كان الملأ من قوم اوباما يتوقعون سيناريو يوم القيامة , قبل واثناء , ومباشرة بعد عملية الاستفتاء ! ولكن خيب الابالسة ظنهم ! وتمت عملية الاستفتاء , في سلاسة وهدؤ , وتماما حسب الصفقة الي ابرمها الرئيس البشير مع ادارة اوباما !
( تجميد امر قبض الرئيس البشير مقابل عملية استفتاء سلسة وفي هدؤ )
لم تتوقع ادارة اوباما ان يفرط الرئيس البشير في جنوب السودان بهذه السهولة ؟ تماما كما لم تفرط اثيوبيا في أقليم الاوقادين , وكما لم تفرط نيجريا في اقليم بيافرا , وكما لم تفرط تركيا في اقليم الاكراد , وكما لم تفرط اسبانيا في اقليم الباسك , وكما لم تفرط بريطانيا في ايرلندة الشمالية ! وكما لم تفرط اسرائيل في فلسطين !
الفرق في حالة بلاد السودان ,ان الرئيس البشير مقيد بسلاسل امر قبض اوكامبو , مما يسهل ابتزازه !
والفرق الثاني ان نظام الانقاذ قد وافق , وطواعية في عام 1997 , علي فقدان الجنوب , مقابل السماح له ( نظام الانقاذ ) بتحكيم الشريعة ( اسميأ ) في دولة شمال السودان الاسلاموية العروبية !
والفرق الثالث ان نظام الانقاذ قد وافق أن يخسر الجنوب , المشاكس والمسلح والمدعوم امريكيأ , ويتصالح مع ادارة اوباما , من اجل أن يستفرد بالمعارضة الشمالية ( عدوه الحقيقي ؟ ) , اضطهادأ , وقهرأ , وتغيبأ ! ليستمر في حكمه الانفرادي , لبعض البعض مما يتبقي من بلاد الحدادي مدادي !
ونسي نظام الانقاذ أن أنبراشه للخارج , وقمعه للداخل , ربما قاد الي مزيد من الابتزاز , والاذلال ! والي استفحال الضائقة المعيشية ! والي تفجير ثورة الجياع ! وربما أدي الى التدمير المفاجئ والمباغت لنظام الانقاذ , تماما كما حدث للنظام الديكتاتوري التونسي , الذي انهار في يوم السبت 15 يناير 2011 , محاكيا قلاع اوراق الكوتشينة !
في يوم السبت 9 يوليو 2011 , يتم تحرير شهادتي ميلاد وثلاثة شهادات وفاة !
شهادة ميلاد لدولة جنوب السودان المدنية الديمقراطية ! وشهادة ميلاد ثانية لدولة شمال السودان الاسلاموية العروبية !
شهادة وفاة لدولة السودان الجديد ( موديل قرنق – العلماني الافريقاني ) ! وشهادة وفاة ثانية لدولة السودان العريض ( موديل السيد الامام – موديل المواطنة ) ! وشهادة وفاة ثالثة للسودان الحدادي مدادي ( موديل محجوب شريف – موديل المحبة ) !
ناتي للاهم !
حسنأ ... ماهي السيناريوهات المتوقعة الحدوث في فترة الستة شهور الانتقالية ( المحك الاساس ) من يوم الاحد 9 يناير الي يوم السبت 9 يوليو 2011 ؟
وما بعدها ؟
أذ سوف يتم استيلاد , والاعلان دستوريا , عن ميلاد دولة جنوب السودان الجديدة في يوم السبت 9 يوليو 2011 !
يمكن تلخيص ثلاثة سيناريوهات , كما يلي :
السيناريو الاول – ثورة الجياع !
السيناريو الثاني – الاستقرار الاستبدادي ,
السيناريو الثالث – الحرب !
دعنا نستعرض , ادناه , وعلي حدة , كل واحد من هذه السيناريوهات الثلاثة :
السيناريو الاول – ثورة الجياع !
الحصار الثنائي ؟
نظام الانقاذ محاصر حاليأ من جبهتين :
+ الجبهة الاقتصادية ,
+ الجبهة السياسية !
مجرد احتمالات انفصال الجنوب بعد الاستفتاء , زرع الذعر , ودمر الثقة في الوضع الاقتصادي في دولة شمال السودان !
وكانت النتيجة المنطقية لانعدام الثقة هذه , هروب روؤس الاموال الوطنية خارج البلاد , وعزوف المستثمرين الاجانب في الدخول في مشاريع جديدة في دولة شمال السودان ! وادي ذلك الي ارتفاع في سعر صرف الدولار، وبالتالي الي ارتفاع جنوني , وزيادات انقاذية ( في الوقت الخطأ ) في أسعار المواد التموينية , والجازولين ! وكانت المحصلة ازدياد الضائقة المعيشية !
حالة الاحتقان الاقتصادي الحالية مرشحة للاستمرار , بل الازدياد بعد انفصال الجنوب دستوريأ في يوم السبت 9 يوليو 2011 ! خصوصأ , اذا تجددت الحرب , خلال فترة الستة شهور الانتقالية , من يوم الاحد 9 يناير الي يوم السبت 9 يوليو 2011 !
