إن شعب الجنوب ونخبته الضعيفة المتبقية التي لم يكن لها أي وزن سياسي جدي بعد الانفصال علي الرغم من قيام دولتهم المستقلة، لكننا نجد اندحار مشروع الحركة السياسي واختفاء مقومات وحدته, وانقسام جسمه الاجتماعي إلى قبائل مشتته. وقد حدث ما كان يحذر منه المراقبون ويعتبرونه خطرا حقيقيا يمكن أن ينسف مشروع الدولة الوليدة خشية أن يتصاعد التنافس السياسي في ظل الهيمنة المطلقة من قبل الحركة الشعبية بحيث يتحول إلى صراع قبلي مدمر، وواقع الأمر أن الصراعات السياسية الداخلية كثيرا ما تشكل خطرا يتخذ بعدا قبليا يفضى إلى نتائج محزنة في بعض الأحيان فعندما اختلف رياك مشار ولام أكول مع الراحل قرنق عام 1991م كانت النتيجة نشوب حرب رهيبة بين قبيلتى الدينكا والنوير أفضت إلى هلاك نحو 300 ألف مواطن في فترة زمنية وجيزة وأيضا قضى قبل ذلك عشرات الآلاف من الجنوبيين في إطار الصراعات المسلحة بين الحركة الشعبية وقبائل الإقليم الاستوائي ويعيد هؤلاء المشفقون إلى الأذهان الصراعات حول السلطة بين المجموعات العرقية في جنوب السودان، وعلى وجه التحديد مخاوف سكان الاستوائية بعد هيمنة قبيلة الدينكا، والتي أدت مع عوامل أخرى إلى انهيار اتفاقية أديس أبابا لعام 1972م، ويحذرون من تجدد الصراعات نسبة لمخاوف القبائل الصغيرة من التهميش السياسي من قبل الوحدات القبلية الكبيرة، أو من مجموعة الدينكا داخل الحركة الشعبية وخصوصا مجموعة بور. معتصم حمودة