جالسون في مخادعهم يمارسون خداعهم، اعتصموا من الجوائح وحركوا مخدوعيهم القلة نحو القيادة للاعتصام، ذلك حدث لن يتكرر قريباً، ففجر التاسع عشر من ديسمبر لم تحركه المصالح الضيقة ولا المكاسب الرخيصة ولا دعواتٍ كذوبة لنصرة دين الله، بل كان حراكاً طبيعياً كفيضان النيل الهادر، لا يوقفه "القيف" ولا يردعه السيف، دافعه ذاتي فقد بلغ حد الصبر على المشقات وجور حكم البشير الذي جعل المكاره تأتينا جملةً فغابت المسرات حتى في الفلتات. لابد أنهم لاقوا دون لجنة تفكيك النظام مكاره الدهر فعلا صوت النواح، فقد وضعت إصبعها على جرح الفساد وسكبت عليه ملحاً أوجعهم كثيراً، فظنوا أن بين أيديهم من القوة ما يحرك الشارع ضدها كما كانوا يفعلون أيام التسلط على رقاب العباد، ولكن خاب فألهم، فما إحتشد لهم إلا أصحاب المصالح "المبلولة"، من تجرعوا طعم الفطام عن ملذاتٍ ظنوا دوامها وهي منحة من لا يملك لمن لا يستحق، وأصحاب الهوى الذي غابت شمس أيامه، من ثمنه بخس وغِراسه هشيم، وثالثهما من إنخدع بالضرب على وتر الدين، ولو أن خادعيهم إتقوا الله فينا لما حفتنا الأزمات، ولفتح الله علينا بركاتٍ من السماء والأرض، رفعوا شعارات ما صدقوا فيها، "لا لدنيا قد عملنا" واكتنزوا الأراضي والعقارات فغلا ثمنها، "نحن للدين فداء" وإحتكروا السلع فضاقت سبل العيش على الناس، مكنوا لأنفسهم وأتباعهم فطارت الكوادر التي أنفقت الدولة المال الكثير لتدريبها والسواعد الفتية لتبني أوطان الغير. أفيقوا أيها الجوعى فالكورونا قاتلة، وطوابير الرغيف وأنابيب الغاز من صنع من يدعوكم لولوج المهالك وهم آمنون، من منهم يشكوا قلة الفئران بيته وأنتم تطأون جمر الحاجة والعُسرة بأرجلٍ حافية؟ أخرجوكم وشراك الكورونا منصوبةً، ما همهم إن وقعتم فيها ولكن همهم استخدامكم وقوداً لمعركةٍ خاسرة لأنها ضد الشعب، كيف يربح من سُعَارُه كشف زيف شعاراته، قال: "لو كان السكر رجلاً لدخل الجنة"، ما عرفناه ولا ندري من أين أتوا به إلينا، خدعونا بألسنةٍ حِداد، أشِحةٍ على الخير، فأورثونا الرهق، فلا سكر شربنا ولا تنميةً أصبنا. إعتصام السادس من أبريل كان يحفه الصدق وإعتصامهم هباء، من يدعو الناس للخروج في هذه الأيام فإنه يوردهم المهالك، وتلك دعوى لا تصدر إلا من صدرٍ منزوع الرحمة، عينه مسلطةٌ على مصالحه والناس عنده بلا قيمة، ولو كانوا كذلك لخرجوا معهم وتصدروا مجابهة الوباء، لكنه حب الدنيا وشيم اللئام. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.