تبدو الهجمة الشرسة على الصحافة تتنافى مع مبادئي حرية التعبير وفقاً لكل القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، حتى دستورنا الذي إنتهت صلاحيته بنهاية اتفاقية السلام الشامل وضع بين دفتيه وثقية الحقوق التي كفلت حرية التعبير والنشر، وبالرغم من ذلك تتعرض الصحافة السودانية لهجمات قوية من السلطة إلى درجة جعلتها خارج إطار الشفاعة ولو من منطلق إنها السطة الرابعة ،وحقيقة الأمر في البلدان التي تتمتع بقدر عالٍ من الديمقراطية أصبحت الصحافة هي السلطة الأولى ولها من الحقوق ما يصونها من الاعتداءات، ويصون الآخرين من اعتداءاتها عليهم إذا ضلت الطريق وإنتهكت حقوق الآخرين ، نعم نقول وبكل صدقية إن الصحافة ليست معصومة من الأخطاء مادامت فعلا إنسانيا ولكن ينبغي أن نتواضع على أسس تحفظ الصحافة وتصون كرامتها وتعصم الآخرين من أخطائها ،حتى لا يكون نهج المصادرة والإغلاق هو سيد الموقف في العلاقة بين السلطة والصحافة في حال النقد الموضوعي أو الهجوم المزاجي. لا شك في أن ظاهرة مصادرة وإغلاق الصحف التي كانت آخر ضحاياها " صحيفة "التيار" ومن قبل "صحيفة الجريدة، وألوان" ستخلق المزيد من التوتر والاحتقان باعتبار أن المنابر السلمية مطلوبة في أي مناخ سياسي مضطرب وقلق كالمناخ السياسي السوداني لأن غياب المنابر السلمية لسماع الرأي والرأي الآخر سيفتح المجال للغبن والبحث عن مواعين أقرب للعنف منها للسلم باعتبار أن حرية الصحافة هي المرآة التي تعكس الصورة الحقيقة لواقع الحريات العامة في البلد، والترمومتير الذي يقيس درجة الشفافية في تناول القضايا العامة وشخصياتها.. الحق في التعبير وحرية النشر بالتأكيد لا يعني النيل من الآخرين ولذا من إعتدت عليه الصحافة ينبغي أن يحتكم إلى القضاء الذي يمنح المظلوم الحق في التقاضي إلى أن يصل إلى المحكمة الدستورية وفي قضايا الحقوق من لم تنصفه القوانين الوطنية ، القوانين الدولية من شأنها أن تحقق الانصاف لأنها أعلى مرتبة من القوانين الوطنية ومواعينها أوسع باعتبار أن هناك تراضٍ وقبول دولي يؤكده مصادقة وتوقيع الدول عليها. علاقة السلطة والصحافة ينبغي أن تخرج من النفق المظلم وأن نطرح مسألة غياب الثقة وصفة العداوة الملازمة لهما بعيداً من أجل صحافة حرة ومسؤولة يكون الفصيل في نزاعاتها مع الآخرين دهاليز المحاكم وأحكام القضاء. الجريدة fatima gazali [[email protected]]