التدهور الاقتصادي وانعدام السلع الأساسية والخدمات جعل المواطنين يتدافعون بشكل غير مسبوق لإسقاط النظام المباد في ديسمبر 2018 عطفا على احتجاجات سبتمبر 2013 وكذلك يونيو 2012 عقب إعلان وزير المالية (علي محمود ) عندئذ برفع الدفع عن المحروقات والسلع والخدمات تلك الأوضاع أثرت بشكل مباشر وفوري على المواطن في العاصمة والوسط باعتبار أن أقاليم الهامش تعاني من الفقر والبطالة وغياب التنمية أسفر ذلك عن قيام تجارب كفاح مسلح في دارفور منذ 2003. واستمر كفاح المنطقتين بعد انفصال جنوب السودان 2011، رغم اتفاق اسمرا للسلام والدعم اللامحدود من قبل دولة الكويت الا أن شرق السودان ظل بؤرة للتوتر والتجاذبات. حراك ديسمبر الشعبي كان تلاحم جماهيرى كامل الدسم رافعاً شعارات الحرية والسلام والعدالة قبل اختطافه بحيث تحول مسار الثورة إلى الهبوط الناعم وتبعثرث أحلام الثوار بات التغيير المتحكم سيد الموقف بمباركة جنرالات المؤسسة العسكرية باستنساخ تجربتي أكتوبر وأبريل كواقع معقد ومتكرر بحديث ظلنا نعيش في دائرة مفرغة نظام شمولي مستبد فترة انتقالية هشة وحكومات ائتلافية منقسمة السمة المشتركة لتلك النظم التردي التنموي وضعف دور الدولة و بزوغ القبلية والشلة والأسر. أولا:التحديات الاقتصادية : 1_ الإنتاج الزراعي فشلت الحكومات الوطنية لاسيما النظام المباد في تطوير صادرات المجال الزراعي بحيث نمتلك ثورة حيوانية متنوعة من سلالات(الضأن. الجمال. الأبقار ) مختلفة ناهيك عن الأراضى الزراعية الخصبة (مشروع الجزيرة والرهد) لقد ظل الإنسان يكابد في الحصول على رغيف الخبز بعد تحول الثقافة الغذائية لمعظم سكان الولايات. يمكننا الاستفادة من تجارب الدول الناهضة في مجال الزراعة كالهند أو البرازيل أو روندا أو بولندا... الخ وخبرات رئيس الوزراء بإعادة تأهيل المشاريع الزراعية حتى يتحقق الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي لكن لم نشهد رغبة جادة في ذلك. حتى في توفير مداخل الإنتاج الزراعي من وقَود وبذور محسنة وبيع المنتج بأسعار تحفيزية وتمويل الجمعيات الأهلية. رغم ذلك هناك صادرات من بعض المنتجات الزراعية الا أن حصائل الصادر لا تأتي إلى البنك المركزي لذا يتوجب على الحكومة الانتقالية مراجعة عقود الشركة المصدرة ووضع قوانين رادة تحد من استشري الفساد المؤسسي وملكية الأراضي. 2- مجال المعادن والنفط انفصال جنوب السودان انعكس بشكل مباشر على الاقتصاد بل الباعث الأساسي في التضخم الذي افرز انهيار قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية باعتبار الأغلبية العظمة من حقول البترول في جنوب السودان مماجعل السلطات غير قادرة في توفير الكميات المطلوبة للاستهلاك المحلي من غاز وبنزبن وجازولين فضلاً عن العوائد من العملات الأجنبية على الحكومة الانتقالية العمل بشكل دؤوب ومستمر في استكشاف حقول جديدة لسد العجز والتصدير للخارج سواء كان ذلك بالاستفادة من الشركات العالمية التي لم تعمل من قبل في السودان بسبب العقوبات الأمريكية باعتبار لديها وخبرات تقنيات ممتازة حتى يتسنى لنا أصلاح البنية النفطية أو الاستمرار في الشراكة مع الشركات الصينية. الإشكالية الأكبر تتمثل في أن