مشروع خور أبو حبل الزراعي: ( السميح الزراعي) صلاح ابراهيم أردت أن أبدأ هذا المقال الذي يتحدث في الأصل عن مشروع خور أبو حبل الزراعي ، والحلم القديم جداً الذي يراود أهل هذه المنطقة وما جاورها بمد فرع مائي من مدينة كوستي علي النيل الأبيض ليعبر قيزان كردفان الشمالية حتي يستقر في تردة الرهد كمسار أولي ، ومنها يتوزع الي بقية المناطق التي طال شوقها لهذا الحدث الكبير ، ولقد ذكرت عنوان المقال بمشروع السميح الزراعي لأنه في الأصل أساس هذا المشروع ، ولأن مدينة السميح دون شك هي عاصمة القطن المطري قصير التيلة الذي يعتبر من أجود أنواع الأقطان العالمية ، حيث يتم زراعته في هذه المناطق المطيرة بطريقة منتظمة ، لتضخ لنا في النهاية بعض الدولارات العزيزة لخزينة السودان الحبيب من اليابان وبريطانيا وبعض الدول الغربية ،ولا ننسي بالطبع أجمل الأقمشة والثياب التي تأتينا من القطن السوداني قصير التيلة والتي تزين سودانيتنا باللبس الأصيل والفخم ( هذا هو الواقع قبل أن يهجر أهل كردفان الكبري، أراضي كردفان ) ، ومن أروع الأشياء يهذه المنطقة أيها الأخوة هو وجود نوعان من التربة ، لكل منها مميزاته وصفاته ، وخصائصه ، فالنوع الأول من التربة هي التربة الطينية ، وتكون غالباً في الأودية حيث يستفاد منها في زراعة بعض المحاصيل الموسمية كالقطن ،والذرة ، والخضروات ، واللوبيا، وزهرة الشمس ، أما النوع الثاني من التربة فهي التربة الرملية وهي خاصة بالمحاصيل التي تزرع في القيزان والأراضي الرملية كالدخن ، والسمسم ، والفول السوداني ، واللوبيا ، والكركدي ، والخضروات ، هذا هو الظاهر الذي جعلني أخص السميح بهذا المقال لانني عشت فيها أجمل أيامي عندما كنت صغيراً لا أعرف شيئاً عن الذي أراه وأسمع به الآن ، ولكنني أعرف الكثير عن أهل السميح السمحة ، وما جاورها من مدن الرهد وتندلتي وأم روابة وودعشانا والغبشة الخ،،،،، وأعرف الكثير عن المدرسة الأولية التي قرأت فيها بالسميح السنة الثانية والثالثة عندما جئت من مدينة الأبيض حيث مسقط رأسي ، وحيث أسكن مع أبي وأمي الي مدينة السميح لأسكن مع عمي وزوجته ، وكنت في الثامنة من عمري تقريباً ، ولكن برغم صغر سني كنت لاعب كرة قدم ممتاز ، وكان لي مشجعين كثر بالسمبح ، وكثيراً ما ذهبنا الي مدينة الرهد ولعبنا مع مدارسهم الأولية وهزمناهم كما هزمونا ، واجمل ما اذكره هو لبس الرياضة الذي يتكون من قميص من قماش البفتا وعليه زيق أحمر أو أزرق . قبل أن نخوض في حديثنا يجب أن نسمي ولاية شمال كردفان ، وولاية جنوب كردفان ، بالاسم الرمزي الكبير وهو مديرية أو ولاية كردفان الكبري حتي نتمكن من معالجة بعض المصاعب التي سوف تواجهنا ، والتي لا بد أن تواجهنا اذا أردنا معالجة الوضعية الحالية لكردفان ، ان أغلب الخيران الموجودة في ولاية جنوب كردفان مثلاً لها علاقة حميمة ووطيدة مع خور أبو حبل المعني ،الذي ينبع من مرتفعات الجبال الجنوبية من ولاية جنوب كردفان ( كردفان الكبري) ، وتغذيه تلك الخيران المنحدرة شمالاً نحو مرتفعات هضبة كردفان الجنوبية بالمياه المطيرة في فصل الخريف ،حتي منطقة جبال الداير ، ويقع مشروع السميح الزراعي ( مشروع خور أبو حبل سابقاً) في وادي تلك المنطقة ، وهو احد المشاريع التي كانت تتبع لمشاريع الزراعة الآلية بجبال النوبة ، ويقع فيه ايضاً مشروع التنمية بالرهد الذي يتبع لادارة التعاون بولاية شمال كردفان سابقاً ، وايضاً مشروع الرهد الاخضر ، وعدد من المشاريع الاهلية التي يستفيد منها مزارعي الرهد وريفها الجنوب الشرقي والسميح ، هذا هو الواقع أيها الأخوة ، وهذه هي بلادنا السمحة الحلوة في بنيها وبناتها ، وهذه هي كردفان أم غرة ام خيراً بره وجوة ، وقد حاولت جميع الحكومات التي حكمت السودان من بعد الاستقلال وحتي الآن بأن تحل مشكلة الماء الذي جعل الله منه كل شيء ، لكنها لم تقدر علي ذلك ، فبحل مشكلة توصيل الماء من مدينة كوستي الي مناطق كردفان ، نكون قد عالجنا أضخم مشكلة تحجب عنا كلمة سلة الغذاء العالمي ، ونكون قد استفدنا من المياه المهدرة سواء ان كانت مطرية أو نهرية . يعتبر مشروع خور أبو حبل الزراعي أحد اكبر مشاريع الخيران الموسمية بالسودان ، وهو ينبع من جبال النوبة بجنوب كردفان ، ويجري عبر جنوب كردفان ماراً بولاية شمال كردفان في منطقة منبسطة منتهياً الي مدينة تندلتي بالنيل الأبيض لمسافة 150كم تقريباً بمنطقة الدراسة، ويصب فيضانه في نهاية المطاف بمنطقة النيل الأبيض بكوستي ، من هنا جاءت فكرة الاستفادة القصوي من هذا الخور خاصة اذا عرفنا بأن هنالك مساحات واسعة قابلة للري تغطي مساحة تقدر بحوالى 60000 فدان اي ما يعادل (25000 هكتار) بالحوض ، تم اختيار حوالي 24000 فدان منها عرفت بأن لها قابلية كبري للري ، وهي المساحات التي تشمل مشروع السميح، ومشروع الرهد ، ومشروع الخضر وامتداداتها . ومن هنا جاءت فكرة وضع خطة عليا لإنشاء سد في أعالي مجرى خور أبو حبل من كل الحكومات ، وخاصة حكومة الانقاذ التي وضعت مشروعاً بتكلفة «25» مليون دولار لري مساحة تقدر ب (70) ألف فدان ، وإعالة من (15 20) ألف أسرة، علماً بأن الخور يعتبر من أكبر الوديان في العالم ويمتد انحداره من ولاية جنوب كردفان مرورًا بولاية شمال كردفان وصولاً إلى ولاية النيل الأبيض وأن كمية المياه المهدرة تقدرب (200) مليون متر مكعب وتتسبب في الكثير من الضرر في هذه المنطقة ، فهي تعمل على فصل الولاية إلى قسمين بسبب الفيضان بجانب فقدان عدد من الأرواح ، ودون شك أن مشروع السد يعتبر من المشروعات الإستراتيجية الرائدة ، ولا ننسي أن رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير قد أصدر توجيهًا بأن يكون هذا المشروع هو المشروع القومي للدولة ، وكشف عن تشكيل هيئة لتطوير وتنمية خور أبو حبل بقيادة أبناء كردفان وذلك بالتعاون مع السلطات الولائية ، ووزارة الزراعة بولاية شمال كردفان ، مؤكدًا أن إدارة المشروع ستتبع لوزارة الزراعة الاتحادية بغرض رفع التوعية بأهمية الخور والصرف عليه ، وقد أعلن السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير بأن هذا المشروع سيصب لمصلحة الإنسان والحيوان معاً ، بجانب الزراعة بشقيها المطرية والمروية ، ودون شك ان قيام سد يعمل لتنظيم جريان خور أبو حبل الزراعي سيساعد كثيراً علي تحقيق خطة الولاية في مجال الأمن الغذائي .. هنالك صراع حقيقي قد يكون خفي في حكومة شمال كردفان من السيد معتصم حسين زاكي الدين والي الولاية ، والسيد الفريق أول محمد بشير سليمان ( الدفعة ) وزير الزراعة ونائب الوالي لشمال كردفان لانجاح هذا المشروع بأية طريقة كانت ، وهذا في حد ذاته شيء جميل جداً من ابناء كردفان ، ولكنهم نسوا أو تناسوا بأن تقسيم مديريات السودان الي ولايات ومنها كردفان الكبري قد جعل هذا المشروع قومياً بلاً من أن يكون محلياً ، كما جعل من المستحيل أن تقوم حكومة ولاية شمال كردفان بهذا المشروع القومي لوحدها ، لأنه اصبح قومياً ، ولأنه يمر بعدد من الولايات التي قد يصعب التفاهم أو التنسيق معها ، وأخيراً أن تكلفة هذا المشروع عالية جداً قد لا تتمكن حكومة ولاية شمال كردفان من الايفاء بها لوحدها ، اذن ما دام هذا المشروع هو المشروع