اشتهر العقيد القذافى بحبه لوله الزعامة والريادة لعالمنا العربى ومحيطنا الافريقى دون مبادىء أو سقوف ، وظل يفرض نفسه وارادته ويعمل لحمل الناس على قبول مغالطاته وجلطاته الكثر ، والتصديق بأحقيته لهذه المكانة التى كم لهث لكسبها بالمال والعنف والكيد والتآمر ولم يفلح !. وعله صدق أن ما يقوم به من خروج على النص فى كل الملتقيات والمحافل الاقليمية والدولية، وما يبثه من تهريج وهراء سياسى ، وآراء فجة وشطحات فى الهواء لا يسندها واقع ولا تقف على أرجل ، هو من باب أنه رسول العناية الالهية للجميع ، والكل قد وقف على المرارات والظلم الذى أذاقه شعبه طوال أربعة عقود من الزمان والابتلاءت التى افرغت شعبه من اى نخوة او غيرة وسط صلفه وجلاديه ، والأمانى التى ظل يتشدق بها ، ووعود كتابه الأخضر وقناله العظيم ومشروعه النووى ! ، لتدور الدائرة وتتراجع الشعارات ، وتختلف حالة العداء والمواجهة والصلف تجاه الغرب ، وتتبخر الأحلام ، فينتهى الرجل الى تابع للغرب ورغباته ( بانحاءة ) داست على ماضى عنترياته وبطولاته الجوفاء وباستسلام وخنوع كامل لكل شروط هذه الدول ( الماكرة) التى أذاقت ليبيا الأمرين ، وما يدعو للشفقة أن كل ذلك تم بموجب صفقة مهينة شهد العالم على وضاعتها ، لينزوى (الزعيم الأممى ) بكل امكانات ليبيا وحرسه الرجالى والنسائى ، وقيادات ثورة الفاتح العظيم التاريخية الى أكبر أكذوبة شهدها عالمنا المعاصر، انتهت أن يطلب ( ملك ملوك افريقيا ) خلافة نجله مقابل ما قدمه من قربات يندى لها الجبين ستكشفها الأيام القادمات ليدرك الناس حجم الزعيم وقدره الحقيقى و تاريخ الرجال فى الحكم والسياسة !!! وما يهمنا من خطل هذا الحاكم أن بلادنا لم تسلم هى الأخرى من كيده ، وشعبنا يستذكر عداءه للسودان فى السابق وقصفه النهارى للاذاعة ، ومواقفه من نميرى ، التى عاقب لأجلها كل السودان فكان أن رد شعبنا بمال الكرامة حتى نعف انساننا ودولتنا . وجاءنا من قبل هذا ( الزعيم الصنم ) السلاح والفتن ويده فى حريق دارفور مشهودة ، وانخراط أمنه فى قيام حركة تحرير السودان ورعايتها وانشقاقها بين مناوى وعبد الواحد مركوزة ، ودعمه وتجهيزه لقوات خليل لدخول أمدرمان ماثل ، وسهمه فى تخريب علاقاتنا بتشاد مثبت لكل مراقب حصيف ، وفوق كل ذلك وقبله أنه أول زعيم عربى – افريقى دعم الحركة الشعبية لتحرير السودان بالمال والعتاد فى أيامها الأولى لتفتيت السودان ، حتى يبقى على زعامته الموتورة !. لذلك لم يكن مستغربا أن يقوم بدعوة رئيس حكومة الجنوب ويلتقى به ليحدثه عن نيته لدعم انفصال الجنوب وفاءا لمشروع قديم حانت ساعته ، لم يحترم فيه هذا ( القائد ) وجود البشير فى ليبيا والظروف الاستثنائية التى يعيشها السودان، وقرار القمة الافريقية تحت ( زعامته ) من سرت بدعم السودان ورفض التعاون مع الجنائية !؟. والسودان تحت قيادة البشير كان من أوئل الدول التى اخترقت الحظر المفروض على ليبيا !. يجهل هذا القائد ( الأكذوبة) مضامين ميثاق الاتحاد الافريقى ومن قبله ( منظمة الوحدة الافريقية ) بالابقاء على حدود الدول كما ورثتها من الاستعمار ، ولكن هذه المواقف الآنية له هى بعض ( هدايا ) لأمة السودان والرجل فى خواتيم أيامه المنقرضة ، والسودان يعبر المطبات والمتاريس لم يهن عليه أن يرسل بهذا السهم المسموم الى خاصرتنا فى هذا التوقيت والسودان يجتهد لصد الحروب المنطلقة باتجاهه ويدافع بشراسة عن بقائه ووجوده موحدا ومتامسكا ، ولكن بعض أذناب الغرب ممن ركعوا لمطالبه من أمثال (الزعيم الليبى )، عز عليهم أن تنهض دولة بعزتها وكرامتها ، أو أن يتفرد قائد عربى – افريقى بانجازاته وصحيفته المشرفه كما يقف البشير وسط شعبه وأمته ومحيطه شامخا كالطود .... ويخطىء من يظن أن زيارات سلفاكير لبعض عواصم الاقليم ( أسمرا – طرابلس ) لأيام خلت هى لأجل دعم السلام وتسويقه أوالترويج