تتعلق المواطنة بالمسئولية الاجتماعية و تتضمن المسئولية الاجتماعية العديد من الواجبات علي الفرد مثل : احترام القانون , واحترم حرية وخصوصية الآخرين , وغيرها من الواجبات . وتدرك المسئولية الاجتماعية باعتبارها مسئولية أمام المجتمع , تحددها أعرافه وتقاليده واحتياجاته , وهي تتصل عادة بجانب الواجبات المرتبطة بأدوار الفرد في المجتمع , وهي الأدوار التي تؤدي وظائف أساسية لصالح بناء المجتمع , حيث يستوجب عدم الوفاء به العقاب من قبل المجتمع , وهو العقاب الذي يبدأ مخففا كاللوم , وينتهي إلي إنزال العقاب المادي بالشخص . علي هذا النحو تعد المسئولية الاجتماعية بنية من الواجبات والحقوق تحدد السلوك الذي ينبغي أن يطرقه الفرد تجاه المجتمع . فالمجتمع يشكل الإطار الشامل الذي تسعي كافة الأطراف الأداء مسئولياتها الاجتماعية بهدف تأكيد بقائه واستقراره. وبالتالي , فإطلاق الحريات دون قيود يؤدي بشكل حتمي إلي الفوضي من خلال الاستخدام العشوائي لهذه الحرية . فهناك قيم معنوية تعتبر أساسا لمشروعية حرية الرأي والتعبير , وبسبب مخالفة هذه القيم ظهر تجريم الانحرافات الناتجة عن هذه الحرية. لذلك فقد أكد لوك علي حق الحرية بالنسبة للفرد إلا أنه لم يعن الحرية المطلقة من كل قيود , بل قصد به الحرية في ظل القانون , فمدي ما يتمتع به الفرد من حرية يقف عند حدود حرية الآخرين كما ينظمها القانون , فالفرد حر ولكن ليس له حرية إلحاق الضرر بالآخرين . فالحرية في ظل المجتمع السياسي هي حرية في ظل القانون , وهي بالتالي مقيدة بالقانون. فالمواطنة باعتبارها الرابط الاجتماعي والقانوني بين الأفراد والمجتمع السياسي الديمقراطي تستلزم - إلي جانب الحقوق والحريات - مسئوليات والتزامات أساسية , لا تقوم للديمقراطية قائمة دونها , وهذه المسئوليات تنقسم إلي نوعين : مسئوليات تفرضها الدولة علي مواطنيها مثل دفع الضرائب , والخدمة في القوات المسلحة , وطاعة القوانين , ومسئوليات يقوم بها المواطنون طوعا مثل ممارسة النقد البناء للحياة السياسية والمدنية , والمشاركة في تحسين نوعية الحياة والدفاع عن الصالح العام والخير المشترك. إن ترسيخ المواطنة وتكريسها لا يرتكز فقط بالدستور والقوانين والتشريعات المختلفة , ولكن فضلا عن ذلك , فهو يعتمد بشكل كبير علي وجود نوع من أنواع التسامح في المجتمع والحوار والمشاركة وتقبل الرأي والرأي الآخر وقبول وتقبل التنوع والاختلاف والتعامل التعايش مع هذا الاختلاف , سواء اختلاف ثقافي أو ديني أو مذهبي أو قومي أو طبقي , وغيرها من اختلافات , فالمواطنة تهدف إلي تحقيق الاندماج بين جميع المواطنين علي اختلافهم . هذا بالإضافة إلي العمل علي نشر الوعي الفردي والجماعي في المجتمع , وهذا الوعي يجب أن يرتبط بالحقوق والواجبات , والتأكيد علي أن الحرية ليست مطلقة , فالحقوق تتوقف عندما تبدأ حقوق الآخرين , وتتفاعل مع حقوق المجتمع . الطيب خميس