لا ادعي انني ضليعة في شؤون " المغنواتية " ولكن لا انكر انني استرق السوانح لمتابعة الفضاءات شرقا وغربا وهذه الرزنامة المكتظة حد التدفق لا تتيح لنا استقرارا كامل الدسم على لون احادي ولا طرب وسط هدير ماكينة الاخبار المتدفقة بلون الاحبار السوداء ودماء الشهداء فاقعة الاحمرار أجدني اضغط على ازرار الريموت كما الطفل " يلهوا ولا يجد ما يلهوا به " فتتداخل اصوات الغناء مع رزاز دم عربي الهوى غجري الفعل ومن ذات ميادين التحرير ونور شمس الاحرار وفضاءاتها المتداخلة نعم انه زمن الصخب والضجيج والدسائس والهتاف والغناء والشماتة على اكتاف وجثث الاموات والله أكبر .. وارحل .. ارحل . ضمن هذا الكوكتيل كانت المغنية السودانية " ندى القلعة " بوجهها المكلبظ الندي وخدودها الوردية وثوبها الحريري كامل التطريز " تعوس " الحديث وتلوك الالم وتغني الافراح تطبخ خبز الرقاق بإجادة كاملة الدسم وفي ركن مهندس ايضا بكامل التراث جالسة في جوف عنقريب مغطى ببرش احمر متقن الصنع بسعف النخيل وعسجد سيقان القمح ذلك السجاد الذي تقف عليه العروس بدلال لزوم " قطع الرحط " واعلان دخولها لبيت العديل والزين .. هذه " الندى " التي احدثكم عنها افسحت لنفسها مساحة واسعة في ساحة الغناء بصوتها الجبلي الجهوري وبحة مرغوبة في حبايل فن الغناء تجيد غزله بكلمات ومفردات شيئا منه عشق وهيام كعادة كثير من شعراء الغناء السوداني وبعضه حماسي وما يطلق عليه " اغاني السيرة " والتي بالضرب على الدلوكة ونقرها باطراف الاصابع تشابه أغاني العرضة بل هي رديفة لها فتنطلق الاكف بالتصفيق والزغاريد والتبشير .. انها تحرك مكامن الشوق إن كان للوطن او للمحبوبة او لعصافير الربيع و لتدفق مياه النيل معبود أهل السودان وللدميرة فيضان النيل التي في جوفها الغذاء للزرع والحيوان وليوم الحصاد . ندى كاملة الاناقة تدبج عنقها وتكدس قرب حلقومها الذي يشدو بالاغاني بعقد ذهبي يوازي أرطال على أرطال ومثلهم او يكبرهم حجما اسورة من العيار الثقيل على معصم اياديها التي تلوح بهن طيلة الحلفة التي بثتها قناة النيل الازرق ولم يتح لي هوس التلاعب بازرار الريموت حضور كامل اللقاء الذي ادارته وأنتجته الاعلامية " أم وضاح " التي حسدتها على تلك اللقيمات التي تناولتها مع مضيفتها " فطيرة بالروب " ما أحلى الرجوع اليك يا كبد الوطن ايها السامق رغم المحن وقفة الملاح العزيزة ومستحيلة لمن دخلوا افواجا وجماعات في دائرة الفقر الكريه بفعل مقطوع الطاري التي جاءت " للانقاذ " فجففت عروق شعبها واستباحت لقمة عيشهم الحلو مر. برغم متابعتي صفر لشأن المغنواتية التي تفرخهم الفضائيات من وسط الضجيج والجوع ومعسكرات اللجوء ولعبة تكنلوجيا المعلومات ولكن يبدو ان بنت القلعة حظها كبير في دنيا الشهرة التي تحفر الحفر للانزلاق في حياة الرفاهية والكد والجد وبرغم ذلك لا ينكر لها احدا صوتها الجبلي العميق الشجي وقدرتها الفائقة جذب عشاق فنها وترديد اغانيها حيث استطاعت ان تكتسح سوق الكاسيت وسطرت اسمها او حروف اغانيها على لوحات الباصات السفرية والركشات والدفارات ورقصة العروس وافراح الختان ولمة الجيران والكورة في الميدان ليس ذلك فحسب بل ما ترتديه من اثواب كاملة التطريز حريرية الملمس وهاجة الالوان لا يخلوا منها البنفسج ولون زينب والوردي المطعم بريش الطاوؤس وبالكشاكش والسكس والخرز احيانا كثيرة . ندى القلعة مغنية تجيد فن الالقاء و " القمز واللمز " بأعينها واطراف حواجبها وفي ذات الوقت لها القدرة على استعمال أياديها المخضبة باجود انواع الحناء السودانية وباطراف ثوبها المعتق ببخور الصندل تجاريها عليه بنت الجيران وبائعة الشاي وست الكسرة ومذيعات الفضائيات قبل ان يطلب منهن الاستاذ المخضرم " حمدي بدرالدين " الاعلامي السوداني من على كرسيه المتحرك في لقاء اختطفت جزء منه أن وصيته للمذيعة ان تخفف من الوان ثوبها والتباري في تطريزه ورسمه بكل الوان الطيف وبباقات لا حصر ولا عد لها من الزهور واغصان تتدلى في وسط صحارى سبل المعيشة وجفاف حلة الملاح واطفال رضع ممددين على اسرة الاستشفاء ومن يقول هذا القول يا ترى لوزيرات دولة الانقاذ وبرلمانيات سلطنة السياسة وترضياتها أنه فقط الزمن العجيب . ان كانت الاخبار تقول ان ندى القلعة تحي الحفلة بعداد يفوق الثلاثة ملايين جنيه سوداني أي ما يقارب الالف دولار امريكي الذي قفز ليهلك الغبش الميامين الصامدين غير تلك التي ادفقت تحت ارجلها في حفل جلب لها الهوى والشكوك باحدى الدول الافريقية وجرى عليها ويلات وخناجر المشككين والغيورين على حراسة الاخلاق والقيم ورفع أسمها لقائمة المغنواتية مثيري الجدل فزاد رصيد تداول سيرتها والطرب لغنائها ومحاكاة اكسسواراتها ان كانت ذهب مجمر او فالصوا عيار اربعة وعشرين برغم ذلك اهتمت بالاغاني التي تعالج قضايا المجتمع والنصائح والمضامين "كراجل السترة " التي تتناول الشهامة والكرم والظواهر السالبة واحترام الاخر خاصة المرأة كرسالة للمحافظة على العادات والموروث. ليس ندى بأجمل من أبنها اليافع في عمر الخامسة عشر او يزيد حينما يدافع عن امه " هذه اشاعات لا التفت اليها فأنا واثق من امي " أنها اجمل قبلة إمتنان ومحبة يرصعها الابن على جبين امه ورسالة لمن يلوك سيرة العباد في هذا الزمن المتسارع الخطوات والذي يحتمل كل الاتجاهات وبرافوا ايها الشبل حرستك عين الاله .. عواطف عبداللطيف [email protected] اعلامية مقيمة بقطر همسة : الموهبة لكي تنمو وتترعرع تحتاج لكثير جهد وجدية وكثير التزام وما اكثر تفريخ النجوم ويبقى القمر واحد .