[email protected] * على ذمة التنبؤات الجوية فان الخرطوم ستشهد اليوم هطول امطار غزيرة، وكالعادة سيخرج علينا احد المسؤولين غدا ليقول أن الامطار ( قدر) نزل علينا فجأة لتبرير الفشل الذريع للحكومة طيلة سنين طويلة فى فصل الطين عن الدولة، وتحول طرق المرور الى برك سباحة وانقطاع الكهرباء وانتشار الأمراض كلما حل الخريف (فجأة) فى شهر يوليو من كل عام ...إلخ!! * وهى كما ترون نفس المبررات التى ساقها المدير التنفيذى لهيئة مياه ولاية الخرطوم فى حديثه للزميل ( التاج عثمان ) بالزميلة الغراء ( الرأى العام ) امس، حيث قال بأنهم فوجئوا بالنسبة العالية لعكورة مياه النيل الأزرق وذلك لتبرير ازمة مياه الشرب فى الولاية رغم ان اى طالب ابتدائى او اى سودانى آخر ما عدا بالطبع السيد المبجل المدير التنفيذى لهيئة مياه ولاية الخرطوم يعرف ان النيل الأزرق ينبع من الهضية الاثيوبية ويجرى مسافة 1400 كيلومتر قبل ان يصل الى الخرطوم ( فجأة)، ويُربك بعكورته العالية الشيوخ الكرام فى الهيئة والهيئات المجاورة فيهزى احدهم بان العكورة العالية ما هى الا ( قدر) حل بنا، ويهزى الآخر وأظنه المستشار الفنى للهيئة بان سبب العكورة العالية هو عمليات الحفر الجارية لتشييد كورنيش النيل!! تخيلوا نهر طوله 1400 كيلومتر ويحمل مليارات الأمتار المكعبة من المياه تعكر مياهه عمليات حفر محدودة لتشييد كورنيش لا يتجاوز طوله بضع كيلومترات قليلة .. نعم الاستشارة ( بكسر العين ) !! * ولم يقتصر الأمر على هذه الكوميديا المأساوية القدرية، بل ان الأخير ( بتاع الكورنيش ) يقول بدون مورابة بانهم كانوا أمام احد خيارين لا ثالث لهما، اما تعريض سكان الخرطوم للعطش أو مدهم بالمياه الملوثة بالطين .. يعنى بالواضح الفاضح، إما الموت بالعطش أو بالمرض. * ثم يأبى الأول ( بتاع القدر ) الا ان يتفوق عليه فى الأداء الكوميدى الرائع فبقول لأخينا ( التاج ) بأنهم فى الهيئة حريصون على انتاج مياه شرب ترضى ( الزبون ) !! تخيلوا المواطن السودانى لم يعد فى نظر الهيئة الحكومية واكرر الحكومية المسؤولة عن توفير ماء الشرب له إلا مجرد زبون فقط تتعامل معه مثلما يتعامل اى بائع آخر ، بمعنى انه لو كان فقيرا او عاجزا عن دفع ثمن الماء يجب ان يموت من العطش أو يتطفح اى موية والسلام ، اما الزبون الذى يدفع ويعطيها المال فانها تبذل اكبر قدر لارضائه، ولكن حتى هذه النظرية التجارية المحضة فانها عاجزة عن الإلتزام بها، ونشرب كلنا كدرا وطينا، والما عاجبوا يشرب من البحر!! * اليوم باذن الله تهطل الأمطار ( فجأة ) فى ولاية الخرطوم وتغرق الطرق وتتحول العربات الى غواصات برمائية وتتهاوى الاعمدة والأسلاك وتنقطع الكهرباء وتتناوبنا ورديات الذباب والبعوض، ويخرج علينا المسؤول (فجأة) ويقول لتبرير فشله لنا بأن الامطار هطلت (فجأة) ويتمنى من الله ان تكون امطار خير وبركة .. وغيب وتعال تلقانا نحنا يا نحنا نحنا، مع الاعتذار لروح المرحوم الفنان القدير الراحل هاشم ميرغنى ..!! الاخبار، 24 يوليو 2011