"على سلبياتها" هو توفيق من الله وصبر من الشعب الكريم الصفات لقد خرج علينا الدكتور مستشار الرئيس بتصريح مثير للجدل في توقيت ومرحلة مفصلية يمر بها السودان وهو يواجه ذورة التصعيد العالمي المستهدف لوحدته والنيل من خيراته ، في وقت نحتاج فيه أكثر من أي وقت مضى إلى التلاحم الشعبي الذي يمثل طوق النجاة للسودان مما يحدق به من مخاطر ومآلات مدمرة. لقد رأى العالم كله وقفة هذا الشعب الأبي وتلاحمه مع رئيسه ورمزه مما أدة إلى حدة التشدد التي كانت سائدة في العالم لأنه يدرك تماماً أن شعب السودان عصي على التركيع والتطويع وأنه لا يخاف ولا يهاب الموت في سبيل الدفاع عن كرامته والزود عن ترابه. هذا الشعب الذي نسي في غمرة هذا المصيبة التي ألمت بالبلاد كل مآسيه وأحزانه ومعاناته وجراحاته وإختلاف البعض منه مع النظام وقف في ملحمة وطنية رائعة خلف الرئيس حتى قال عنه بعظمة لسانه أنه لم يكن يدرك أن هذا الشعب يحبه لهذه الدرجة . هذا الشعب النبيل الذي قال عنه السيد إسماعيل ما قال بعد أن حاول التنصل منه من باب أن الشينة منكورة ، لا ينكر أن ثورة الإنقاذ قد أنجزت العديد من مشاريع التنمية والبنية التحتية وحققت معدلات نمو إقتصادية معتبرة والدليل على عدم نسيان الشعب لهذه الإنجازات هو صبره على الكثير من المظاهر السلبية التي صاحبت السنين الطويلة لحكم الإنقاذ والتي بدأت بخطيئة الإستيلاء على الحكم بالقوة والتأسيس لمنطق القوة بدلاً من السير على معارج الديموقراطية ومروراً بإحالات الصالح العام وإعدامات الضباط ممن حاولوا السير على طريق الإنقاذ وإعدامات تجار العملة ومروراً بالنماذج العديدة للمحاباة والثراء الفاحش لأصحاب الحظوة والولاء وإنتهاءاً بالمعالجات الخاطئة لمشكلة دارفور .... إلا أن هذا الشعب الحصيف من خلال قراءة متوازنة رضي بالحال الذي إن قارنه مع ما سبقه وجده أفضل ثم الخوف من المجهول والتوجس مما هو قادم كان عنصرا آخر دفع الغالبية الصامتة في البلاد إلى إيثار الصمت والمراقبة وإلا فإن هذا الشعب الجسور لن تخيفه هروات الشرطة ولا غازاتها المسلية للدموع ولا دبابات الجيش عند مداخل الكباري وهو الذي حطم كيان أعتى الديكتاتوريات في زمانها. ان ما قدمته ثورة الإنقاذ من إنجازات يعد من باب الواجب وليس المن والأذى لأن هذا الشعب هو أيضاً الذي سمح لهذا الوزير أن يكون على قمة أرفع وظيفة في البلاد وأن يجوب العالم شرقاً وغرباً بإسمه ويظهر على أشهر وسائل الإعلام التي نعتها بالغباء فهل كان يعتقد أنه كان يفعل ذلك رغماً عن طوع الشعب وفوق إرادته ، ثم إن تلك الموارد التي تم بها بناء بعضاً من أسس الدولة العصرية هو ملك خالص حر لهذا الشعب وليس من جيب أحد ثم أن هذا الموظف الذي وظفته الدولة أخذ حقه كاملاً غير منقوص " دون تفصيل" . إن الموقف الحالي الذي يعيشه السودان ليس له من مخرج إلا بالوقفة الصلبة التي رأيناها لهذا الشعب الكريم النبيل وها هو ذا الصادق المهدي الذي نافح وعارض النظام ردحاً من الزمن يقول " البشير جلدنا وما بنجر فيه الشوك" وحتى الأحزاب اليسارية كان لها موقفاً مشرفاً لأنها أدركت أن الوقت الآن هو وقت التلاحم وسد الأبواب حتى لا تأتي الرياح فتقتلع كل السودان. مرة أخرى أدرك هذا الشعب وحتى الذين كانوا يجاهرون النظام بالعداء من أمثال غازي سليمان وغيره سموا وترفعوا عن كل الجراحات ووحدوا كلمتهم خلف الرئيس ومهروا بالدم وثيقة العهد على الدفاع عنه حتى الموت ، هذا الشعب الذي فعل ذلك هل يستحق أن نقول عنه أنه كان شحاتا ... وهل إذا حدث حقاً أنه عانى الأمرين في عيشته هل يستحق أن يتم نعته على الملأ " ونحن أصبحنا نعيش في عالم صغير جدا" بأنه كان يشحت ، فمن الذي تسبب في ذلك أليسوا هم الساسة فلماذا لا يوجه المستشار حديثه عن الساسة الفاسدين لماذا لا يتخير وينتقي الكلمات وهو أبو الدبلوماسية وأن يقول بكل شجاعة أن الشعب السوداني صبر علينا وتحمل أذانا له وترفع عن أخطاءنا ووقف معنا حتى وفقنا الله إلى ما نحن فيه اليوم من تغيير ومن تنمية . أليس ذلك بتوفيق من الله ثم بوفقة هذا الشعب وصبره معكم . أم أن كل الذي حدث وعلى علاته هو من محض ذكائكم وإنما أوتيتموه على علم عندكم.... الطيب مصطفى محمد - جدة