ببداية تفعيل المصل الواقي من فيروس كورونا، تبدأ هموم أخرى في بقية دول العالم، خصوصا الدول الفقيرة منها. بينما يتبع الناس في الدول المتقدمة في العالم مبدأ "لا تترك إنسان من خلفك وحيدا"، يطرح في دول العالم الفقيرة السؤال المهم نفسه: " كيف لإنسان الدول الفقيرة أن يعيش يومه تحت ظل كورونا؟". للدول الغنية مدخر لا يستهان به من الثروات لتخطي عقبة الفيروس. وعلى أسوأ الفروض في حالة استمرارية العدوى والتفشي، نجد في الدول الغنية بالرغم من تفشي الفيروس والإغلاق التام، أن الحياة تسير بصورة مشابهة للحياة القديمة. وهذا بفضل تحكم هذه الدول في زمام الأمر لتعود للصورة الأولى. نجد أن معظم الدول الفقيرة بالمقارنة لا تمتلك ما يسد رمق الإنسان ليوم بأكمله. نجد التحديات اليومية التي تواجه إنسانها يوميا بعدم توفر سبل الرزق التي اعتاد الناس على امتهانها. بالإغلاق الجزئي أو الإغلاق التام تأتي محدودية الدخل، التي تتدرج إلى درجة الحرمان أو العدم، وحسب وضع العمل الممتهن. في نفس الحين تتأثر حياة الإنسان في هذه الدول كلما ازدادت نسبة الفقر. يأتي زيادة على ذلك خلو خزينة الدولة أو انعدام مدخراتها، لتقديم الدعم أو العون اللازم للمواطن في وقت الضرورة القصوى. بل يتأزم الأمر أكثر عندما يأتي المواطن كمريض أو مرافق لمريضه، ويفاجأ بواقع مر، وهو انعدام كل شيء. يبدأ هذ الواقع أولا بانعدام التحوطات اللازمة لتجنب انتقال الفيروس للآخرين من الناس. ويتلو ذلك انعدام وسيلة السفر الموصلة لمركز العلاج أو توفر الوقود اللازم لحركتها. وربما تمكن المريض أخير من الوصول لمركز العلاج، ويفاجأ نفسه أو المرافقين له، بالخلو التام لمراكز العلاج من أبسط سبل العلاج. ليس هنا مجال للحديث عن العناية المكثفة في الدول الفقيرة والسبل المتاحة لذلك. ربما كان المريض في هذه الدول محظوظا، إذا توفر له سرير لمتابعة العلاج، أو ربما كان أكثر حظا، إذا توفر له جهاز للتنفس، أو طبيب معاود، يتابع حالته كل يوم حتى خروجه من المركز العلاجي، صحيح ومعافي من مرضه. لا يمكننا أن ننسى أعداد من مرضى، شب حريق في غرف علاجهم، وهم تحت الإنعاش، كما لا يمكن أن ننسى من نفد لهم غاز التنفس، وهم قيد أجهزة التنفس. كثير من المرضى قضى نحبهم، وهم في الطريق للعلاج. وكثير من ذوي المرضى أو الموتى تلقوا العدوى بطريقة خفية أو مباغتة، كان لها يجب ألا تكون. هناك أسئلة تحتاج للإجابة: كيف لنا أن ندحر أو نقضي على الفيروس عالميا، في ظل طغيان الفقر والحرمان على أغلبية دول العالم التي تمثل الشق الفقير منه؟ كيف لنا أن نوفر المصل الواقي من الفيروس لهذه الدول، في ظل تكالب الدول الغنية على المصل لتوفيره لإنسان العالم المتحضر أولا، ثم لاحقا للآخرين. وأسئلة أخرى لا أدري إذا كانت لها إجابة أساسا: كيف للدول الفقير أن تحسن نقل وحفظ مصل واق من الفيروس، مصل لا يناسب طقس المناطق الحارة، التي تمثل أغلبية الدول الفقيرة؟ وأي الإمكانيات تمتلك الدول الفقيرة حاليا، للحد من الأسواق الموازية للإتجار بالأمصال، في ظل انفلات أسعار النقد الأجنبي فيها؟ نقطة وقوف أخيرة، وهي الأهم: يجب ألا ننسى تفشي فيروس الايدز في هذه الدول الفقيرة وغيرها من أمراض التهابية أخرى. الشيء الذي يتطلب آنيا وضع تحوطات لازمة. مثلا: عدم استخدام حقنة أو ابرة واحدة لأكثر من شخص لغرض تطعيمه. وهذا حتى لا نقف أمام عقبات أخرى، بعد فيروس كورونا. E-Mail: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. الملكية الفكرية وحقوق الطبع والاستنساخ محفوظة لكاتب المقال - فبراير 2021