سوف تصبح الحالة كارثية اذا تجددت الحرب خلال الفترة الانتقالية !
في يوم السبت 9 يوليو 2011 , سوف تفقد دولة شمال السودان كل بترول الجنوب , ضربة لازب ! بترول الجنوب يكون حوالي 80 % من مجموع صادرات السودان , والمكون الاساسي للنقد الاجنبي ... بعد انهيار القطاع الزراعي والقطاع الصناعي ! وتدني عائد الصادرات غير البترولية الي اقل من 5% من مداخيل النقد الاجنبي !
دعنا نشير الي مثالين , من بين مئات , للزيادات الجنونية في الاسعار... الان , وقبل ان تفقد دولة شمال السودان ( بعد يوم السبت 9 يوليو 2011 ) , كل مداخيلها الدولارية من بترول الجنوب , !
كيس الرغيف وبه 5 ارغفة , اصبح يحتوي علي 3 ارغفة , بنفس الثمن ... واحد جنيه ... زيادة اكثر من 85% !
تذكرة البص من وسط الخرطوم الي جبل اولياء اصبحت باثنين جنيه بدلا من جنيه واحد ... زيادة 100% !
كل هذه الزيادات , ومثلها معها ... قبل يوم السبت 9 يوليو 2011 , عندما تتوقف ماسورة البترول الجنوبية عن التدفق !
حل هذه الغلوطية ادناه !
دولة شمال السودان تشتري قمحا كل سنة بحوالي مليار ونصف المليار دولار ! ويتم الدفع من مداخيل بترول الجنوب , الذي سوف يختفي بعد يوم السبت 9 يوليو 2011 !
بعد يوم السبت 9 يوليو 2011 , لن تستطيع دولة شمال السودان دفع هذا المبلغ , لزوال بترول الجنوب !
هل وجدت الحل ؟
هل يمكن ان يصبر الشعب السوداني في دولة شمال السودان الاسلاموية العروبية علي الجوع ؟
الجوع كافر , لن تقف في طريقه قوات الامن الذئبية , بقنابلها المسيلة للدموع , وحتي برصاصها الحي ! الم يذكرنا القران الكريم بانه سبحانه وتعالي , رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع ! في اشارة الي مفصلية مرجعية الجوع لدي بني ادم !
هل شاهدت ثورة الجياع التي اشتعلت في تونس , والتي قذفت ( يوم السبت 15 يناير 2011 ) بالنظام الديكتاتوري الاستبدادي الي مزبلة التاريخ ؟
ما الذي يمنع من اشتعالها في دولة شمال السودان , والحالة المعيشية في بلاد السودان اسوا بكثير منها في تونس !
ربما طلب الرئيس البشير من الجماهير الجائعة ان تأكل الباسطة بدلا من الرغيف ؟ بعد ان صارت كسرة حلوم ادام الاغنياء ؟
الا تري بام عينيك , يا هذا , ثورة الجياع تجتاح شوارع الخرطوم , وباقي مدن دولة شمال السودان الاسلاموية العروبية !
هاك غلوطية ثانية ؟
دولة شمال السودان تحتاج الي جازولين بما يعادل 2 مليار دولار سنوياً ، للمشاريع الزراعيه والترحيلات !
بعد يوم السبت 9 يوليو 2011 , لن تستطيع دولة شمال السودان دفع هذا المبلغ , لزوال بترول الجنوب !
أما عائد الصادرات غير البترولية , فقد تدني من 620 مليون دولار في عام 1996 , الى 322 مليون دولار في عام 2001 , الي 53 مليون دولار في عام 2010 .
هل تكفي هذه ال 53 مليون دولار في عام 2011 لدفع فاتورة الجازولين ( 2 مليار دولار ) , وفاتورة القمح ( مليار ونصف مليار دولار) ؟
الحساب بت نجيضة , كما تقول المبدعة !
والحال هكذا وهي فعلا هكذا , فسوف نشهد موت ما تبقي من المشاريع الزراعية , وبقية المصانع العاملة !
ويصبح ثمن كيس الرغيف وبه ثلاثة ميني ارغفة ثلاثة جنيهات , بدلا من جنيه واحد حاليأ !
وسوف تصير تذكرة البص من وسط الخرطوم الي جبل اولياء ستة جنيهات , بدلا من جنيهين حاليأ !
سوف يلزم الناس بيوتهم . وتقف الدورة الاقتصادية تمامأ !
تردي الحالة الاقتصادية , وغلاء المعيشة , والاحتقان الاقتصادي جبهات جاهزة للمواجهة بين الشعب السوداني , بكل طوائفه واحزابه ونحله , وبين نظام الانقاذ !
