د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    السجن لمتعاون مشترك في عدد من قروبات المليشيا المتمردة منها الإعلام الحربي ويأجوج ومأجوج    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عتاله وعنصريه .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 25 - 07 - 2011

من مجموعه مواضيع تحت عنوان اذا وجدت نفسك فى مكان الآخرين . اقتبس لكم جزءً صغيراً . لقد دفعتنا ظروف معينه لممارسة بعض الاعمال التى لا تعتبر لسوء الحظ ( مشرفه ) مثل غسل الاطباق ، حمل النفايات ، نظافة الشبابيك ، العمل فى الحدائق ونقل مواد البناء ( طلبه ) . الا اننا كنا نعرف بأن هذه اعمال مؤقته بالنسبه لنا وسننطلق الى رزق اكبر . او سنعود الى اوطاننا عندما ( تنعدل الوطا ) ونكون فى قمة مجتمعاتنا . فلنفكر فى المساكين اللذين أتوا الى وسط السودان من المناطق المهمشه او من خارج السودان . ولم نحترمهم ولم نقدرهم .
قرأت هذه القصيده فى منتديات رفاعه واثارت اشجانى .. الرائع صلاح احمد ابراهيم عندما رحل من منزل اسرته فى العباسيه بالقرب من فريق عمايا و سكن فى فريق فلاته وعلى مرمى حجر من منزل الفنانه عائشه موسى احمد ( الفلاتيه ) . ولا تعليق فالقصيده تتحدث .
صلاح احمد ابراهيم...........الحاجة
ما سألنا وما أخبرت ، ليس ذاك بهام-
لنا وحسبنا- تعال-لها،
انها وكفى الحاجه
**
ذرعت كل افريقيا تعبر
النهر والقفر سابحة في الزحام
وتُقيم وما من مقام
ريثما تنطلق
اى ريح رات في الحدود
قيود؟
إسالوا((الحرمتان))
اى سحب لها في الجمارك او في الجنود
سدود-
تقيدها بمكان
وطيور مهاجرة مهاجرة ، سربها كل عام-
يصدر
هل قضت موسما رائعا بالورق
او تصدت لرحلتها بائتذان؟
فمضت فى الدواوين يأمرها آمر
((انتهى يومنا في غد بكّروا
واحضروا ما يسهل .. او فاصبروا
رُّب قوم عزاز
صبروا ثم آبوا بغير جواز))
وكذلك ..
كالريح ، كالسحب كالطير
ليس لها من لجام
ذرعت كل افريقيا وهى لا تفتر
وسواكن وجهتها - بحرها الأحمر
فالحجاز
إنها لآن فى شارع من مدينتنا
فانظروا
ها هى الحاجه
***
ربطت طفلها بحزام
على ظهرها - وجهه الاغبر
عظمة نتأت من عظام
مائل راسه الضخم : فرخ نعام
تطلع من بيضة دهشاً، او كما يفعل الكنغر
وسعت فى الطرق
يا ترى ما اسمها
يا ترى اى هم
جال فى جنبها وهى ام
طفلها فى الرضاع
جائع ، وهى لم...
لا يهم...
انها الحاجه
***
العناء على وجهها المستطيل
آمرُ ومطاع
والألم
صاعد ، صامد ، واصيل
وهى صامتة لا تنم
كفنت وجهها بقناع
كفها كالقدم
ذات شق بجانب شق
كبقايا ندم
في فؤاد نبيل
حملت فوق هامتها - حملها
فى تحد وفى كبرياء
ومضت ترتزق
فرشت عند هجليجة فوقها...
والنبق
تعلك الصبر فى جانبى فمها إحمرار
وأتاها الصغار
بعد طول انتظار
زحموا ظلها ضحكا وغبار
يتدافر جمعهم حولها وبهم لم تضق
قلبها مؤتلق
انها الحاجة
***
همهمت بالسلام
مال صاحبنا وهو ذو شبهة وملام...
ولبق فى الكلام
وشبق
كل أنثى لديه طعام
سائغ ، والنساء لديه سواء
فى الظلام
قال مثل مُراب لها، غامزاً فى ابتسام
ومضت منه ناب
بلعاب...
