قام الأستاذ حسين خوجلي من خلال صحيفته "ألوان" بدور كبير في الحملة الإعلامية المنسقة التي شنتها الجبهة القومية الاسلامية خلال فترة الديموقراطية الثالثة على النظام الدميموقراطي ككل ورموزه واستخدمت مفردات جديدة ينقصها الحياء في وصف بعض الوزراء ولم يسلم أحد من ألفاظ "ألوان" حتى رئيس مجلس رأس الدولة نفسه السيد أحمد الميرغني عليه رحمة الله وأطلقت ألوان حسين خوجلي ألقابا معيبة على بعض رموز النظام الديمقراطي مثل درق سيده ، توم كات، حمادة، الزرافة وغيرها من ساقط الكلام .أدى الأستاذ حسين خوجلي دوره بنجاح تام ومهد الطريق لانقلاب 30 يونيو 1989م. ورغم ذلك، فإن الأستاذ حسين خوجلي، من وجهة نظري الشخصية المتواضعة، هو أفضل مقدم برامج الحوار على شاشة التلفزيون يسنده في ذلك المام تام بموضوع الحوار وخلفية ثقافية واسعة ولغة رصينة ومهنية عالية يدير بها الحوار تتيح للضيف الفرصة الكاملة للتحدث بلا مقاطعة وذلك مقارنة بما يحدث في برنامج "أسماء حياتنا" وغيره من البرامج الحوارية، وما يحدث في قناة الشروق وفي قناة النيل الأزرق وهذه الأخيرة أقدم بعض مذيعيها على إقحام عبارة"مساء الخير عليكم" في حديثهم هذه الأيام، وهي عبارة جديدة على الأذن السودانية ولا أدري من أي قناة عربية التقطوها. الأستاذ حسين خوجلي كتب مؤخرا أنه يتمنى "أن يأتي اليوم الذي تنقرض فيه رطانات الحلفاويين والدناقلة والمساليت والزغاوة والهدندوة وتسود لغة الضاد الموحدة فلسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين" وأثارت هذه الكلمات غضب بعض الكتاب فأطلقوا نيرانهم المستحقة على حسين خوجلي، ولكني لا أري فيما كتبه الاستاذ حسين ما يثير كل هذا الاهتمام وردود الأفعال ، فالرجل كان متصالحا مع نفسه وصادقا مع غيره، وكل انسان يعطي مما عنده كما قال السيد المسيح عليه السلام، والأستاذ حسين خوجلي أعطى مما عنده فعلا، وما عنده هو نتاج العروبوية الاسلاموية المتعالية التي لا تعترف في حق الآخر في الوجود ناهيك عن حقه في أن يكون مختلفا. ماذا كانوا يتوقعون أن يعطيهم حسين خوجلي غير ذلك؟ لا أعتقد أنه يبحث عن شهرة أو مال بعد كل هذه السنوات الطويلة من التمكين،كما ذكر البعض، ولا أعتقد كذلك أنه يريد أن يتقرب من النظام فهو جزء من النظام وان بدا أنه يختلف مع النظام من حين لآخر، فهو خلاف تكتيكي وليس استراتيجي. نحن نتمنى ، ومن حقنا أن نتمنى كما تمنى حسين خوجلي ونلعن معه كما لعن " أقواما يحسدوننا على عطر الأماني" على حد كلماته ، نتمنى أن يعود التسامح من جديد للمجتمع السوداني وأن يعود جامعا للثقافات والعناصر والمعتقدات واللغات والقناعات المختلفة لأن محاولة رفض حق الآخر في الوجود هي أقصر الطرق للاحتراب والخراب كما تدل حركة التاريخ. "ان الاعتراف بالهويات في تمازجها وبالمعتقدات في تعدديتها يمدان أصحاب السلطة بوسيلة أكيدة لتحديد اختلاف وضعهم"، كما قال مارسيل جوشيه المؤرخ والفيلسوف الفرنسي، "فكلما كانت هناك تعددية شرعية أكثر، شكل التسامح اللامحدود الفضيلة المثلى التي ينبغي لحكامنا أن يتحلوا بها". إن مجرد تمني الأستاذ حسين خوجلي انقراض رطانات الحلفاويين والدناقلة والمساليت والزغاوة والهدندوة، لن يؤدي لانقراضها رغم قبح الفكرة، فالمسألة اكبر من ذلك بكثير، ولكن تمنياته يجب ألا تؤخذ في غير إطار ثقافة الاستعلاء ومنطق التفرد بامتلاك الصواب الذي لا يملك من سند سوى القوة الوقتية وحدها. (عبدالله علقم) [email protected]