ظل حاجب الدهشة مقروناً عند جماهير شعبنا الذين بعشقون الإطلاع مذ دخلت العربية إلي وادي النيل وأخذ الحرف يجري علي اللوح بقلم الدواية في خلاوي السودان العديدة ، وهذه نعمة من الله تعالي أن وهب أهل السودان خاصية القراءة بغض النظر عن المؤهل الأكاديمي الذي لم يكن مقياسا ذات يوم لمعدلات الثقافة والإطلاع في بلادنا . فمنذ أن دخل الكتاب إلي السودان وتتبعه الصحف والمجلات من شمال الوادي ، وهذه من حسنات الحكم الثنائي بالطبع ، ظل السودان يمارسون بشغف شديد الإطلاع علي كل شيء . ثم يدور الزمان ويتدهور الكتاب بمثلما تتدهور الصحافة بسبب قسوة الأحكام العسكرية التي لا تطيق ما يسمي بحرية الصحافة ومفردات الديمقراطية ، وقد سعت كل الحكومات العسكرية لشراء الصحافيين والكتاب ، وبخاصة في عهد الإسلام السياسي الكئيب هذا . وعندما كسدت الصحف علي كثرتها وجماليات إخراجها فإن التردي في التوزيع قد حدث ، ليس بسبب أن شعبنا أصبح غير مطلع ، ولكن بسبب أن الصحافة باتت لا تلبي له رغباته ، وقد إختفي التحليل السياسي الرصين وحل محله التطبيل ، وقد أوجدت الإنقاذ أكاديميين وملاك صحف من ضعاف النفوس لكي بخدعوا بكتاباتهم جماهير الشعب السوداني الذي كشف أمرهم تماماً بدليل غيابعم عما يجري الآن من إتفاضة ظلت تتمدد ، فيكتبون عن توزيع السكر في أعمدتهم بدلا عن مطالبتهم بتوسيع مواعين الحريات ووقف سياسة إقفال الجامعات وضرب البنات والأولاد بالعصي بواسطة الرباطة وهم ( فاقد تربوي ) إستجاب لرغبات السلطة بالمال ، خاصة وأن الرباطة قد أتوا من بيوتات فقيرة ويطلبون لقمة العيش لهم ولذويهم . وبعد كل هذا السقوط المدوي للصحافة السودانية ، بسبب أن ناشري الصحف قد إستكانوا ولم يصمدوا فإنهم أضروا كثيرا شعبنا بتوظيفهم للكفاءات الضحلة من الصحفيين حتي يستدروا عطف أصحاب السلطان ليغدقوا عليهم المال السائب ، وبرغم ذلك فإنهم يأكلون الصحافيين حقوقهم وبطريقة شرهة جدا وبإستفزاز عجيب أيضا ، ولعل شعارهم هو ( الصحفي كالكلب ، إن تمنحه القليل يلهث وإن تتركه يلهث ايضا) . ولذلك نري أصحاب الصحف – إلا القليل منهم – قد إمتلكوا القصور وأساطيل السيارات والراقي من الأراضي السكنية التي تأتي لهم كرشوة من الإنقاذ . وحين أعلن عادل الباز إغلاق صحيفته ، فإن الطاهر التوم خلق منها موضوعا في برنامجه الحواري بالنيل الأزرق ، فأتي بالعبيد مروح أمين مجلس الصحافة وهو السفير الناطق بإسم الخارجية ( دي تجي كيف يا مروح ) ، وأتي الطاهر بالدكتور ( البائع أحمد عبدالله ) الذي باع صحيفته من زماااااان وقبض مقابلها قطعتي أرض مميزة بالرياض المشتل مقابل عمارة سودانير ، وإمتلك أيضا القصر الفاخر في قاردن سيتي ، كل ذلك وصحيفته كاسدة منذ عشر سنوات ، والعجيب أن البائع هذا لايزال يلهث نحو المال ، كما أتي الطاهر بعبد الله دفع الله الذي أوصله الهندي عز الدين إلي ناشر أكبر صحيفة وهي الأهرام اليوم ، ثم باع عبدالله صديقه الهندي حسب تعليمات أبو العفين غير النافع مطلقا ، ويسانده شريكه في البيع مزمل المدلل من رئيسه الوالي وهو الآخر المدلل من الرئيس وبقية العصبة حتي ضرب السودانيون الأمثال بأن الشاب الوالي هو ( أحمد عز السودان ) بعد نجاح الثورة التي تلوح في الأفق الآن. يأتي الطاهر بأمثال هؤلاء ليتحدثوا في برنامجه ( حتي تكتمل الصورة ) وهو يعلم تمام العلم بأن الصحف مأجورة مأجورة مأجورة ياولدي !!!! عفوا طاهر حسن التوم .... برنامجك لا يتابعه إلا جماعتكم بتوع المؤتمر الوطني لأن البرنامج لا يقبل ضيوفاً إلا منهم . إذن فإن البرنامج لا يخرج عن حوارات شمولية مع مساندين لثقافة الشمول .. مش أحسن منه برنامج نجوم الغد الذي توقف ؟