الرئيس الأمريكي يعلن وقف الهجرة بشكل دائم من كل دول "العالم الثالث"    ((جمهورنا مثالي وصقورنا جارحه))    ثار لغط كثير حول فقرة في مقال البرهان في وول ستريت جورنال    ليست هدنة بل مشروع إنقاذ للمليشيا    كنت هناك.. ليلة السودان    هلال حاضر... كاف مترصد... واتحاد ضعيف ومجلس هلالي يفتقد لقانوني ضليع    عقوبات قاسية على نادي الهلال السوداني    عثمان ميرغني يكتب: السودان والأمير والرئيس… ماذا بعد؟    الشرطة في السودان تعلن عن إحباط المحاولة الخطيرة    الميليشيا ترتكب خطوة خطيرة جديدة    الأهلي والسهم يتعادلان بدوري المناقل    اغتيال إعلامي سوداني    ابراهيم الصديق على يكتب: كامل ادريس: خطوات تنظيم..    بعثة الهلال تتوجه الى الكونغو    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مسؤول أميركي: نقل 65,000 طن من القمح إلى السودان    مخاوف من تأثر أسواق دارفور بقرار منع حظر خروج السلع من الشمالية    البرهان يرحب بحديث المبعوث النرويجي بأنه ليست هناك وثيقة أمريكية جديدة تم تقديمها لحكومة السودان    الخرطوم تأهيل عدد من الحدائق والمتنزهات الأسرية والسياحة    كيليان مبابي يرد بعد ليلة أولمبياكوس: هدفي تحقيق الأحلام مع ريال مدريد    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    شاهد بالصورة والفيديو.. الجمهور السوداني يمازح حسناوات لبنان عقب نهاية المباراة بالغناء: (الجماعة مرقوا) والحسناوات يظهرن روح رياضة عالية ويتفاعلن مع المزاح بالرقص والتصفيق    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم توقع فوز المنتخب المصري بكأس العرب.. سودانيون بقطر يقيمون "زفة" على طريقة "الصوفية" قبل دخولهم ملعب المباراة    شاهد بالصور.. حسناوات "السودان" يسحبن البساط من جميلات "لبنان" في ليلة فوز صقور الجديان على رجال الأرز بقطر    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    رباعية من أيندهوفن في ملعب أنفيلد تعمق معاناة ليفربول    السودان يهزم لبنان ويتأهل لكأس العرب بقطر    إبراهيم شقلاوي يكتب: الكهرباء وفرص العودة إلى الخرطوم    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    لماذا يصعب الإقلاع عن التدخين؟    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    التضخم ..."غول" يحد من قدرة السودانيين على الشراء    لجنة عودة المواطنين للعاصمة تتفقد أعمال تأهيل محطات المياه والكهرباء بمحلية الخرطوم    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مارسيل غوشيه: الليبرالية الحديثة وعلمانية عبد العزيز الحلو .. بقلم: طاهر عمر
نشر في سودانيل يوم 21 - 11 - 2020

في نظر ماكس فيبر أن الدولة الحديثة هي نتاج العقلانية كالرأسمالية و يستدل على عقلانية الرأسمالية بأنها لم تظهر في المجتمعات التقليدية لأن نشاط المجتمعات التقليدية ضد العقل و كما يقال عندما يغيب العقل تعشعش الخرافة و حيثما عشعشت الخرافة في المجتمع التقليدي كحال المجتمع السوداني الآن نبتت فكرة قبول اللا مساواة كما رأيناها متجسدة خلال الثلاثة عقود الأخيرة لحكم الحركة الاسلامية السودانية و ثمرتها المرة الانقاذ بل نرى تقليدية المجتمع السوداني في قبول أحزاب وحل الفكر الديني من كل شاكلة و لون بجانب الحركة الاسلامية السودانية كأحزاب الطائفية و السلفيين.
في المجتمعات التقليدية كحال المجتمع السوداني الآن نجد أن قبوله لللا مساواة ناتج من قبوله لأحزاب وحل الفكر الديني و معروف بأن قبول اللا مساوة هو ما تبقى من ثقافات القرون الوسطى في المجتمعات و كانت تراها كقدر رباني يجب القبول به و لم تنتصر البشرية عليه إلا بالعلمانية و بعدها لم تعد المجتمعات خاضعة للعادات و التقاليد كروح للماضي البعيد.