لما تحقق من انجازات وهو يعلم رصيد حركته الصفرى فيها ، وواهم من يعتقد أن خليفة قرنق يحمل مبادىء الوحدة بين جوانحه أوحفظ السودان موحدا أرضا وشعبا لأنه فشل فى اقامة نظام راشد للحكم فى الجنوب أو به نزعة ديمقراطية ، وآثر أن يركن للغفلة وانفلات الجانحين من بقية الحرس القديم ليديروا دفة شئون الجنوب بعقلية الغابة واملاءات الأجنبى المستعمر ومخططاته ، ومطامحهم الشخصية وتطلعاتهم الحقود !. و زهد الرجل فى أن يضرب المثل فى قيادة القدوة لينهض بالاتفاق وتحمل مسئولياته الوطنية والتاريخية فى تطبيق كتاب السلام على نحو ما أبرم فكان ان استعصم بجوبا وما حولها وأضحت الخرطوم ومدن الشمال هى الأبعد فى اهتماماته وأجندته وأيام الاستفتاء فى تراجع دون ( 18 ) شهرا !. كنا نيقن أن رئيس حكومة الجنوب لا يملك أية نوايا حقيقية لانجاز الاتفاق أويخطو بمواقف داعمة على الأرض على نحو ما ظل يصدر عنه بين الحين ولآخر لارباك المتلقى وارسال الرسائل المتعددة والمفخخة( من داخل الكنيسة هذه المرة ومع احتفالات الانقاذ بعيدها العشرين ) لأنه يضمر فى داخله نزعة القتال والحرب التى غدت على رأس أجندته وهو يحشد لها السلاح والعتال والمال للحرب التى يتوهمها أمينه العام من الشمال !. لذلك فان الخلاف على نتيجة الاحصاء السكانى أو الموقف من تحكيم أبيى والانتخابات هى بعض عقبات تضعها الحركة الشعبية لتبرر لنفسها هذا التراجع وفقدان البوصلة السياسية فى هذا الوقت العصيب من عمر السلام ومحطاته !. الحركة الشعبية كشفت عن مستورها فى مؤتمر واشنطون الذى انعقد فى الثالث والعشرين من يونيو المنصرم ، حيث كانت خسارتها الاعلامية والسياسية الكبرى بأن يكشف لحلفائها تسلمها لهذه الأموال الضخمة من الدولارات التى كان من شأنها أن تقيم دولة بكاملها ، لكنها ذهبت الى الحسابا الخاصة ، وكان نصيب البنيات الاساسية فى الجنوب وحق مواطنه فى الصحة والتعليم والمياه النقية ، هو هذا التردى فى الأوضاع الأمنية والقتال العشوائى والفلتان وعدم الاستقرار وحركة الأجانب وفوضى المنظمات وتسلط رموز الحركة على الرقاب ، لتغطية سوءات الحركة وفساد قادتها ، ليهرب سلفا الى الدول ليصرفها عن جوهر معضلاته والتحديات التى انصرف عنها وقد كان معه الوقت والمال ، ليكون البديل هو أن يطلب اليها دعم الانفصال ! هل هو العجز أو تسويق أجندة من كانوا خلف الحرب قبلا أم هو المصير المظلم الذى ينتظره نتيجة الفاتورة الكبيرة التى سقط فى أن يقيم مشروعها الوحدوى ، بما كسبت يده من ضعف وتردد وحيرة وقلة ارادة فى تسيير زمام حركته التى تتهاوى بقيام تيارات جديدة من داخل الحركة وأبناء الجنوب ، وعرمان وباقان يحدثوننا عن التصالح مع الشعب والتحول الديمقراطى والحريات !، وأرض الجنوب تشهد هذه الهيمنة الأحادية والديكاتاوترية الهتلرية النازية لحركة وطائفة بل مجموعة قليلة بعينها بعدد أصابع اليد الواحدة تريد أن تملى ارادتها ليس على الجنوب فحسب بل على السودان بأكمله ليكتب ( سودانهم الجديد ) الذى يحمل فى طياته السراب كل بذور الشر والفتنة ودخيل المخططات التى ذهبت بالصومال والعراق وأفغانستان باستراتيجيات متنوعة ، ولعل اتفاق السلام الشامل يراد له أن يدخل كاحدى الآليات لهدم السلام وتمزيق الدول على نحو ما تدعو أجندة سلفاكير وهو يغادر قطار السلام بوعود خارجية مكشوفة ، وحركة له تعزز هذا التوجه الذى طالما أراد أن يتوارى عنه كى لا تعرف حقيقة ما تحمله عقلية زعيم الجنوب لأن الناس أغفلت تاريخه واعتدت بظاهر الحدث الذى أدى لمقتل قرنق وأتى به محض سخرية للقدر ، كان علينا أن نقف عنده ونحصى خطواته ومواقفه لنصل لنتيجة اليوم ودلالاتها ، بعد أن استبانت وجهته ، حتى لا يؤخذ السلام على حين غرة وتترك الساحة للحريق ليشتعل مرة أخرى ، بالمؤامرة التى تتكشف خيوطها من هذيان العقيد ، وعشم سلفا ومكر المهدى !!! .