ادخلى خلف بابى المرام
ادخلى ، ادخلى
فأجابت بصوت حييِّ: حرامْ
إننى حاجّة.
***
رفعت بالذراع المدق
مس نعل السحاب
وهوت لتدق
وتدق..وتدق
سال فيها عرق
ظهرها بعذاب نطق
وهى منهمكة
كل ما تشتهى كسرة ومرق
بعد ان ينتهى
يومها فى صيام
لقمة ولإدام
ثم تفترش الأرض حامدة وتنام
بعد ذاك الرهق
انها الحاجه
***
نقرت بابهم في أمل
تتساءل هامسة عن عمل
فأطلت لها امراة ذات صدر جهام
وكفيل
ومستقل، مهيب ، ثقيل
كلما حركته احتفل
واشمخر بها فتميل
ادخلى فلدينا غسيل
دخلت ورنت فى قلق
الملابس مردومة كالجبل
والملاءات فى كومة ، لوجمل
حملوه بها لنفق
وهى لا تعترض
كلهم يفترض
إنحنت فوقها باركة
صبت الماء يغلى وبالقدمين مضت داعكة
وبكى طفلها لم يذق
لبنا ، ثديها محترق
نهريه مراطنه فاستنام
واتوا بمزيد لها - لم تقل
كثير.. فكل كثير قليل
على حاجة مثلها ذات ثوب خلق
وجسم نحيل
يصنع المستحيل
لو انفلق الصخر لا ينفلق
وعند الغروب
نفحوها الذى يتّفق
حزمت طفلها فى شحوب
وانثنت لتؤوب
هالكة
فى أزقتنا الحالكة
إنها الحاجة
***
في الطريق لها سنوات
خدنها في المهامه مات
دفنته وسارت ، كأن لم يكن
عزمها لم يهن
فلديها أمل
عاش فى صدرها واعتمل
في سموم الشقاء
فى هجير الشقاء
فى فيافي الشقاء
بالدغاش اصطفق
فى غمام برق
جاش مستمطراً واكفهرّ وكرّ ولما هطل...
أينعت بعزاء:
كونها حاجة
***
فاذا أقبل الليل والكون مات
وحان السبات
ودهدهها الكد فى عرصات الشتاء
وكف ابنها عن بكاء
رات نفسها ضيفة الله، والله قُدّامها-
على عرفات
تمد اليه العنق
وترفع وجها من البؤس يشبه باطن أقدامها
وكفين مثل العريضة محفورين بالآمها
بابلغ مما تقول اللغات
تقول له: سيدى قد وصلت ومابى سوى ان ترانى وترضى
اتيتك من آخر الأرض أقطع أرضاً- بغير دليل واذرع ارضا
واحتمل الجور والإفتئات
وكل عسير سوى أن أضيّع فرضا
وها أنا يا سيدى هاهنا لديك
وتبكى فيسقط عنها القناع
وتهوى على التراب خامشة تتراعش فى صرعة والتياع
كجارية نهش النوءُ منها الشراع
تغوص وتطفو على لُجة ، ويدفعها الموج دفعا لقاع
تقول وتخبط قبضتها الصخر:
ها أنا ذي قد وصلت ، وصلت
وينقطع القول عنها، تتمتم تبحث عنه وتلهث ثم تترجم..
