شاهدت مقطع مصور لعضو مجلس السيادة؛ الفريق شمس الدين الكباشي وهو يتحدث أمام جمع من العسكريين بجنوب كردفان فيما يبدو أنه استعراض لدور العسكريين وتثبيت أنهم جزء من الحكومة بحكم الوثيقة الدستورية. تحدث الكباشي بغضب لافت عن ما اعتبره عدم احترام القوات النظامية وخص قوات الشرطة، وقال إنهم لن يسمحوا بهذا التمادي في إهانة القوات النظامية، وأن القوات النظامية شريكة في الحكم بالدستور، ويتابع حديثه ملوحا بعصاه بما معناه لولا القوات النظامية لن يستطيع أحد أن يحكم لساعة واحدة، ووصف أي حديث خلاف ذلك بأنه "كلام فارغ". وفي محاولة للتأكيد على أن القوات المسلحة طرف رئيسي في الحكم أو هكذا ينبغي أن يكون، قال إن أي حزب سياسي يريد السيطرة على الحكم بانقلاب يستعين بالجيش، بمعنى أنه لن يستطيع الحكم بدون الجيش. لا أدري إن كان حديث الكباشي يعبر عن المؤسسة العسكرية ككل أو المكون العسكري داخل الحكومة أم هو رأي يخصه، لكن هذا الحديث إن كان يمثل المؤسسة فهو مؤشر ينبئ بخطر وشيك، خطر على مستقبل الحكومة المدنية بل على مستقبل الثورة التي جعلت الفريق الكباشي يخرج مثل هذا الحديث. الخوض في مزايدات عن دور القوات النظامية غير مجدي، لأن كل طرف يعتقد أنه قاد التغيير من وجهة نظره، الدعم السريع يعتقد قائده أنه لولا موقفه لأصبحت الخرطوم ترابا، وجهاز الأمن يعتقد والقوات المسلحة كذلك. وهذا كله غير مجدي، لأن الشارع الذي يضم هؤلاء جميعاً هو الذي فرض التغيير. لكن هذا ليس المهم لطالما انتقل السودان إلى مرحلة جديدة، المهم هو نوايا المؤسسات العسكرية تجاه التغيير، المهم هو هل تنتهي فترة العسكريين في الرئاسة بسلاسة أم نحن أمام تحجج "الأيدي الأمينة" التي تُسلم حكم البلاد. مهمة الجيش والقوات النظامية أن تحرس البلاد وتحفظ أمنها وأمن شعبها، أن تحمي الشعوب دافعة الضرائب لا أن تصوب رصاصها على صدورهم. العسكريون الذين يريدون الحكم عبر مؤسساتهم العسكرية عليهم إخراج مدرعاتهم والانقلاب على الوضع القائم وليس الانقضاض على ثورات الشعوب، والعسكريون الذي لديهم طموح شخصي في الحكم عليهم أن ينزعوا بزاتهم العسكرية ويتحولوا لمدنيين ويحكموا عبر صناديق الانتخابات من يصّور للعسكريين أن مهمتم الحكم؟ بل من يصوّر لهم أن حامل السلاح هو الأحق بالحكم؟ هذه الثورة لا تمثل حزب أو منطقة أو مؤسسة، هي ثورة كل السودانيين الذين انتفضوا في وجه الحكم العسكري الذي ساق البلاد لهذا الدرك وليس بالإمكان أن يسمحوا بعودته مهما كلف الثمن. نقلا من صفحة الأستاذة شمائل النور على الفيس بوك