وقد بدت بوادر لهذه المواجهات الاقتصادية والجوعية بين الشعب ونظام الانقاذ في الخرطوم , ومدني , والحصاحيصا , وقبلها في عطبرة وشندي , وانحاز لمظاهرات الجوع , والضائقة المعيشية بعض عناصر القوات النظامية ( غير المسيسة ؟ ) في عطبرة , وشندي!
اذن نظام الانقاذ موعود بمحاصرة ومواجهة شعبية اقتصادية وجوعية , قبل المواجهة والمحاصرة السياسية , تماما كما حدث في تونس !
اذا بدات المواجهة , ناعمة او خشنة , ضد نظام الانقاذ فسوف يكون هامش الحريات هو أول الضحايا!
سوف يقمع نظام الانقاذ اي بوادر لمواجهات وانتفاضات شعبية ! كما حدث , من قمع وحشي وهمجي , لمظاهرات زالنجي وكلمة , ولمسيرة عناصر حزب الامة السلمية , في طريقها لاداء صلاة الجمعة ( 24 ديسمبر 2010 ) , وقبل حوالي نصف ساعة علي رفع الاذان !
سوف يرجع نظام الانقاذ الي موديل 1989 – موديل بيوت الاشباح , والتعذيب , والاغتيالات !
لا يملك نظام الانقاذ علي اي خيار اخر ! فهو لن يستطيع , كاجراء مؤقت , أن يمتص عجاجة الانتفاضة الشعبية الجوعية , باعادة الدعم للمواد التموينية والجازولين ! لانه ببساطة لا يملك علي المال اللازم لذلك ... بعد زوال بترول الجنوب , وانخفاض الصادرات غير البترولية الي حوالي 50 مليون دولار في السنة ... أي ما يكفي لاستيراد قمح اسبوعين فقط لا غير !
أحسبي يا بت يا نجيضة !
انا لحاسبين ؟
وسوف يبحث نظام الانقاذ عن كبش فداء ! وسوف يجده في المعارضة الشمالية , التي سوف يتهمها , بانها تعاديه لانها , ضد الاسلام , ضد الشريعة ... مرجعيته الجديدة , وقميص عثمانه الجديد !
سوف يقلب نظام الانقاذ الف هوبة لتحويل الصراع السياسي الي صراع ديني , صراع حول الشريعة , صراع حول الاسلام ! بدلا من الصراع الحقيقي حول لقمة الخبز , لشعب جائع !
خلال فترة التسعينيات السوداء , كان شعار نظام الانقاذ في مواجهة المعارضة الشمالية الاية 60 من سورة الانفال الكريمة :
ونجح نظام الانقاذ في تجسيد شعاره , وقهر المعارضة الشمالية , برِبَاطِ الْخَيْلِ , وَآخَرِينَ مِنْ دُونِ ذلكِ ْ!
والدليل بقائه في السلطة حتي يوم الدين هذا !
نعم ... سوف يعيد نظام الانقاذ انتاج واخراج شعاره الاستبدادي القديم , الذي اثبت نجاحه في الماضي علي ارض الواقع !
نعم ... ربما نجح نظام الانقاذ في قمع والسيطرة علي الشارع , بطرقه الوحشية ال لا ادمية , والتي لا تراعي القيم والمعاني السودانية الاصيلة !
ربما افرز هذا القمع الوحشي للشارع الشعبي , امران :
الاول :
ظهور وانتشار ظاهرة المليشيات والحركات الحاملة للسلاح , التي لم تجد متنفسأ لغبيناتها وظلاماتها في المسيرات السلمية في الشارع العام , لذئبية قوي الامن الانقاذية المسيسة , والمحتكرة للسلاح والعنف !
الثاني :
أزدياد الضغط , المعيشي من جهة , والامني من الجهة المقابلة , ودون تنفيس , ربما ولد انفجارأ عفويأ , وتسوناميأ , لا يمكن لقوي الامن الذئبية من احتوائه !
يفور التنور ! ويصبح عاليها سافلها ! وتهب العجاجة التي لا تبقي ولا تذر !
ويسقط الطاغوت السوداني تماما كا سقط الطاغوت التونسي !
خاتمة !
الموقف ضبابي ! نظام الانقاذ مصمم علي استمرار القمع , وعلي أستعمال العتلة لقتل النملة ؟ بعد ان فقد اي مرجعية شعبية , أو شرعية !
الطبقة الوسطي , قاطرة التغيير , صارت الي عربة من عربات القطار , بدلا من قاطرة لعرباته !
كل الخيارات علي الطاولة ... الا خيارأ واحدأ !
الخيار المستبعد هو موافقة نظام الانقاذ علي حكومة انتقالية قومية من التكنوكرات ... تكتب دستورأ جديدأ , وتعد لانتخابات ديمقراطية , بعد انتهاء صلاحية الدستور الانتقالي الحالي في يوم السبت 9 يوليو 2011 !
بخلاف هذا الخيار , فكل الخيارات الاخري مطروحة علي الطاولة ! بما في ذلك السودنة ... وهي حاصل جمع التونسة , والصوملة , والافغنة , والعرقنة , واللبننة , وما رحم ربك !