تمسك بعضا وتفلت بعضا
ويعوزها فتشير كبكماء تنزو المشاعر فى قلبها كالدخان
تدمدم، تهنف بالعبرات بغير لسان
تسلسل بالدمع قصة ذاك الصراع
وتجهش فى حرقة تغتلى بالمعانى
ومن بين كل الالوف الوقوف
يرى الله سوداء جاثية في اتضاع
بلا هيبة او متاع
يرى الله إمراة أجنبية
بها عجمة وعييه
دميمة وجه يداس عليها وينهرها القوم في غلظة : اغربى يا وليه
تغمغم أعينها بالدموع ينابيع فى الصخر ثرة
وبها لهفة وتلاش عميق وبعض اكتئاب وبعض مسرة
كنفخ على البوق فى موطن سحيق بليل عميق ضنين الشعاع
وقد رقص القوم من أهلها..نشاوى ، ولكنهم في ضياع
دُمى في ضلالتهم سارحون
أسارى وفي قيدهم يمرحون
تقول: الهى تركت اليك العشيرة إذا انت اهلى وجاهى
قصدتك عبر الخُطوب الدّواهى
شققت اليك الفلا والضياع
أتيتك ظامئة في الظماء، أتيتك جائعة في الجياع
أتيتك يسخر بى الساخرون
اتيتك يمكر بى الماكرون
أتيتك عبر اغتراب مذل أهان به تارة وأهون
وها انا يكفىبانى لديك ، وانى هنا يا عظيم الرجاء
وانى انتصرت على شح نفسى ، وانى انتصرت على الآخرين
وانى ركبت اليك الملامه
لانك انت المنى والسلامه
وانى على قدميك ارتميت وانت الكريم، فهب لى كرامة
ومر ما تشاء.
***
ومن كل راكب سبّاحة فى الفضاء
ومن هو أعتى من الأعتياء
ومن عاج يبحث فى سوق مكة عن بيعة او شراء
ومن جال فى موكب الفاتحين
ومن كل ابيض خد نضير ومن كل فاغم عطر بدين
ومن دون كل الألوف الوقوف
صفوفا وراء صفوف
ومن دون طائف بيت وساع
يراها ، ويعرفها ، ويهش لها
ويخاطبها باسمها وهو احفى بها
انهضى يا فلانة انى اليك امد الذراع
سمعت الذى قلته والذى لم يوات
وما هو من ذاك أخفى
يناغم لطفا ، صلاة وزلفى ، وحبا تخفّى
فازهر كاروض بالحسنات
وما كنت وحدك حين صبرت ، وحين انتصرت ، وفى الامتحان
وفى الليل بعد البلاء الرهيب ، وحين طغى ظالم وأهان
وإذ نهروك واذ شتموك واذ تركوك بغير امان
وحين بكى الطفل يوم بكيت وقد مات والده فى الطريق إليّ
وفى البحر إذ أوشك الموج أن يحتويكم
فلم تجزعوا واتكلتم عليّ
وإذ ظل قلبك تلقاء مكة ، يسبح فى النور والناس غرقى سديم
يخاطبنى بالذى يستطاع وذاك العصيّ الذي لا يواتى
تقطع كالبرق فى صلوات
كمطلع شمس وراء الشموس بايماضة فى الزمان القديم
هنيئاً..
ويرفعها قربه في النعيم المقيم
بما صبرت في حياه الجحيم
إنها الحاجه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المسكوت عنه .....
في اغسطس 1972 كنت اعمل كعتالي في ميناء مالمو و لفتره صغيره عمل معي صديقي هيرمان هندرسون و هو امريكي اسود من هيوستن تكساس و كان قد تخرج لتوه من كلية القانون في جامعة بيركلي في كالفورنيا و روني براكستون و كان قد عاد لتوه من حرب فيتنام و جعفر حسن السلمان و هو مدير بنك الان في البحرين وطنه. و ابوبكر بدوي مصطفي ابن وزير المعارف في حكومة الازهري بعد اكتوبر و يعيش الان في واشنطن و متزوج من ابنة احمد سليمان المحامي و ابن عمتي ابراهيم مجذوب مالك و يرقد الان في البكري امدرمان .
بما اننا كنا عتاله غير مسجلين فقد كنا نحضر في الصباح و نسجل ارقامنا و ننتظر العمل . و بما ان شهر اغسطس هو شهر العطله فلم نجد اي عمل لفترة اسبوع كامل و فجأه يأتي الفورمان اركسون و مساعده حاملين اللسته كالعاده و الغريب اننا كنا الوحيدين الذين اختيروا للعمل و اخذتنا سياره الي الرصيف المواجه الي مبني حوامة الساس ( هوفر كرافت ) و لدهشتنا وجدنا عربة شرطه و عربة اطفائيه و عربة اسعاف و كانت الشحنه متفجرات . و قالوا لنا انه يمكن لنا ان نعمل بطء و حسب رغبتنا .