الأساسي المعول عليه تنمية وتقدم هذه الولاية خاصة ، وبقية الولايات عامة ، فعلي السيد الوالي تشكيل لجنة عليا يمكن أن تسمي لجنة االأمن الغذائي لولاية شمال كردفان ، من اهم واجباتها هو تنفيذ القرارات التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية في هذا الشأن ، ولتتمكن من تحريك وزارة الزراعة الاتحادية بغرض رفع التوعية بأهمية هذا المشروع محلياً واقليمياً وعالمياً ، ووجوب الصرف عليه من الخزينة العامة أو من أي مصدر آخر ، وابراز الجانب الاقتصادي منه للجميع ،هذا هو الذي يجب أن يحصل أيها الأخوة ، ما دام السيد المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية قد أدلي بدلوه في هذه المسألة ، وحولها الي مسألة قومية بدلاً من اقليمية ، نحن نعترف بكل صراحة بأن هنالك تدني في الاداء نتيجة لأسباب عديدة ، ولكننا نعترف أيضاً بأننا جادون لاصلاح ذلك التدني والسير به الي الأمام نحو توفير سبل العيش الكريم والمستقبل الأفضل لكل السودان وليس لولاية شمال كردفان وحدها ،:وبالطبع في هذا المشروع تستطيع ولاية شمال كردفان أن نتوسع في مساحة زراعية قد تصل إلى 70ألف فدان بدلاً من المزروع الآن وهو حوالي 12 ألف فدان ، أي بزيادة 58 ألف فدان ،وسنقولها مرة أخري بأننا نتفاءل كثيرا بان يدعم هذا المشروع مسيرة الاقتصاد القومي عامة ، وولاية شمال كردفان خاصة ، لأنه هو المشروع الأساسي المعول عليه في تحقيق الأمن الغذائي ). تتميز منطقة خور أبوحبل بأنها سهلية منبسطة إلا من بعض الإختلافات المحلية لدخول بعض فروع الخيران ، وظواهر التعرية والصرف نحو الوادى الرئيسى ، ومن بعض المرتفعات والمنخفضات الطبيعية الصغيرة. للمنطقة إنحدار عام طفيف (0.1%) من الغرب الى الشرق بإتجاه النيل، ومستوى الإرتفاع فوق سطح البحر بالحوض يتراوح بين 2600 متر بجنوب كردفان الى 475 متر عند تردة الرهد الى 445 – 446 متر فوق مستوى سطح البحر عند أم روابة ، وهنالك فرعان رئيسيان للخورهما (1) خور أم تقرقر (2) وخور كجار ، حيث يتقابلان عند مدينة الرهد ليكونا المجرى الرئيسى لخور أبوحبل، وبمسافة قصيرة قبل إلتقاء خور أم تقرقر بأبى حبل فإنه يمر عبر منخفض طبيعى كبير على طول مجراه مكونًا ما يعرف بتردة الرهد. معظم الأراضى بسهول وادى أبوحبل أراضى رسوبية طينية حديثة عميقة، داكنة اللون سوداء أو بنية رمادية اللون، وهى متجانسة على طول القطاع وبناءها قوى الى متوسط التكوين. التربة ذات تصريف منخفض جدا ً إذ ان تكوينها يختلف من طينى الى سلتى طينى ومن طينى الى سلتى طينى لومى بنسبة طين (40 – 60%) وسلت (30 – 40%)، وهذا أيضا ً يؤثر على خواص التربة الطبيعية والكيميائية، وتتميز التربة بسعتها التبادلية الكاتيونية العالية وهذا يساعد على مد النبات بحاجته من المواد الغذائية. والتربة غير صودية أو ملحية وبالتالى لا تعتبر الملوحة مشكلة بالنسبة لها . نسبة الفوسفات المتيسر والنيتروجين ضئيلة وهذا النقص فى هذين العنصرين الهامين يتطلب معاملات فلاحية خاصة لضمان حد معقول من خصوبة التربة والإنتاجية، أما البوتاسيوم فهو عالى. قابلية التربة للإحتفاظ بالماء عالية ولكن معدل النفاذية داخل قطاع التربة ضعيف ويتراوح بين 0.1 الى 0.5 سم/ الساعة، وصرف المياه يعتبر من المشاكل الأساسية لهذه التربة، ويمكن رفع نسبة الصرف هذه الى 1 – 2 سم/الساعة عن طريق اللجوء الى إستعمال الآلات الزراعية وإستصلاح التربة عن طريق العمليات الفلاحية المناسبة. تمثل الزراعة التقليدية أهم الأنشطة الإقتصادية وسبل كسب العيش فى المنطقة وحتى السكان الرحل