بسم الله الرحمن الرحيم أقسم سبحانه وتعالي في مُحكم تنزيله بالقلم لعظمته (ن. والقلم)، وتحدث سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه عن إزالة المنكر ، فقال(من رأي منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان)، والدين النصيحة قولا وفعلا مفروضة علينا كلنا ، والإحجام عنها يدخلنا في المساءلة لأن غض الطرف عن المنكر وعدم النصح يعتبر كأنه مشاركة في ذلك الفعل، والساكت عن الحق شيطان اخرس. السلطة الرابعة هي لسان حال الشعب ، هي بصره وسمعه وإحساسه وعبرها تحمل رسالة بين الشعب والسلطة التنفيذية في كشف القصور وتوضيح مواضع الضعف والفساد والمحسوبية والخلل أيا كان نوعه ، وفي القرآن أن من يكتم الحقيقة يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون ، وسر الديمقراطية في المعارضة ، ولا معارضة بدون فكر مستقل ، ولا استقلالية في التفكير بدون حرية فكر ، ولا قيمة لحرية التفكير بدون تعبير ، والتفكير بدون تعبير يشبه الكمبيوتر بدون شاشة ،هل يريد المسئول أو المدير أن تمر أفكارنا وأقوالنا عبر مكتبه ويبصم عليها ومن ثم تري النور؟ هل يريد منا أن نكتب أو نقول كلاما لايوقظه إن كان نائما ولا يزعجه إن كان مستيقظا ؟ أليس هذا حجر علي الفكر والرأي والكلمة؟ أين هو من قوله عليه أفضل الصلاة والتسليم: من رأي منكم منكرا فليغيره بلسانه، اللسان هنا هو القلم الذي يكشف القصور والخلل والتردي والإهمال في أداء وتحمل المسئولية ، بل وفي بعض الحالات الهروب منها ليس جبنا ولكن لعدم المقدرة علي إتخاذ الرأي الصواب أو عدم الكفاءة أو الخبرة التراكمية ، بل وعدم المشورة مع بقية أفراد الموءسسة ، هل يود إغلاق حتي مسام الأكسجين من التنفس من ذلك الهواء الذي منحنا أياه الله كما ولدنا أحرارا؟ هل يود مصادرة حريتنا التي جبلنا عليها وأن لانفتح فمنا إلا عند طبيب الأسنان أو في مكتبه ؟؟ ألم نجلس معه مرارا وتكرارا وأسدينا له النصح والمشورة في كل ما يختص بالموءسسة والتي هو علي رأسها مديرا لها ، ولكن الجميع يعلمون أن هنالك من هو أدني منه درجة بفارق كبير ولكن يعتبر هو المدير الفعلي، فماذا فعل هو من أجل تصحيح ذلك الوضع الشاذ؟ إن تفويض الصلاحيات في حدود لا غبار عليه ولكن لايمكن تفويض المسئوليات، بل تفويض المسئوليات يعتبر هروبا من المسئولية وعدم قدرة علي إتخاذ الرأي الصواب زمانا ومكانا ، أو ربما كان جبنا في قول الحق رأيا وقرارا وخوفا من الإقالة والتي كانت أكرم عندما يقف المدير حازما وحاسما وممسكا بكل خيوط مسئوليته متحملا لها، أو الإستقالة عندما يري أنه غير مرغوب فيه ولا يعتد بقراراته وآرائه مهما كانت هي للصالح العام لتلك الموءسسة والتي يتقلد هو رئاسة إدارتها ، بل إن معه كوكبة من الزملاء لو أشار عليهم لكفوه عناء تحمل الإدارة. هل يحق إختيار المدير إختيار حرا نزيها من بين من لهم الكفاءة والمقدرة والنزاهة وعُرفوا بالسيرة والسريرة وحصافة الرأي؟ هل يحق محاسبة المدير بواسطة من إختاروه وعزله ونصحه وتوجيه اللوم له إن هو أخفق أو حاد عن جادة الطريق؟ نعم لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيفنا هذا، وفي زمننا هذا فإن السيف هو القلم عبر السلطة الرابعة، ولا خير فينا إن لم يكن بين ظهرانينا من يقولها كلمة رصينة تهدي إلي تقويم وإعوجاج الإدارة، إنها ليست كلمة معارضة أو طابور خامس أو طمعا في سلطان أو جاه، بل إنها مسئولية نابعة من قيمنا وتربيتنا وعظيم أخلاقنا ومثلنا وتقاليدنا ورسالة مهنتنا الإنسانية وقداسة قسمنا . هل هنالك مكان لمدير لا يعطي موءسسته إلا الفضل من الوقت؟ موءسسة وقد إستلمتها بدرجة عالية من الكفاءة والعطاء خدمة للمواطن وهو في أسوأ حالاته، ولكن تدهورت حالتها حتي صار يرثي لها، فقد لونها وطعمها فصارت لالون لها ولا طعم، بل ربما عن قريب يتم إدخالها الإنعاش من أجل هواء أكسيرا للحياة حتي تعود إليها عافيتها وماضيها التليد ، وهذا ليس ببعيد إن خلصت النوايا خالصة لخدمة الوطن والشعب دون من أو تعالي أو كبرياء، إن الأمارة أمانة ويوم القيامة خزي وندامة، إنها مسئولية لجد عظيمة عن إدارتها بالطريقة التي تؤهلها لإداء واجبها، إن الإدارة ليست نزهة أو مزية أو تشريف، بل واجبات وحقوق، أليس كذلك؟ المسئول هو فرد في الموءسسة وليست الموءسسة في فرد المسئول، إن الصحافة لابد لها أن تحس بآلام وتطلعات المواطن، فالشعب السوداني لا حيلة له وهو يري أن إمكانيات الوطن تستغل وتبدد ، والفساد قد إستشري وعم جميع مرافق الدولة حتي التي إرتبطت بحياة المواطن وعافيته وصحته، ومع كل ذلك لا حياة لمن تنادي، ورائحة الفساد أزكمت الأنوف وإنتشرت في أحاديث المدينة ، والمدير لا يحرك ساكنا. ربما كان قدرنا ومصيرنا أن قيض الله لنا عينا نري بها وأذنا نسمع بها وقلما يسطر لنا تلك المفاسد وضميرا حيا لا يرضي غير قول الحق مهما كانت صلة القربي مع المسئول. إن سلاحنا هو القلم الذي أقسم به رب العزة، وقول المصطفي صلوات الله عليه وسلامه بأن نُغيّر المنُكر باللسان الذي هو يتجسد في قلمنا وفِكرنا وتعبيرنا دون شطط أو تنقيص أو تجريح، بل كلمة نقولها علنا صراحا نبغي من خلفها الإصلاح إن إرتأي المسئول ذلك وتنازل من برجه العاجي وجلس وتفاكر وتشاور، أما إن كان تفكيره غير ذلك ، فإن قلمنا سيظل سلاحا نحمله شاء من شاء وأبي من أبي حتي ولو كانت المتاريس و الشوك هي أمامنا وفي طريقنا لوقف الكلمة الحرة وأسداء النصح لوجه الله عبر الصحافة المقروءة، فالصحافة هي السلطة الرابعة شئتم أم أبيتم. هذا قدرنا ومصيرنا ومن كتبت عليه خطي مشاها من أجل هذا الوطن الذي أوصلنا لهذه المكانة من العلم والمعرفة ، نخدمه ونحن حفاة ردا للجميل، أهلنا دفعوا لنا وقد إقتطعوها من لقمة جوعان وكسوة عريان ولبن رضيع وكراس طالب وجرعة مريض، أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس ، كانت البيرسري والبعثة والتخصص ، كنا ننعم بتعليم وتدريب مجانا تحمّله عن كاهلنا أهلنا الغُبش في حدود المليون ميل سابقا، أفلا يُفترض علينا أن نرُد هذا الجميل؟ أفلا يُفترض علينا أن نُجاهر بالحق ونحن مسئولين نتبوأ مناصب قيادية في الدولة؟لماذا يتقوقع المسئول خلف ذلك الكرسي الدوار كأن ما يحدث في موءسسته ليس في السودان؟ إنه يسمع ويري ويشاهد ، ولكن يغض الطرف، لماذا هذا الخضوع والخنوع ؟ هل هو خوفا من المستقبل؟ المستقبل بيد الله سبحانه وتعالي ، أليس كذلك؟ إن المناصب لا تدوم، هل تدركون ذلك؟ أليس من الأفضل أن نترك السيرة العطرة والكلمة الطيبة؟ علينا أن ننظر لمن سبقونا وتبوأوا تلك المناصب وهذه الكراسي، أين هم اليوم؟ كلهم ذهبوا، بعضهم ترك سيرة عطرة وبصمات محفورة في ذاكرة التاريخ لما قدموه لموءسساتهم التي كانوا يديرونها ،وآخرون لا يذكرهم أحد إلا وإرتبطت أسمائهم وذكراهم بالفشل الذريع. إن قلم السلطة الرابعة هو هبة من الله لمن يملكون فكرا ناضجا وعقلا راجحا ورؤية ثاقبة ، ولكن تكميم الأفواه في عالمنا اليوم صار من المستحيلات لأن نقرة في كسر من الثانية ستوصل المعلومة كلمة وصورة وصوتا إلي كل العالم ، فماذا أنتم فاعلون؟؟ هل تتراجعون عن تقديم إستقالاتكم التي كثرت وتتقوقعون خلف ذلك الكرسي الدوار وتنتظرون الإقالة والتي مهما طال الزمن ستأتي ، ولكنها لن تكون بشرف وكرامة مثل الإستقالة والإصرار عليها، وغدا سيأتي ذلك النمر لأن سنة الحياة هي التبديل والتحويل، يديكم دوام الصحة وتمام العافية sayed gannat [[email protected]]