و كطاقمين عمل لم تكن تلك الشحنه تحتاج لاكثر من ساعتين الا اننا واصلنا العمل من الثامنه صباحا الي الثانيه و النصف و عربة الشرطه و الاسعاف و الاطفائيه لا تفارق الموقع.
بعد ان حشرنا انفسنا في السياره قال روني بعد صمت طويل
Damn it ,we could have been six dead niggers .I have been in Nam, but I have never seen so much amu .
و في اليوم الثاني كان بقية العتاله يمزحون معنا و يقولون ان اريكسون عندما واجه احتاج البقيه لاعطائنا تلك المهمه في وقت انعدم فيه العمل قال لهم ان الشركه كانت ستدفع تعويضات اقل في حالة موت بعض الزنوج بالمقارنه مع السويديين .
و عند حادث مصنع يونيان كربايت في الهند و موت الالاف و العمي و التشويه لم يجد الاغلبيه اي تعويضات . و في حادث لوكربي اجبرت ليبيا علي دفع عشره مليون دولار للرأس الاوربي.
في بداية مايو1963 و انا في مشروع بركة العجب في اعالي النيل و الذي يمتلكه مجموعه من تجار امدرمان احدهم خالنا عبدالله ميرغني و اخرين و يديره كمال ابراهيم بدري ، اتي شاب يعمل في مكافحة اعشاب النيل . و اقترح ان يقوم برش الترعه الرئيسيه حتي يتخلصوا من اعشاب النيل و يساعد ذلك علي انسياب الماء . فصحبته في الظهر مع الباشكاتب عبدالله الياس و عندما رجعنا في المساء للعشاء تحدث عن نوع العمل الذي يؤديه و المشاكل التي يواجهها ، و لاستلام الرشوه .
ووضح انه يجلس علي السياره الجرمك الالمانيه ذات الدفع الرباعي بينما يقوم الجنوبيون بخلط المبيدات في الفنطاس و كان يقول ( انا ما بلعب بروحي ، بخلي العبيد ديل يعملوا كل حاجه . و مره التمساح عينك كده خطف واحد منهم. و بعد شويه استمروا يشتغلوا، ما اصلو العبيد ديل ما عندهم قيمه و هم عارفين نفسهم ) .
بالاطلاع علي كل كتب المكتشفين الاوائل لافريقيا كنت اريد ان اكون فكره عن رأي الاوربيين عن الافارقه . و يبدو ان دكتور ليفنقستون الذي قضي كل حياته في افريقيا و مات في اوجيجي هو اكثرهم معقوليه الا انه يخطئ كذلك و يسخر من الافارقه الذين يذهبون الي النهر للاستحمام او لصيد السمك و قد يخطف احدهم تمساح الا انهم يعودون للنهر مرة اخري. و لكن الاوربيون قد يرون شخصا قد دهسته سياره او سائق عربه قد دهسته شاحنه و حولته الي قطعه من الهامبيرجر و بعد دقائق يركبون سيارتهم و ينطلقون باقصي سرعه، اين هو الفرق ؟.
يارفنت مارقوسيان معرف في امدرمان بارونتي و هو صاحب المتجر بالقرب من عباس رشوان تاجر الاقمشه و العم هريدي الذي يضرب بحماره المثل . كان يعمل معه شقيق الخاله مدام اوجين كوركجيان التي تسكن الان في لندن و هي والدة الاخوات هنازان شوشيق اناهيد و الاخ استيفان و خالة اصدقائنا قاري و ارتين . و عندما تعطلت المروحه في المحل اراد اثنين من الشماليين الذين يعملون في المتجر اصلاحها و كان يارفنت يطلب منهم التوقف لانه سياتي بكهربائي و كان الارمني الاخر يقول له بالمفتوح و بالعربي ( خلي البقر يموت ).