يمارسونها، والغالبية العظمى من المزارعين لهم أراضى فى المنطقة الرملية (القوز) وكذلك فى الأراضى الطينية بالوادى، ويبلغ متوسط حيازات الأراضى بمشروع السميح من 5 الى 10 فدان وفى هذه المساحة تتم زراعة محاصيل القطن، الذرة والطماطم ، وفى الطين (خارج المشروع) يبلغ متوسط الحيازة حوالى 10 فدان وفى أراضى القوز تصل المساحة الى 20 فدان يزرع منها حوالى 9 أفدنة سنوياً . أيها الأخوة ان وجود مثل هذه الحيازات فى النوعين من الأراضى ذو أهمية بالنسبة للمزارع لأنها توفر له فرصة أكبر للنجاح فيما يتعلق بالمحاصيل المزروعة ، وتضمن له التوزيع بين المحاصيل الغذائية والمحاصيل النقدية، لا سيما إذا وضع فى الإعتبار عوامل تذبذب الأمطار والآفات وإختلاف حجم المساحات التى يغمرها الفيضان في كل عام ، وتشمل المحاصل التى تزرع فى أراضى القيزان كما أشرنا من قبل الدخن- السمسم- الفول السودانى- اللوبيا- الكركدى والخضروات(البامية)، أما فى الأراضى الطينية وفى وادى الخور فأهم المحاصيل الرئيسية هى القطن، الذرة- الخضروات- (الطماطم- البامية- العجور- البطيخ) إضافةً الى اللوبيا وزهرة الشمس ، وتوجد هنالك مساحات من الزراعة المروية ذات حيازات صغيرة حول تردة الرهد وفى الأماكن التى حفرت فيها الآبار للرى فى سهل الوادى، وهذه الزراعات المروية يغلب عليها طابع الإنتاج البستانى ، ألم أقل لكم بأن هذه المنطقة من أجمل المناطق الزراعية في العالم لأنها تحتوي علي أراضي رملية وطينية في نفس الوقت ، ولها مقدرة كبيرة في تنوع المحاصيل وانتاجها . هنالك عدة وكالات تعمل فى مجال الغابات مع الهيئة القومية للغابات فى مراكزها الأربعة، (الرهد، السميح، أم روابة، الغبشة)، مثل المشروع الإقليمى لتعمير حزام الصمغ العربى لمحاربة التصحر الذى تموله الأممالمتحدة ومنظمة الساحل البريطانية بدعم من برنامج الغذاء العالمى عن طريق الغذاء مقابل العمل، هذا إضافة الى تنفيذ برنامج المشاتل الشعبية على مستوى القري، وأيضا ً هنالك منظمة إنقاذ الطفولة البريطانية التى تعمل فى مجال أنشطة الغابات. ويمثل إنتاج الصمغ العربى من أشجار الهشاب أهم المنتجات الغابية ، ومن الإستخدمات الأخرى للغابات إنتاج حطب البناء والتشييد (تستعمل الأسرة المتوسطة حوالى 72% من الحطب لأغراض التشييد و28% للوقود)، وفى هذا الجانب تمت تدخلات بواسطة مشروع التنمية الريفية لشمال كردفان بتوفير بدائل الطاقة وإدخال نمط البناء بالمواد الثابتة بالقرى المختارة بواسطة المشروع لخفض هذه النسبة والمساهمة فى إعادة الغطاء الغابى والشجرى. يمارس السكان بحوض خور أبوحبل حرف وأنشطة إقتصادية أخرى تشمل الهجرة الداخلية ، التجارة، الحرف والصناعات اليدوية وغيرها ، وأقولها بصراحة هذا هو بيت القصيد الذي عمل علي هدم كردفان الغرة أم خيراً برة وجوة ، ولا توجد صناعات كبيرة متطورة بالمنطقة عدا بعض الصناعات القليلة المتمركزة أساساً فى صناعات الزيوت والجبن فى المدن الرئيسية بأم روابةوالرهد. أيها الأخوة ان ولاية كردفان محتاجة لكم لاعادتها الي سيرتها الأولي ، فماذا انتم فاعلون ؟ تعقيب:- احسن ما كتب عن مشروع( ابو حبل ) هو ما كتبه الاخ \صلاح ابراهيم للفت نظر المسئولين لهذا المشروع الحيوي القومي وافضل ما يمكن ان تقدمه الحكومة المركزية والولائية لمواطني كردفان والسودان هذا المشروع ولو انجزت هذه الحكومات الا هذا المشروع فهذا يكفي وهذا خير من الوعود والمشاريع الورقية ونسبة لجهازيته ومالديه من بنيات تحتية تحتاج للادارة والاهتمام الشيخ:احمد التجاني البدوي ahmed altijany [[email protected]]