و هنا نجد انتصار فكرة الأخلاق البروتستانتية و روح الرأسمالية و منها تأتي عقلانية الرأسمالية في انتصارها الذي جسده توكفيل على ماركس حيث أصبحت العلاقة ما بين الرأسمالية و الديمقراطية علاقة طردية مقابل عكسية العلاقة ما بين الماركسية و الديمقراطية الليبرالية فالانسانية التاريخية تنبني على الأخلاق و ليس على الدين و تنبنى على الازدهار كنتيجة لعقلانية الرأسمالية في دمجها للبنى التحتية مع الغالب من اهتمامها بالبنى الفوقية و ليس كما يعتقد ماركس و من هنا تأتي أهمية فلسفة الأخلاق.
من هنا يمكننا أن نقول بأن مطالبة عبد العزيز الحلو بالعلمانية هي نتاج رفضه لظاهرة اللا مساواة الناتجة من سيطرة أفكار وحل الفكر الديني كواجهة لبقايا أفكار القرون الوسطى. و ستكون العلمانية الوسيلة الوحيدة القادرة على اخراج المجتمع السوداني من حيز المجتمعات التقليدية الى عتبة المجتمعات الحديثة. و بالمناسبة يمكننا أن نتسأل من من بين النخب السودانية على استعداد على دفع طلب عبد العزيز الحلو الى مبتغاه حيث يفارق مجتمعنا السوداني التقليدي أغلاله و يلحق بمواكب البشرية التي قد تجاوزت مسألة العرق و الدين كما يقول هابرماس؟
و سؤالنا لأننا نرى مع مارسيل غوشيه كمؤرخ و عالم اجتماع بأن المجتمع السوداني يحول ما بينه و الحداثة جبار الصدف المتمثل في أحزاب وحل الفكر الديني و الايدولوجيات المتحجرة كالنسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و الغريب لم تر أغلب النخب السودانية بأن أحزاب وحل الفكري الديني و النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية ليس لها علاقة بالحداثة بل على العكس يعتقد كثر بأن الشيوعيين السودانيين لهم باع طويل في نقل أفكار الحداثة و هيهات. فالشيوعية السودانية لا تختلف كثيرا عن أفكار الحركات الاسلامية في زعمها تقديم حلول نهائية كما يعتقدون في فكرة انتهاء الصراع الطبقي و نهاية التاريخ و عدم ايمانهم بفكرة الدولة من الأساس لذلك لم يتردد مارسيل غوشيه بوصف الشيوعية و الحركات الاسلامية بأنها ضد الحداثة و لا تقل بشاعة أي منهما عن النازية و الفاشية.
و هنا تأتي فلسفة الأخلاق كما رأينا كيف نجح مارتن لوثر و فكر الاصلاح الديني حيث أصبحت الأقلية البروتساتنتية بداية للعقلانية مقابل كساد الأغلبية الكاثوليكية و يرى الدارسون للتاريخ الاجتماعي و التاريخ الاقتصادي للشعوب بأنه لم تنجح أفكار مارتن لوثر إلا عندما ساعدها عقل البرجوازية الصغيرة التي نرى كيف أصبحت سبة يلوكها عبدة النصوص عندنا هنا في السودان في ايمانهم بنهاية التاريخ. لذلك نقول أن مطالبة عبد العزيز الحلو بالعلمانية أنها تمثل مركز دائرة أقلية عقلانية كما كان البروتستانت وسط أغلبية يسيطر على فكرها وحل الفكر الديني بقاسم مشترك مع أيدولوجية متحجرة تزعم أنها قادرة على تقديم حلول نهائية.
لذلك أن فكرة الاقتصاد و المجتمع عند ماكس فيبر تقوم على فلسفة الأخلاق و فلسفة الأخلاق تقدم معادلة الحرية و العدالة و فلسفة الأخلاق هي القادرة على القضاء على اللا مساوة نتاج عقل القرون الوسطى عقل ما قبل الاصلاح الديني فالعلمانية التي يطالب بها الحلو هي القادرة على تقديم معادلة الحرية و العدالة المتجاوزة للعرق و الدين كتجسيد لمجد العقلانية و ابداع العقل البشري و بالمناسبة هنا نجد عبد العزيز الحلو يلتقي مع شعار الثورة كل البلد دار فور و كل البلد نوبا شعار عبقرية عطبرة عندما عبرت عن تعاطفها الوجداني مع ضحايا الحروب في السودان و بالمناسبة شعار عطبرة العبقري مفارق لبلادة حس النخب السودانية التي قد انبحست في وحل الفكر الديني و كذلك في أغلال الايدولوجيات المتحجرة.