شقيقتي لمياء بدري التي تحاضر في جامعة الاحفاد قالت لاحد اولاد الجعليين الذي يعمل في الكافتيريا ( قبل مده لقيت حصاصه في الطعميه كسرت لي سني ، الليله لقيت سبيبه .) فذهب الي داخل المطبخ و احضر احد الاشقاء الجنوبيين و قال لها ( انتي الظاهر عليك بتاعت مشاكل، ده العب البرمي الطعميه ، شعر يلقاهو وين ؟ ) فقالت له لمياء ( والله تستاهل يديك كف ، كيف تقدر تقول عليهو عبد ، ما انته برضو عب بالنسبه للسعودي المشغلك ده ) ثم قالت للجنوبي ( كيف تقبل تشتغل مع ذي ده ؟ ) فانهي الجنوبي عمله معهم في نفس اليوم .
في بداية الثمنينات كان يعمل معنا كسائق سياره اخ جنوبي لطيف اسمه جاك . و في احد الايام ترك الكابتن اسامه اغا الذي كان يلعب في الزمالك وصيه بان اتصل به و تربطني صداقه بشقيقه لاعب الكره عوض فرطوق . فذهبت مع شقيقي جاك(بله) و جاك السائق و بما ان مكتب اسامه كان يواجه طلمبة البنزين شمال جامع القوات المسلحه فلقد اقترح جاك بان يعبئ السياره بالبنزين . و انهينا امرنا مع اسامه في وقت وجيز فلم نجد السياره و لم نجد جاك فسألت مسئول الطلمبه ( وين الراجل النزلنا حسه من العربيه ؟ ) فسأل ( ياتو عربيه؟) فقلت له ( المارسيدس الخضراء ) فقال ( ما شفتها) و بعد قليل يأتي جاك و يسأله نفس الشخص ( لقيت يا جاك سيوبر في الطلمبه التانيه ؟) فقلت له ( طيب ده ما الراجل السألتك منو) فقال لي بأمتعاض و كانني قد شتمت اباه ( الراجل النزلنا ! ما تقول لي العب السواق و خلاص ).و قبل ان اسدد اول لطمه الي ذلك الحقير وقف جاك(بله) بيني و بينه و قال لي ( ما كلهم بفكرو زي ده ، انته حتدق الناس كلها؟ ) .
في الطريق حكي لي بله ان احد البنائين الشايقيه في طرابلس ليبيا اخطأ في شئ فوصفه احد الليبيين بانه عبد ابن كلب و ذهب الليبي لحاله فسال احد الاخوه الجنوبيين الشايقي ( الزول ده قال شنو ) فرد عليه الشايقي ( خليك منو ده ليبي مجنون ) فقال الجنوبي ( قال ليك يا عب ، يعني في البلد دي كلنا عبيد ) .
ربطتني صداقه بجاك السائق و كان يبدو مشدودا في الاول عندما نذهب للفطور في فندق اراك او الهيلتون الا انه صار رفقه جيده عندما كنت اسوق السياره وهو بجانبي كان يعطيني ارشادات و كان يقول لي ( ما تستني الناس ، دوس دي ما اوربا ، هنا كان ما كابسته بياكلو حقك ) . و في احدي المرات ذهبت لشخص في بانت كان يطلب مني خدمه فجلست مع جاك لانتظاره في الصالون فتذكرت بعض الاوراق في السياره و عندما ذهبت لاحضارها لحقني جاك و عندما رجعت بالاوراق قال لي صاحب الدار ( ما معقول تدخل لي العب السواق في صالوني ، حسه كان جا زول يقول شنو؟) فقلت له ( السواق الانته طردته ده احسن منك .) و خرجت و الغريبه هذا الشخص لم يكن اصله من شمال السودان و يمكن ان يصنف في الشمال كعبد . و هذا النوع اسوأ الانواع لانه متنكر لاصله و يحاول ان يكون شيئا ليس هو، ككل اهل الشمال الذين يوهمون انفسهم بانهم عرب و هم في نظر العرب عبيد حقراء .
..... ونواصل
شوقي بدرى
Shawgi Badri [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.