وبعد بحث مضنٍ، وزمنٍ طويل، وأخيراً عثروا على الأخت الكبيرة (فَاطْنَة)، في الراكوبة المنصوبة في الخلاء. وأحضروا الحُقْ، وما أن لمسته (فَاطْنَة) حتى انفتح. وَجاءوُا بالحق المفتوح لتِمِيْسِيِحْ، ولكن ما أن لمسته العروس المزيفة (البنت الصغرى)، حتى طار الحُقْ عالياً، واتقفل على نفسه، مرةً أخرى... وأبى أن ينفتح، ثانيةً، إلا عندما ذهبوا به إلى الابنة الكبرى (فَاطْنَة). وتكرر المشهد مرات ومرات... وهنا قرر السلطانُ أن يذهب للبنات صاحبات الراكوبة، ويطلب منهم أن يعطينه (فَاطْنَة)، ولكن الفتيات رفضن أن يعطينها إياهُ، ولامنه، وعيرنه بأنها قد أتتهن مظلومة من لدنه، هاربةً من ظلمٍ حاقَ بها تحت سلطانه، وأنها، بالإضافة إلى كل ذلك، قد أحيت لهن أخاهن بعصاها السحرية، وأنه يجب عليه الاحتكام إلى قاضٍ عادلٍ، أن هو أصر على طلبه بأخذ (فَاطْنَة) لتعيش مع إبنه (تِمِيْسِيِحْ). وذهبوا إلى القاضي، الذي كان يُعاني من شللٍ في نصفه الأيمن. ولكن، ما أن وقفت (فَاطْنَة) أمامه، حتى ارتدت له عافيته، وصحَّ بدنه، واستطاع الوقوف، دون التوكؤ، ودونما مساعدةٍ من أحد. فقال لهم القاضي: - لن أُفرِّط فيها، لا للملك، ولا للبنات، وأنا أرغبُ بالزواج منها. ولكن انتهت الرواية، بأن الملك، استخدم سطوته، وذهب بها إلى قصره، لتعيش عروساً لتِمِيْسِيِحْ، وأمر باستدعاء الأم وأبنتها، وربطهما في ناقة عطشانة، لم تر الماء منذ شهر، وأخرى جوعانة لم تر كلأ منذ شهر، وأمر بوضع الكلأ والماء في اتجاهين متعاكسين، فجرت كل ناقة في اتجاه معاكس للأخرى، تشدان جسد الأم، وأبنتها إلى أن تُوفِيتا. أما فَاطْنَة، فقد غرقت في الهناء، والنعيم مع زوجها الأمير المُعافى، الذي كان، يوماً ما، تِمِيْسِيِحْ.