تسلم عبد القادر(رودولف سلاطين) قبل أكثر من مائة عام عندما كان فى سودان المهدية، خطاباً من أهله فى فيينا مصحوباً بهدايا لخليفة المهدى.وقد شكره الخليفة عبد الله ود تورشين وطلب منه أن يحث أهله فى النمسا على الهجرة الى أمدرمان- جنة الله فى الأرض. ولد رودلف سلاطين باشا فى حى سانت فايت-نفس الحى الذى مات فيه- فى فيينا فى العام 1857 من عائلة يهودية الأصل. وكان جده الرابع من كبار موظفى الأمبراطورية النمساوية، فتحولت عائلته للمسيحية، ولكن عقيدتهم الدينية لم تكن راسخة.عمل رودولف فى بداية حياته بائعاً للكتب.وذهب سائحاً الى السودان وهو ابن سبعة عشرة سنة عن طريق أسوان حتى وصل الى جبال النوبة حيث مركز البعثة الكاثوليكية النمساوية.ومن ثم قصد الدخول الى دارفور.لكن من سوء حظه أن مرسوماً رسمياً صدر بمنع الأجانب من التواجد فى دارفور وذلك بسبب النزاعات وزعزعة الأمن. رجع رودولف الى الخرطوم وهنالك قابل إدوارد شنيتزر المشهور فى تأريخ السودان بأمين باشا. أشياء كثيرة جمعت بين أمين باشا و سلاطين باشا.ولا غرو أن يطلب سلاطين من أمين أن يزكيه عند حضرة الباشا غردون. ذهب أمين الى جنوب السودان ورجع سلاطين الى النمسا نزولاً عند رغبة أسرته، وشارك فى حرب البوسنة 1878.وفى أثناء وجوده فى البلقان تسلم خطاباً من الجنرال غردون باشا يدعوه للمجىء الى السودان والعمل تحت إدارته فى خدمة الحكومة المصرية والتى كانت تحت الوصاية البريطانية.فرح سلاطين فرحاً شديداً لتسلمه ذلك الخطاب، لأنه كان يحلم بمنصب كبير فى تلك البقاع النائية.رجع سلاطين من البوسنة الى فيينا وقضى فيها ثمانية أيام مع أسرته قبل أن يودعهم فى يوم 21 ديسمبر 1878 متجهاً الى السودان عن طريق تريستا ثم القاهرة.وما كان يدرى أنه سوف يغيب عن أهله سبعة عشر عاماً يرى فيها العجائب والأهوال والسيف والنار.