استمعت قبل ايام قلائل الى عمل فني راقي شديد الادهاش الى درجه استدعت مني عند سماعه للمره الثانيه استحضار جميع الحواس في حضرة عمل جميل يحتّم عليّ ان اعيد السمع كرّتين واكثر وان اكتم انفاسي امام ما اهوى من شدو يتناسب و المزاجين الخاص والعام... ذلك العمل الفني البديع من اداء مجموعه غنائيه موسيقيه اسمها((حتى نعود)) ومن هنا بدا الاندهاش.هذا الاسم الذي جمع بين الاصرار على مواصلة القيمه الانسانيه في التحدي والذي بشّرت به كلمة حتى وبين العوده كحق طبيعي لنا نحن سودانيين الشتات بفعل الانقاذ وجبروتها.واثبات حقنّا كشركاء فاعلين في مسيرة هذا الوطن العظيم....
كان العمل يتحدث عن ماساة صفيه اسحق التي امتهنت اجهزة امن النظام وكوادره المنحلّه اخلاقيا كرامة الشعب السوداني المتسامح في شخصها الكريم.ومادروا وما علموا انّ صفيه كانت اقوى من الجلّاد بفكرها وثقافتها وعلمها و انّ وقت الصمت على الظلم قد ولّى دون رجعه اذا فالعمل الفني تحدّث عن عن ماساه وقصه تراجيديه تمزق صمت كل خوف وسكون كل ليل من ليالي الكبت والاستبداد الطويلين.قصه تسبب شرخا في دواخل كل من له علاقه انتماء للانسانيه واحاسيس البشر وسموّهم الاخلافي... تجلّت عبقرية اولائك الشباب في هذا العمل انهم تغنّوا الماساه بكامل التطريب.جعلونا نتمايل طربا امام سرد الفجيعه و نبدي نواجزنا تبسما ونشخص بابصارنا في وجه السيّاف مردّدين في اذنيه ((انّك وان نلت من اجسادنا فلن تنال من ارواحنا)) وهل هنالك امل في باكر اكثر من هذا. كم احتوتني الفرحه وامتلا جوفي بالامل بعد ان اغرقني الاحباط في الوحل الاسود وتعبت روحي من سموم افاعي الزمن الاسود الداكن زمن السموم و الاختناق القاتل.زمن كسوف شمس الابداع وخسوف قمر الفكر الراقي الفن الاصيل الذي يحرّك الارواح ويضئ لها مدارج الرقي والتحضّر. انّه زمن المخبولين الذين يتبرّزون بافواههم ويتقياون من حناجرهم سموما من عينة ((اضربني بمسدسك والشريف مبسوط منّي ولا بنركب موتر ورا لا بناكل باسطة سلا)) انه الاسفاف و الهوان الانساني والفراغ العريض الذي نما فيه الطحلب وتسلّق فيه اللبلاب بارواحنا. وطفت فيه الفقاقيع على سطح ساحه خاويه من عروشها كنتاج طبيعي ومحصّله اكيده لما كان يسمى المشروع الحضاري المقبور دون غسل او دعوه بالرحمه.او لحظه من حسره شكرا مجموعة((حتى نعود)) شكرا لكاتب كلمات اغنية صفيّه وشكرا للملحّن وشكرا للموزع الموسيقي للعمل وشكرا للشباب الذين ادّوا الاغنيه بكل احترافيّه واحساس جيّد...وشكرا لله الذي اتحفنا باصواتكم..شكرا لنفسي و روحي الّتي سعت للاستمتاع بهكذا جمال واحساس وتفاؤل شكرا لكل من قرا هذه الاسطر وسلك درب ((حتى نعود))طريقا لالتماس الجمال وتطهير النفس من كل ما علق بها من شوائب واسترداد تراتيل الزمن الجميل. منذر ملاح_برسبين-استراليا 12-4-2011 monzir molah [[email protected]]