بمناسبة طرح علمانية عبد العزيز الحلو نجدها تفتح على أفكار مفكر كبير و فيلسوف أخلاق بسبب تأثره بعقلانية فكر الاصلاح الديني لم يتوانى في أن يفك ارتباط علم الاقتصاد بكل من الفلسفة و الدين و ينادي بمجد العقلانية كابداع للعقل البشري في اعتماده و مقارباته الذكية من أجل فكرة الحرية و العدالة و هذا ما قدمه ادم اسمث في نظرية المشاعر الأخلاقية لذلك نجد أن دعوة عبد العزيز الحلو للعلمانية هي أول خطوة سوف يبداءها المجتمع السوداني باتجاه المجتمعات الحديثة. طرح عبد العزيز الحلو للعلمانية يفتح الباب المؤدي الى لفهم اانثروبولوجيا الديمقراطية الليبرالية حيث لم يعد للدين أي دور بنيوي على صعد الاجتماع و السياسة و الاقتصاد باختصار لأننا في زمن الحداثة التي قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس.
فالدين لم يعد كجالب لسلام العالم و عليه ننبه القارئ بأن عصرنا الراهن هو عصر انتصار الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي كما يقول ريموند أرون بأنه عصر معادلة الحرية و العدالة التي لا تتحقق بغير أفكار الليبرالية في مسارها السياسي و الاقتصادي و لا يمكن أن تكون بغير فكرة العقد الاجتماعي الذي يقوم على أفكار عمانويل كانط و علم اجتماع منتسكيو و جان جاك روسو و اخيرا نظرية العدالة لجون راولز و فيه لم تعد الميتافيزيقا أرض معركة كما يقول عمانويل كانط.
أنه عصر علمانية لا تحابي الأديان حيث يصبح فيها لكل فرد مستويين من الاجتماع مجتمع يجمع ما بين الفرد و ربه بغير وساطة وعاظ السلاطيين و تجار و الدين و مجتمع يصطرع فيه الفرد مع مجتمعه و خاصة أننا في زمن قد أصبح فيه المجتمع اليوم هارب من الفرد حتى في المجتمعات المتقدمة و لكن كل هذا يجعلنا على أصرار كما يقول مارسيل غوشيه من أجل محاولة اعادة اكتشاف الديمقراطية الليبرالية فلا سبيل للانسانية التاريخية المرتكزة على الأخلاق بغير معادلتها أي معادلة الحرية و العدالة فهي التي تجسد روح الانسانية التاريخية بعيدا عن كل فكر غائي لاهوتي ديني كما نجده متجسدا في وحل الفكر الديني في أحزابنا السودانية أو ذلك الكامن في غائية الهيغلية و الماركسية التي يدعو ريموند أرون لرفضها بعد أن بلغت بها الفلسفة المثالية الألمانية منتهاها و بعدها انفتح الطريق لانتصار توكفيل على ماركس.
اخيرا يمكننا أن نقول أن البشرية لم تفارق الفقر و الجهل و المرض إلا بعد أن فارقت وحل الفكر الديني في مسيرة طويلة امتدت منذ عصر الاصلاح الديني الى لحظة انتصار الليبرالية السياسية و الاقتصادية في وقتنا الراهن لذلك نقول بأن دعوة الحلو لعلمانية لا تحابي الأديان هي ممر إلزامي اذا اردنا اللحاق بمواكب البشرية و اذا أرادت النخب السودانية أن تكفر عن فشلها و خاصة بأن هناك أكثر من عام قد مر على الحكومة و مازالت وزارة المالية غير مهيمنة على المال العام و لم يزل البنك المركزي فاقد لسطته على بنوك الفساد و لم تزال نخب الحركة الاسلامية هي المهيمنة على وزارة المالية و البنك المركزي و تستطيع عرقلة أي سياسات نقدية و مالية ان وجدت. و لم تزل هناك أصوات تنادي بمساومة تاريخية بين يسار رث و يمين غارق في وحل الفكر الديني و مهادنة للطائفية في وقت أصدرت دول من ضمنها السعودية قرارا يضع جماعة الأخوان المسلمين من ضمن الجماعات الارهابية.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.