المعادن الثمينة المكتشفة والمستغلة حتى الآن كالذهب فان الشركات التي تعمل فيه تبع بشكل مباشر أو غير مباشر إلى المنظومة العسكرية (الجيش. الدعم السريع ) هناك العديد من التقارير تتحدث بان السودان يحتل مراكز متقدمة في قائمة الدول المصدرة للذهب الا ان عوائد ذلك تصب في خزائن أفراد وجماعات على رئيس وزراء الحكومة الانتقالية إنقاذ الوضع الاقتصادي بالسيطرة على جميع الموارد الاقتصادية والمالية رغم كل المؤشرات تدل على عكس ذلك حتى الآن. ثانياً : التحديات السياسية 1_ الإصلاح المؤسسي توجود اختلالات كبيرة في المؤسسات المهمة بحيث تستأثر بالسلطة والثروة أسر وجماعات و لاسيما في المواقع القيادية (الجيش. الشرطة. الامن. السلطة القضائية. النيابة العامة. الخارجية. شركات المعادن والنفط والغاز والاتصالات ) إشراك كل أبناء السودان امر في غاية الأهمية يسهم في رتق النسيج الاجتماعي ويعزز النفوذ القومي و إصلاحها عن طريق تنفيذ إتفاق جوبا للسلام رغم النسبة المحدودة ينبغي أن يكون شغر الوظائف والتقديم والترقي وفقاً لمعايير الخدمة المدنية مع منح مميزات تفضيلية للمناطق المتأثرة بالحرب. 2_ الأشكال السياسي والانقسام مأزق ظل يؤرق الجميع بحيث تسع بعض النخب السياسية في عزل الاتجاهات السياسية المخالفة لمشروعها السياسي والايدولوجيا وانعكس ذلك على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. التباين السياسي وعدم قبول الآخر والإعتراف بحقوقه ساهم في حدوث انشقاقات كبير في كل القوى السياسية الحديثة والتقليدية اليسارية و الإسلامية والمعتدلة والعلمانية ربما ذلك من غياب هوية سودانية جامعة باعتبار ثقافتنا هشة غير متجانسة غياب الوفاق السياسي الرؤية القومية أسفر بشكل مباشر في تعثر وتقهقر التجارب الديمقراطية بانهيار الإئتلافات المكونة للحكومات للديموقراطية الأول والثانية والثالث واستخدمت الأحزاب المؤسسة العسكرية لتمرير اجندتها بتنفيذ الانقلابات والمحاولات الانقلابية لكن التجربة الانتقالية مختلفة تماما بحيث يمتلك العسكر اقتصاد وعلاقات خارجية... الخ الخروج من الأزمة السياسية لا يتأتى الا من خلال عقد مؤتمر للوفاق الوطني ووضع ثوابت وطنية أو مباديء فوق دستورية تؤكد على فدرالية الدولة ورئاسة نظام الحكم والعدالة والحرية والتداول السلمي للسلطة... الخ وينبغي أن يكون المؤتمر الدستوري شامل وجامع يضم كل السياسيين والأحزاب السياسية الا من ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية وجرائم الفساد. حتى يتثني لنا وضع دستور دائم متفق عليه. 3_الانتقال الديمقراطي بالرغم من أن التحديات صعبة ومعقدة لكن لابد من معالجة الاختلالات والاشكالات كمرحلة ضرورية للانتقال الديموقراطي باعتماد إطار قانوني للعملية الانتخابية بالإضافة إلى مفوضية انتخابات متقف عليها ولاياتي ذلك لا بعد التوصل إلى اتفاق سلام آخر يشمل الحركات والفصائل غير الموقعة على سلام جوبا فإذا لم تتحقق المطلوبات أعلاه وبعض القضايا المرتبطة بملف العدالة الانتقالية وقضايا النازحين واللاجئين فإننا سوف نكرر تجربتي أكتوبر وأبريل. محمد تورشين 25 فبراير 2021 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.